في الجلسة التي عقدت في فرنسا، في بيت في ضاحية باريس "نوفل لو شاتو" كان يسكنه آنذاك الإمام الخميني بعد ابعاده من العراق، وضمت بعض أبرز قيادات الثورة الايرانية من الداخل والخارج، تقرر تشكيل ما سمي، في حينه "مجلس قيادة الثورة". فجمع في عضويته كلاً من المهندس مهدي بارزكان والسيد صدر حسين جوادي والسيد كثيرائي والسيد سنجابي والمهندس عزت الله سحابي من الداخل، وكلاً من الدكتور ابراهيم يزدي والدكتور أبو الحسن بني صدر والدكتور حسن حبيبي النائب الأول لرئيس الجمهورية والدكتور قطب زاده من قيادات الحركة الطالبية في الخارج، الى جانب ستة من رجال الدين هم الشيخ مرتضى مطهري والسيد محمد حسين بهشتي والشيخ هاشمي رفسنجاني والشيخ مهدوي كني والسيد الاردبيلي رئيس السلطة القضائية بعد الثورة، ثم انضم اليهم في ما بعد كل من السيد علي خامنئي وآية الله الطالقاني الذي أصبح رئيساً لهذا المجلس ثم خلفه بعد وفاته السيد بهشتي. ويلاحظ من أسماء الأشخاص المدنيين، ان اكثرهم من أعضاء حركة تحرير ايران برئاسة بارزكان، باستثناء السيد سنجابي الذي كان من الجبهة الوطنية جماعة مصدق. بينما كان الطالقاني أقرب الى "الحركة" منه الى غيرها، كما يؤكد عزت الله سحابي، عضو هذا المجلس ونجل إحدى أبرز الشخصيات التي أسهمت في صنع تاريخ ايران الحديث منذ حركة مصدق حتى انتصار الثورة 1979 والمرحلة الأولى بعدها، الدكتور يد الله سحابي شريك بارزكان في حركة تحرير ايران، وأول حكومة موقتة بعد الثورة. المهندس عزت الله سحابي، عضو مجلس قيادة الثورة، وعضو أول مجلس لخبراء الدستور، وعضو أول مجلس نيابي بعد الثورة ووزير التخطيط ورئيس هيئة التخطيط ومرشح بني صدر لتولي أول رئاسة للوزراء في عهده، والمفوض السياسي لقيادة الثورة وصاحب مشروع حل الأزمة الكردية التي نشبت بعد الثورة... أقدمت محكمة الثورة في العاصمة طهران - الشعبة الثالثة برئاسة السيد مقدسي على اعتقاله الاثنين في 26/6/2000 بتهمة المشاركة في مؤتمر برلين وتوجيه اهانات الى مقدسات النظام والثورة. في حين كان أطلق موقتاً بسند كفالة مالية مباشرة بعد عودته من برلينألمانيا منذ ما يقارب الشهرين، وكذلك أقدمت محكمة الصحافة آنذاك على اقفال المجلة التي يملكها ايران فردا - ايران الغد. ولعل التهمة الابرز التي يواجهها سحابي أمام المحكمة معاداته، او بتعبير أدق، معارضته مبدأ ولاية الفقيه، وبما يشكله من تيار سياسي يعرف بالتيار الديني - الوطني الذي شطب مرشحه الوحيد الفائز في انتخابات طهران ا لنيابية الأخيرة علي رضا رجائي، في اطار تسوية بين القائد ومجلس صيانة الدستور من جهة، ووزارة الداخلية من جهة ثانية، وكثمن اعلان النتائج النهائية لهذه المحافظة. وفي هذا الاطار، يقول عزت الله سحابي الذي التقته "الحياة" قبل نحو عشرة أيام من اعتقاله عن موقفه من ولاية الفقيه انه لم يخف هذا الموقف مذ كان الإمام الخميني، ومذ كان هو عضواً في مجلس خبراء الدستور، حين اعترض على إدراج هذا القانون في