يعاني هيكل العمالة السعودية من خللاً يتمثل في وفرة التخصصات في أعمال الخدمات والوظائف المكتبية فيما يعاني سوق العمل نقصاً في الوظائف المهنية الفنية والزراعية على رغم ان خطة التنمية السادسة "95 - 2000" قدرت حاجة سوق العمل ب176 ألفاً من عمال الخدمات والزراعة والانتاج والبناء والنقل. وعمدت السعودية في السنوات الأخيرة الى سد الفجوة بين المتخرجين ومتطلبات سوق العمل، عبر برامج التأهيل على اختلاف اتجاهاتها في مسعىً للتخفيف من مشكلة البطالة وتزويد الراغبين في الدخول الى سوق العمل بالمهارات اللازمة. وترافق ذلك مع خطط تقنيين وتوطين التوظيف للسنوات المقبلة. وأحدث مشروع لإعادة التأهيل العلمي لخريجي الثانوية العامة والجامعيين أطلق أخيراً تحت اسم "معهد الأمير عبدالله للتأهيل العلمي" في مدينة مكةالمكرمة وهي إحدى كبريات المدن السعودية وأكثرها كثافة سكانية. ويهدف المعهد الى تسريع عملية السعودة في مشاريع الخدمات الرئيسية مثل خدمات الحج والعمرة والارشاد في الحج والفندقة والسياحة وغيرها من البرامج التي لم يكن مجرد التفكير فيها وارداً لاعتبارات مختلفة في مقدمها الاختلافات المذهبية على سبيل المثال فقط. وكان عدد من عمداء كليات الجامعات السعودية أعلن أخيراً عن فتح باب القبول لبرامج دبلومات ودورات للتخصصات التي يحتاج اليها سوق العمل مثل السكرتارية والتمريض والسجلات الطبية والفندقة والسياحة وغيرها. يستفيد من هذه البرامج والدورات حملة شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، ومدة الدراسة فيها سنة أو سنتان. جامعة أم القرى حددت نحو ما يزيد على عشرة تخصصات من خلال "كلية المجتمع" وجامعة الملك سعود كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع عشرة دبلومات للطلاب والطالبات في تخصصات التمريض، اضافة الى دبلوم فني مختبر ودبلوم فني تشخيص اشعاعي ودبلوم التسويق ودبلوم مساعدي الاخراج الاذاعي والتلفزيوني ودبلوم شبكات الحاسوب. ويأتي الاعلان عن هذه الدبلومات والدورات في اطار سياسة الجامعات بالانفتاح على القطاع الخاص والاستجابة لحاجاته من العمالة في التخصصات غير المتوافرة في عدد من المجالات. من جهة أخرى تستهدف سياسة الجامعات لجمعه إجراء الدورات ومنح الدبلومات لتخفيف العبء عن الجامعات التي فشلت في استيعاب أكثر من 65 في المئة من خريجي الثانوية العامة السنة الماضية. إذ من لا يقبل في الجامعة من خريجي الثانوية العامة يتجه الى سوق العمل، وهم غالباً ما يتوجهون الى الأعمال الكتابية والادارية التي تعاني أصلاً فائضاً في العمالة. ولذلك قد يكون من المفيد اعطاء هذا الفائض بعض المهارات الفنية خلال مدة قصيرة وتوجيههم الى سوق العمل لمواجهة حاجة القطاع الخاص. وكانت الجامعات السعودية بدأت في انشاء عمادات خدمة المجتمع بهدف تحسين العلاقة بين الجامعات وحاجات القطاع الخاص، ومد الأخير بالكفايات وتطوير المناهج التعليمية في الجامعات بما يتماشى مع حاجات سوق العمل. وجاء قرار مجلس الوزراء في جلسة 23/6/1997 لإنشاء ثلاث كليات للمجتمع في حائل وتبوك وجازان تحت اشراف وزارة التعليم العالي بمثابة خطوة كبيرة باتجاه تأهيل وتدريب الخريجين وتزويدهم بالمهارات العلمية والتقنية التي تمكنهم من العمل في المجالات العلمية والتطبيقية الحديثة. يذكر أن كليات خدمة المجتمع تأتي حلاً لمعضلة صعوبة القبول في الجامعات من جهة ولسد حاجة الذين لا يستطيعون دفع رسوم التعليم الجامعي الاهلي كما انها تركز على المجالات الفنية والتطبيقية، وهي مجالات محتكرة من قبل العمالة الوافدة بنسبة 76 في المئة. ويلاحظ ان كل هذه الأمور هي خطوات نحو إحلال تدريجي يهدف الى عدم الاضرار بمصالح القطاع الخاص ولمواجهة زيادة الطلب على الوظائف في سوق العمل السعودي.