خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    أمير الرياض يستقبل مديري الشرطة ودوريات الأمن    عبدالعزيز بن سعد يُدشِّن خدمات "مدني الحفير"    «التجارة الإيطالية»: المملكة أكبر اقتصاد صاعد.. وشراكاتنا توسّع الصفقات    ضبط مخالفين لنظام البيئة في القصيم    تعاون تقني بين توكلنا ومطار الملك سلمان    «غزة الإنسانية» توقف أعمالها بعد منعها توزيع المساعدات    الأمم المتحدة تطلق عملية لانتخاب أمين عام جديد لها    العلاقة بين العملاقين الصين واليابان    بطل فريق هنكوك السعودية سعيد الموري يشارك في رالي جدة بدعم مجموعة بن شيهون وشركة الوعلان للتجارة    ولي العهد والعاهل الأردني يناقشان التطورات    القيادة تهنئ رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك ورئيسة سورينام    التأكيد على أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين    من ذاكرة الزمن    «حراء».. أصالة التاريخ وروح الحداثة    «الشؤون الإسلامية» تختتم الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في كينيا    ذروة استثنائية في المسجد الحرام    أمير نجران يثمّن حصول مستشفى الملك خالد على الدرع الذهبي من "ELSO"    388.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    إنزاغي: استمرار الفوز هو الأهم بالنسبة لنا.. وليو مبدع معنا    المملكة وإيطاليا يوقعان مذكرة تفاهم في المجالات الرياضية    خماسي الريال الغاضب يهدد بإقالة المدرب ألونسو    تعزيز تنافسية بيئة الأعمال    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    "الداخلية" تسهم في إحباط محاولة تهريب مخدرات    زيارة تاريخية تصنع ملامح مرحلة جديدة    حماس تعلن تسليم جثة أسير إسرائيلي.. نتنياهو يحذر من خرق اتفاق وقف النار    «حقوق الإنسان» تطالب بالتحقيق في استهداف «عين الحلوة»    أزمة اللغة بين العامية والفصيحة    المسرح الشبابي    «مركز الموسيقى» يحتفي بإرث فنان العرب    استعرض فرصهما للشراكات العالمية..الخريف: التقنية والاستدامة ركيزتان أساسيتان للصناعة السعودية    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    غزال يقتل أمريكية أنقذته    جورجية تفقد النطق بسبب السجائر الإلكترونية    الصادرات غير البترولية تقود نمو التجارة السلعية للمملكة    الملحقية الدينية بسفارة المملكة لدى نيجيريا تختتم المسابقة الوطنية لتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره    صادرات الثروة الحيوانية تتجاوز 8.4 مليارات ريال    الهلال يتفنن برباعية على حساب الشرطة العراقي    صامطة تنهي المعاناة بشبكة تصريف للأمطار    هدنة غزة تحت تهديد بطء التنفيذ واستمرار سقوط الضحايا    اتهامات بانتهاكات واسعة في الفاشر ومساع دبلوماسية لإنهاء الحرب    وزير الرياضة يوقع مذكرة تفاهم مع السيد أنطونيو تاياني للتعاون في المجالات الرياضية بين المملكة وإيطاليا    دعم مشروع القائد ورؤيته التي تعمل على استقرار العالم    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    رسائل غير مرسلة    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    الحقيقة أول الضحايا    الشؤون الإسلامية في جازان تُشارك في اليوم العالمي للطفل    اتفاقية صحية لرفع جاهزية بنوك الدم وتوسيع نطاق حملات التبرع    مركز الملك سلمان للإغاثة يُنظِّم معرضًا لإبراز الجهود الإنسانية للمملكة في اليوم العالمي للتوائم الملتصقة بنيويورك    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    117 دقيقة لأداء العمرة    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية : تكريم الجهيمان ومؤسسة للجاسر
نشر في الحياة يوم 17 - 01 - 2001

دأب المهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية على تكريم أحد الرموز الثقافية السعودية في كل دورة من دوراته... وفي الدورة الحالية الدورة السادسة عشرة أعلن عن تكريم عبدالكريم الجهيمان لإسهاماته في مجال الأدب والصحافة ولدوره الريادي في مجال أدب الطفل وتسجيل الموروث الشفوي...