الدستور، وامتنع بعدها عن حضور جلساته احتجاجاً، متذرعاً بمسؤولية هيئة التخطيط ومتابعة الأزمة الكردية. ويضيف: "أنا حتى الآن لا أعتقد بولاية الفقيه، في حين أقبل الدستور واسلّم له وبه، وهذا هو المتعارف عليه في كل الأنظمة الديموقراطية، أي حين توافق الأكثرية 51 في المئة على قانون ما، فإن على البقية 49 في المئة المعارضة أن تسلم به كما هو، ونحن من الناحية الديموقراطية ملتزمون الدستور ولا نعتقد بولاية الفقيه، وهذا موقف ليس سرياً، بل أعلناه منذ العام 1979 في خطاب في ذكرى وفاة آية الله الطالقاني وبث عبر الاذاعة والتلفزيون قبل ذهابي في المهمة الكردية. وقد أبلغت موقفي هذا الى الإمام الخميني شخصياً، وهو على رغم موقفي هذا ومعرفته له، عمد الى تبني تقريري الذي رفعته له عن الأزمة الكردية". أما لماذا وكيف دخل مبدأ ولاية الفقيه في صلب الدستور الايراني؟ فيقول سحابي ان ذلك يعود الى أن مجموعة من الذين اعتبروا انتصار الثورة يشكل فرصة تاريخية لهم للانتقام من التيار المصدقي نسبة الى مصدق وأبرزهم كان أبناء آية الله كاشاني المعاصر لمصدق وأحد أطراف النزاع آنذاك والدكتور مظفر بقائي رئيس حزب الكادحين، فضلاً عن الدكتور حسن آيت. وفي هذه المرحلة كان الحزب الجمهوري الاسلامي برئاسة بهشتي قرر عدم التدخل في هذه القضية، في حين كانت الصحيفة الناطقة باسم "جمهوري اسلامي" بمسؤولية مير حسين الموسوي رئيس الوزراء في مهد رئاسة السيد خامنئي الذي وقف علناً الى جانب مصدق، وكتب افتتاحية بعنوان "ابن الشعب" وهاجم عضو الحزب حسن آيت. لذلك اعتبروا ان الفرصة مواتية لذلك والمدخل اليها تشكيل رأي عام لدى رجال الدين بأن تكون السلطة والادارة والدولة في أيديهم، والطريق الى ذلك لا يكون إلا عبر اقناعهم بضرورة ادخال مبدأ ولاية الفقيه ضمن الدستور. وهذا المبدأ، كما يقول الشيخ رفسنجاني في مذكراته، لم يكن مطروحاً لدى الإمام الخميني حتى عام 1979 ولا حتى لدى مجلس قيادة الثورة، على رغم ما تشكله ولاية الفقيه من عقيدة فقيه لدى الإمام الخميني، إلا أنه لم يكن متعجلاً في تنفيذها نظراً الى ما يتعلق بظروف البلاد. فالدكتور بقائي رئيس حزب الكادحين الذي كان معارضاً لرجال الدين، ولأسباب سياسية وللانتقام من منافسيه: التيار المصدقي وبارزكان والطالقاني والدكتور حسين آيت الذي قال هو نفسه، انه ذهب ومجموعة من الموافقين معه زاروا آية الله المنتظري، مع اقتراب موعد تشكيل مجلس خبراء الدستور، وقلنا له بضرورة وجود مبدأ ولاية الفقيه ضمن الدستور الذي كان مجلس قيادة الثورة كتب مسودة له نالت موافقة المراجع الدينية كالسيد الكلبايكاني والسيد المرعشي النجفي، وكذلك موافقة الإمام الخميني الذي طلب تعديل ست فقرات فيه لا علاقة لها بولاية الفقيه قبل طرحه على الاستفتاء العام. ومما قاله آيت للمنتظري ان الجماهير قامت بالثورة من أجل رجال الدين، في حين أن الدستور لا دور فيه لرجال الدين، لذلك يجب العمل على اقرار مبدأ ولاية الفقيه، وهذا الأمر يتوافق مع