رسائل الى الغابة

1 - موعد في المطر
مساءً
في موقف الباصِ،
إنتظرتُ أنجيلا،
كان المطرُ
يهمي رذاذاً
ومظلّتي تلوّنها أضواءُ المطاعمِ،
كان المنتظرون كثيرينَ
والراجلون في الشوارعِ أكثر،
زحامٌ
وضجيجُ موسيقى القبوِ
تصلني متشظيةً،
فالحاناتُ إمتلأتْ بالوافدينَ،
وأنا أنتظرُ أنجيلا،
تقدّمَ الليلُ
والشوارعٌ خلتْ
والمنتظرونَ رحلوا
والمطاعمُ أطفأتْ أنوارها
وروّادها غابوا،
بعدها إشتدّ المطرُ -
إنتصف الليلُ
وسكنت المدينةُ
وأنجيلا لم تأت.
10 - 10 - 1999
2 - السنجاب
السنجابُ يحدّقُ
بالنظراتِ المتوثّبةِ
وبالذيلِ المتقافزِ في الرّيحِ،
يحدّقُ بي
يرتابُ
ويقتربُ
الزئبقُ في خطوتهِ
وفراءُ العالمِ
يتموّجُ فيه،
لتسكنَ في هيئتهِ النسماتُ
وتورقُ فيه الشجره
حين أمرُّ
أراهُ يقشّرُ قحفَ صنوبرةٍ،
فكلانا يمضي للشجره
بحثاً عن مأدبةٍ
وكلانا يرتابُ من الأقدام العجلى!
22 - 10 - 1999
3 - رسائل إلى الغابة
سيّدتي الغابةُ
هأنذا أكتبُ لكِ،
إنّي حجرٌ منسيٌّ
في شارع بلدةْ،
لكني فكرتُ بأنْ آتي في الفجرِ إليكِ،
تجيبُ الغابةُ: أهلاً بالقادمِ،
سيّدتي الغابةُ
إني خشبٌ مجروحٌ
وعتيقٌ في منزلْ
وودِدتُ الليلةَ أنْ آتي نحوكِ،
فتجيبُ الغابةُ: أهلاً بالقادمِ،
سيّدتي الغابةُ إني أشجارٌ جالسةٌ
بين ضباب المصانع ودخان السيّاراتِ،
فأحببتُ اللحظةَ أنْ آتي صوبكِ،
فتجيبٌ الغابةُ: أهلاً بالأشجارِ
فأنتم أولادي،
سيّدتي الغابةُ
إني حيوانٌ ممروضٌ
شختُ هنا بين الجدرانِ
وأقفالِ السيّد
هلا آتي
فتجيبُ الغابةُ أهلاً بالحيواناتِ
فهم من نبضي
سيّدتي الغابةُ
اني إنسانٌ أتمنّاكِ
وأهوى لقياكِ،
تجيبُ الغابةُ: لا
ليس هناك مكانٌ للانسان بأرضي.
28 - 3 - 1999
4 - الحصان
إشتريتُ حصاناً جميلاً إليكِ،
بعينينِ برّيتينِ
وعرفٍ له لمسةٌ من حريرٍ،
إشتريتُ حصاناً صغيراً،
سأُهديكِ إيّاه،
صهوتُهُ فضّةٌ
وركابُهُ ذهبٌ،
سوف يحملكِ للنبعِ
ذي الرغوة السندسيّةِ
للحجرِ البيضويِّ المنقّطِ
مثل ريش النعامْ،
سيحملكِ الآنَ للبرقِ
انْ شئتِ فوق بساطِ الغمامْ
إلى آخر الرّيحِ
يعدو الحصانْ
يسوقُ السهولَ
ويطوي الجبالَ
ويأتي إليكِ
بأحلى المحارِ
خذيهِ إذن يا ابنتي
مسّدي ذيلهُ القهرمانْ
وطيري بعيداً
وطيري إلى اللامكانْ
15 - 3 - 1999
5 - مكعّبات
دائماً كان هناك
مكعّباتٌ للريحِ،
في الأدراجِ وبين الزوايا،
تحت السّلالم
في ذاك الخانِ القديمِ،
دائماً كان يأتي شخصٌ،
شبه عارٍ،
يرسمُ في يدهِ عيناً،
ويحملُ خرزةً شذريّةً
تنبضُ في صدرهِ،
في حواجبهِ علاماتٌ
وفي يده علقٌ،
يقولُ كلماتٍ عن الرّيحِ،
غامضةً ومُلغّزةً،
ترفعها رموزٌ تشبه المكعّبات،
ثمّ يمضي بعيداً
تدفعه الرّياحْ.
20 - 10 - 1999
* شاعر عراقي مقيم في لندن.