وعبدالكريم الجهيمان بلغ الثمانين، وفي كل عام حكاية وجهد وسفر. ولد الجهيمان في قرية غسلة إحدى قرى الوشم، ولا يعرف الى الآن سبب انفصال أبويه. عاش في كنف أخواله ينهل من تلك الطبيعة القاسية التي تعبر الصحراء وتترك وحشتها على القاطنين. عندما كان طفلاً لم يكن يجد أقلاماً أو دفاتر تستقبل أحلام الأطفال فجلس في الكتاب يكتب على لوح خشبي ثم يمحي ويعيد الطلاء بمادة اسمها الصالوخ يؤتى بها من عروض الجبال، وفي أحيان يكتب على الرمل. وانطلقت ذاكرة الصبي الجهيمان تبحث عن عالم متخيل عالم الأحلام والجنيات اللواتي يحلن الحياة البائسة الى جنة تنصب البؤساء أمراء. فانتقل من قريته الصغيرة الى الرياض فوجد المكان أكثر اتساعاً. وانطلق الى الدنيا. بدأ بمكة وهناك وجد العلماء يفترشون أرضية الحرم ويوزعون العلوم على مرتاديهم فجلس ليأخذ نصيبه وليتحول لاحقاً الى مدرس في معهد تحضير البعثات ثم عاد الى الرياض ليتولى ادارة مدرسة انجال ولي العهد حين كان الملك سعود بن عبدالعزيز ولياً للعهد.
يصفه الكاتب عابد خزندار الذي زامله لزمن بأن أهم مميزاته كراهيته للجهل التي دفعته الى أن يحاربه طوال حياته بإيمان عميق بأن السبب في تخلفنا وفي كل الأمراض والكوارث التي حلت بنا والأوضاع التي نعانيها مردها الى الجهل. فانتقل بين مدن المملكة مدرّساً وناشراً ورئيساً لتحرير مجلة "أخبار الظهران" يتعرف من خلالها على نبض الشارع وينشر ما يستطيع نشره ويلقي بما لا يستطيع الى سلة المهملات بعد أن يستوعب ما جاء بها. هذا المحارب العتيد للجهل كان مغرماً بعالم الجن فيروي: "عندما كنت في مدينة مكة المكرمة أثناء دراستي في المعهد السعودي أسكنتنا الحكومة في بيت بحارة المسفلة. وكان هذا البيت مشهوراً عند أهل الحارة انه تسكنه الجن. فكانوا يتحاشون السكنى فيه وكنا مجموعة من طلبة العلم نسكن فيه فيؤنس بعضنا بعضاً. وفي عطلة الصيف تفرق الطلبة، ولم يبق في هذا البيت إلا أنا. وكنت آخذ كتبي في ضوء النهار وأذهب الى الحرم لا لأذاكر دروسي وإذا جاءني النوم نمت في الحرم الى الصباح. وذات ليلة احتجت الى بعض الكتب التي في غرفتي فذهبت الى البيت لأجلبها. دخلت الغرفة وأغلقت على نفسي الباب وبقيت أبحث عن الكتاب الذي أريده ولم أشعر إلا بالباب يقرع عليّ قرعاً عنيفاً فذهبت الى الباب وقلت من يقرع الباب فلم يجبني أحد وإنما اشتد القرع حتى خشيت أن ينخلع الباب فأصابني رعب شديد فذهبت الى النافذة التي تطل على الشارع وكنت في الطابق الثالث وصحت بأعلى صوتي انقذوني ان في باب غرفتي شخصاً يكاد أن يخلع الباب. وسمعني بعض فتيان الحي فأتوا بالسراج والأعمدة وصعدوا الى الطابق الذي أنا فيه ودقوا عليّ الباب ففتحت لهم. فقالوا أين الحرامي؟ فقلت لعله صعد الى أعلى البيت فصعدوا ولم يشعروا عندما قاربوا السطح إلا بكلب أسود يتسلل من بين أرجلهم ويهبط الدرج مسرعاً فعادوا إليّ يخبروني بما رأوا ونصحوني بألا أدخل البيت ليلاً".