الاعتقادات الفقهية للشيخ المنتظري، لأنه من المعتقدين بهذا المبدأ. لذا أكد وأعلن ذلك في حديث له أواخر حزيران يونيو 1979، مطالباً بأن يكون الدستور قائماً على محور ولاية الفقيه. وعلى أي حال، فإن ولاية الفقيه طرحها أشخاص لا يعتقدون برجال الدين. واللافت في الأمر، أن الدكتور بقائي هذا، يقول سحابي، وبعد الاستفتاء على الدستور وولاية الفقيه، وفي خطاب له في احد لقاءات حزب الكادحين، قال "ان جميع المصائب في البلاد من وراء رجال الدين وبسببهم" والكلام وارد في كتاب عنه بعنوان "أفول مناضل". وأضاف مخاطباً أعضاء الحزب: "اذا أردتم التعاون مع هذه الدولة فأنا أستقيل من قيادة الحزب". ويتساءل سحابي عن أسباب هذا التحول والانقلاب في المواقف عند الدكتور بقائي، ليقول ان السبب في ذلك يعود الى رسالة وصلت الى بقائي من أحد أصدقائه، وهو أحمد احرار، يطلعه فيها على مخطط لانقلاب بقيادة هريسي بالتنسيق مع البيت الأبيض وال"سي آي إي" وقد طرح اسمه كأفضل من يمكنه أن يكون عاملاً مساعداً على نجاح الأمر. والرسالة منشورة في كتاب بعنوان "الحياة السياسية للدكتور مظفر بقائي". وقد أراني أعضاء وزارة الاستخبارات الرسالة الأصلية الأصل عندما اعتقلت في زمن رئاسة الشيخ هاشمي رفسنجاني. أما الآن فأعضاء هذا الحزب نافذون في ادارات الدولة وهم الآن حول السيد الخامنئي كمثل السيد راستي كاشاني، ومدير مكتبه الشيخ الكلبايكاني متعاطف معهم، ويحظون بدعم جامعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم. من هنا كان الموقف الايجابي الذي أعلنه الإمام الخميني قبل وفاته لمن حوله، وذلك بعدما اتضحت الأمور وظهرت صوابية الرأي والتوجهات لدى قيادات حركة تحرير ايران، في بداية الثورة عن الأسلوب الذي يجب أن تدار به شؤون الدولة والثورة. وترافق ذلك مع مراجعة من التيار الثوري لمواقفه من ذلك. فقد قال الإمام الخميني حينها "لا تطاولوا بالأذية بارزكان ويد الله سحابي وابراهيم يزدي وعزت الله سحابي لأنني أثق بدينهم واخلاصهم واعتقادهم". وفي تقويمه مرحلة رئاسة الشيخ رفسنجاني في رئاسة الجمهورية، وانطلاقاً من موقعه الاقتصادي ومعرفته بالضرورات الاقتصادية لايران، خصوصاً أنه شغل منصب رئيس هيئة التخطيط الاقتصادي وكذلك رئاسة اللجنة النيابية للمال والموازنة في أول مجلس بعد الثورة، قال عزت الله سحابي: "عندما تولى الشيخ رفسنجاني رئاسة الجمهورية، رحبت بذلك، انطلاقاً من السوابق المشتركة بيننا، وعلى اعتبار انه غير متعصب ومنغلق او بالاصطلاح "حزب اللهي". ولكونه صاحب "كاريزما" منذ أيام الإمام الخميني، فإن احتمال ارتفاع سقف النقد في أيامه ممكن. لكننا تفاجأنا أنه تقدم بخطته الخمسية الاقتصادية من دون أن يقوم بأي مشاورات مع الذين كانت لهم آراء معارضة في المرحلة السابقة. والخطة اطلعت عليها، وبما أنني كنت على معرفة بالشروط التي يضعها الصندوق الدولي والبنك الدولي، رأيت أن الخطة تشتمل عليها، ما دفعني الى أن أكتب بحثاً عام 1989 عن الموضوع، تحت