هذه الحادثة ربما تكون هي المفتاح لأدب عبدالكريم الجهيمان. فالكلب الأسود في الأساطير ما هو إلا جني جاء مسخه على يد ساحرة شريرة. والجهيمان عندما أورد تلك الحكاية كان مؤمناً بها إيماناً خالصاً. وهو بسردها يأخذنا الى عالمه الذي أمضى سنين عمره الطويلة مسجلاً له، فالحكايات التي كتبها للأطفال تدور في هذا الاطار. وعندما أيقن أن الحياة لا تحفل بالجنيات وعالم المردة جلس ليسترجع حكايات قديمة وأساطير عبرت الجزيرة العربية فكتب كتابه الشهير "أساطير من قلب الجزيرة العربية". كتب عالم الجن من خلال تلك الأساطير التي كانت الغذاء الفكري لتلك المجتمعات. عالم يرأف بالبسطاء ويمنحهم سحره لينتقلوا من حياة الشظف الى حياة الحلم. ولم يكن الجهيمان رجل مخيلة فقط، بل كان واعياً لحركة المجتمع ومشاركاً بالرأي ومتحملاً مسؤولية أفكاره التي يطرحها من خلال الصحافة أو كتبه. وحين لم يهتم أحد بالأدب الشفوي كان هو يسعى الى جمع وتدوين هذا الأدب من غير أن يبحث عن شهرة أو تلميع في وسائل الاعلام فعمد الى تسجيل عشرة آلاف مثل وشرحها ودوّن أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب في خمسة مجلدات. ويتمتع الجهيمان بحب تلامذته ومعاصريه، فحين أعلن عن اختياره في الدورة السادسة عشرة لمهرجان الجنادرية طوقته الكلمات من جميع محبيه فقال أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري: "ولا تزال أمام مخيلتي منه روح شفافة لا تحلم بها جمهورية افلاطون وما رأيت كهلاً ثم شيخاً في براءة الأطفال كالشيخ أبي سهيل".
ووصفه الدكتور غازي القصيبي في احدى المرات قائلاً: "يجيئنا عبدالكريم الجهيمان محملاً بأساطير الجزيرة كلها حتى لتحسبه اسطورة من أساطيرها ويروي لنا مثلاً بعد مثل حتى لتظنه أصبح بشخصه مثلاً سائراً يردده السمَّار... هذا الفتى الشيخ بعبارته التي تحمل عطر العرار ووجهه المنحوت من ضمور نجد وحياته التي زرعت الورود في قلب الشوك. هذا الفتى الشيخ أبو سهيل ذخيرة من ذخائرنا الوطنية".
على صعيد آخر أنشأ محبو ومقدرو علامة الجزيرة الراحل حمد الجاسر مؤسسة خيرية تحافظ على تراثه وتمد من عمر جهوده التي واصل احياءها الى آخر لحظات عمره، في حدث ثقافي لم تعرفه السعودية من قبل، حيث افتُتحت المؤسسة الخيرية التي تهدف الى إحياء مشاريع المؤرخ الراحل المتعددة والتي بذل حياته من أجل ترسيخها وتعميقها عبر مسيرة جاب فيها بواطن الكتب ومجاهل التاريخ. ورعى حفلة انشاء المؤسسة الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسط اهتمام المعنيين بتراث علامة الجزيرة.
وتهدف "مؤسسة الجاسر الخيرية" الى نشر التراث الثقافي للشيخ ودعم ورعاية المشروعات الخدمية في مجال الدراسات والبحوث التي كان يعنى بها تعاوناً مع مراكز البحوث الأخرى.