عنوان "نقد الخطة الخمسية الأولى"، التي لاقت وقعاً جيداً في الأوساط المختصة والعامة، كان فيها نقد لهذه الخطة والسياسة الاقتصادية للشيخ هاشمي، وحددت فيها ما الذي يجب القيام به، فضلاً عن تشخيص الأمراض التي يعانيها الوضع الداخلي، وقلت فيها الكلام لسحابي، ان لا إمكان لتطبيق هذه الخطة من دون أن نبدأ أولاً بالإصلاح الاداري وإلغاء البيروقراطية والقضاء على الفساد والتضخم الاداري غير المجدي، فمن دون ذلك لا يمكن القيام بأي عملية اصلاحية سليمة وصحيحة، فضلاً عن رفع سقف الحريات التي تسمح للشعب بمراقبة الدولة لمنع فسادها. وأرسلت نسخة من هذا البحث الى كل من الشيخ هاشمي رفسنجاني والدكتور حسن حبيبي نائبه الأول. الا أن هذا الكلام لم يرق للشيخ هاشمي". بعدها وعلى أثر الرسالة الموجهة الى رئيس الجمهورية هاشمي رفسنجاني في شهر خرداد أيار/ مايو - حزيران/ يونيو 1990 1368 والتي وقعها 90 مثقفاً ومفكراً، وكنت بينهم الى جانب المهندس بارزكان، عمدت السلطات الأمنية الى اعتقالنا لمدة شهر. وبعد سنة على ذلك يقول سحابي، طلبت ترخيصاً لإصدار مجلة باسم ايران فردا - ايران الغد التي شرعت منذ العدد الأول لها في انتقاد البرنامج الاقتصادي للشيخ هاشمي، وقد رأينا فيه عدم قدرة على خدمة عملية الانماء والتطور، بل انه يسبب مزيداً من التخلف، لأن التطبيق السيئ لمبدأ التنوع الذي يشترطه البنك الدولي، نفذ بأسلوب فاسد، وكان عاملاً في زيادة التضخم وتفشي البيروقراطية، وارتفعت رواتب الفئة الأولى الى ما بين 1200 و2400 دولار، في بلد لا يتعدى الدخل السنوي للفرد أكثر من ألفي دولار. وأثناء مناقشة الخطة الاقتصادية داخل لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي واجه رفسنجاني سؤال اللجنة عن سبب اعتقالي فقال انه أصبح جريئاً أكثر من اللازم، لذلك كان يجب الحد من جرأته. خطة رفسنجاني الاقتصادية كانت سيئة جداً، وهي التي ضربت ايران، وزادت المشكلات الاقتصادية، الى درجة أن ادعاءاته لم تنفذ، وأحدها قوله بالانفتاح والتنوع وفتح الطريق امام الاستثمارات الخاصة والأجنبية، فلا الاستثمارات الأجنبية أتت ولا الداخلية الخاصة، وكل الاستثمارات كانت من جانب الحكومة، وقد استنفر لها المجتمع الايراني اقتصادياً، وللانصاف، وعلى رغم ان ذلك كان حكومياً، إلا أن ايران شهدت عملية تنمية واسعة. وعن تقويمه الدور السياسي للشيخ هاشمي رفسنجاني في مرحلة رئاسة السيد محمد خاتمي، قال سحابي ان الاسلوب الذي اتبعه الشيخ هاشمي ايام رئاسته في تعاطيه السياسي مع القوى الفاعلة والقائم على الحذف والإلغاء وتحالفه مع مجلس الرقابة على الدستور من أجل ابطال صلاحية مرشحي التيار اليساري لانتخابات المجلس النيابي الرابع، وكذلك مع جميع مخالفيه ومعارضيه، ومن جملتهم عباس عبدي عضو هيئة تحرير صحيفة صبح أمروز المقفلة وبهزاد نبوي نائب رئيس مجلس الشورى الآن، دفع هؤلاء الى الهجوم عليه والبدء بنقده، وخصوصاً بعد الحديث المتلفز الذي أجراه قبل الانتخابات