كما تسعى المؤسسة الى استمرار مجلة "العرب" التي أنشأها المرحوم في عام 1385 للهجرة، مستهدفة فتح مكتبته ليستفيد منها الباحثون والدارسون وضخ الكتب والمخطوطات اليها، كذلك اصدار جائزة باسم علامة الجزيرة حمد الجاسر تمنح في الدراسات المعنية بدراسة تاريخ الجزيرة العربية، وجائزة أخرى في مجال الصحافة. كما تسعى المؤسسة الى مواصلة المنتدى الأسبوعي الذي كان يقيمه الشيخ الجاسر في حياته.
"الحياة" التقت رئيس المؤسسة الشاعر الدكتور ابراهيم العواجي وأجرت معه الحوار التالي:
ما هي الكيفية التي نهضت عليها مؤسسة حمد الجاسر الخيرية؟
- شكلاً هي مؤسسة خيرية وفقاً للنظام، ومضموناً هي اطار ثقافي واسع الأبعاد يهدف الى استمرار المساهمات العلمية والبحثية التي صاغها وأبدعها وحفر الصخر من أجلها المرحوم علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر.
من صاحب الفكرة؟
- ولدت الفكرة في قلب وعلى لسان عدد كبير من تلاميذ ومريدي الشيخ حمد الجاسر.
ما أهداف المؤسسة؟
- تقوم على قاعدتين: الأولى هي المحافظة على انجازات وجهود ونهج وعصامية الشيخ حمد، والثانية تحويله الى قيمة ثقافية - وعلمية وطنية تقوم بترسيخ ما حققه هو من جهة، وتفتح آفاقاً جديدة للبحث والحوار خصوصاً في مجالات الصحافة والتاريخ والارث الثقافي. وتهدف الى المحافظة على توسيع مكتبته وندوته الخميسية، وإصدار جائزة أو أكثر في مجالات عطاءاته وفكره وايجاد قاعدة متخصصة للباحثين من المملكة والوطن العربي.
هل هي مؤسسة حكومية أم خاصة؟
- مؤسسة خاصة بحسب نظام المؤسسات الأهلية الخيرية.
من أين تحصل المؤسسة على تمويل؟
- من التبرعات مبدئياً ثم من مردود استثمار هذه الايرادات لضمان استمرار نشاطها.
كم رأس مالها؟
- لم يحدد بعد.
من هم أعضاء المؤسسة؟
- مفتوحة لكل محبي الشيخ حمد وكل المؤمنين بأهمية إحياء فكره ومنهجيته في البحث والتقصي.
عمل الجاسر بجهد في ما مضى على استمرار مجلة "العرب" فهل ستقوم المؤسسة بمواصلة اصدار هذه المجلة التي لم تتوقف طوال حياة الجاسر؟
- نعم، إن استمرار صدور المجلة في الاطار الذي وضعه من أولويات اهداف المؤسسة او المركز الثقافي وهو الأداة التنفيذية للمؤسسة.
لماذا تقتصر جائزة الجاسر على تراث الجزيرة العربية فقط... لماذا لا تتسع لتكتسب شهرة أوسع؟
- مركز حمد الجاسر للثقافة وتاريخ وتراث الجزيرة العربية هو مركز ثقافي - علمي، عربي التوجه، لكن التركيز على ما يمثل بالفعل أهم جهود الشيخ حمد الجاسر.
اقتصرت الجائزة على تراث الجزيرة وجائزة أخرى للصحافة فلماذا لا تخصص جائزة للإبداع في ظل غياب الجوائز الإبداعية؟
- لم تحدد بعد مجالات الجائزة وسيترك أمر تحديد المجالات على ما يراه مجلس أمناء المؤسسة.
هل بالإمكان تحويل بيت حمد الجاسر الى متحف يضم كل مقتنيات العلامة الجاسر؟
- هذا ما نسعى إليه جميعاً ونأمل أن يتحقق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.