الأخيرة وتحدث فيه بأسلوب فوقي ومتكبر، معلناً ومؤكداً أن كل الأعمال التي قام بها كانت صحيحة وجيدة، وأن ما تقوله المعارضة ليس سوى كذب، ما كان سبباً في تأليب الناس عليه، وما دفع اليسار الى البدء بحملة فضائح تطاول مرحلة رئاسته. وكان من جملة هذه الحملة الحديث المطول الذي أجرته معي سحابي صحيفة "فتح" المحظورة ونشر على عددين، وكان مؤثراً في وسط الرأي العام لأنه قدم اليه امكان فهم ماهية حكومة هاشمي رفسنجاني.. وكان من آثار هذه الحملة نجاحه الصعب في الانتخابات، التي احتل فيها المركز الثلاثين، الا انه لم يكن راضياً بذلك لأنه لا يسمح له بالوصول الى رئاسة المجلس، ما دفع الآخرين الى اعادة فرز الأصوات لتعديل وضعه، وهذا ما حدث، وبالتالي حتى يستطيعوا اخراج مرشحنا مرشح القوى الدينية - الوطنية، وقد أخرج علي رضا رجائي من لائحة الناجحين. وعن رؤيته للمرحلة الراهنة، قال سحابي ان المرحلة الآن تمر بأزمة سياسية شديدة، خصوصاً أن القوى اليمينية والسلطوية تشعر أنها أصبحت خارج اللعبة السياسية، بعد ثلاثة أحداث: الأول العمليات الانتخابية الثلاث التي أجريت رئاسة الجمهورية، البلديات، النيابية وأظهرت لهم ان نسبة مناصريهم في المجتمع لا تتعدى نسبة تتفاوت بين 10 و15 في المئة، وأن 85 في المئة من الشعب تعارضهم، ما ولد لديهم شعوراً باليأس من هذه الناحية. والثاني ان اطروحتهم لم يعد فيها ما يجذب الآخرين من العقلاء وأصحاب الفكر، أي أنهم من الناحية العقلانية أصبحوا خارج الجماهير. والثالث أن النظام الذي يتبنونه يعتبر نظاماً غريباً لدى الخارج. وبناء على ذلك، يرون ان لا سبيل أمامهم للحفاظ على وجودهم وسلطتهم، سوى اللجوء الى القوة والارهاب وهذا ما يدخل في صلب سياستهم ولا يستطيعون القيام بغيره، وهذا له أثر سلبي خصوصاً لدى الجماهير التي تواجه الأمر بصبر وأناة، وأتوقع، مستقبلاً، أن ينفرط العقد من حولهم. وأقول سحابي أنا ومن هم مثلي لسنا مع الثورة الآن، الآن نحن ضد الثورة، نحن محافظون لكن ليس من أجل أنفسنا، نحن نسعى الى تهدئة الشعب قليلاً حتى لا نصل الى الفوضى أو ننجر اليها على أمل أن يقوم هؤلاء بتغيير أنفسهم لأنني أرى مستقبل ايران في المرآة بوضوح. ففي حال حدثت الفوضى، تنتهي ايران، وسنواجه حرباً داخلية، فالمجاهدون من الجنوب الغربي، وتركيا من الشمال الغربي والطالبان من الجنوب الشرقي على أهبة الاستعداد للهجوم على ايران. أما القوميات فإنها لا تريد التجزئة، ولكن عندما تصبح بلا أمل من هذه الدولة، وتنفصم عرى العلاقة معها، عندها لا يمكن التكهن بما سيحدث أيضاً. إلا أن هناك أملاً بوقف كل ذلك، وهو بحسب رأي سحابي، أن تفتح الطريق أمام برنامج السيد خاتمي ليسير قدماً في اصلاحاته، عندها يمكن القول ان امكان نجاة النظام الاسلامي وايران ممكن، وإن الشعب الايراني سيشهد مرحلة سعيدة بعد كل الذي تحمله من مصاعب ومشكلات. وعن دور مرشد الثورة وموقفه، يقول سحابي ان المرشد، ويا للأسف، واقع في فخ الجناح اليميني، مع رغبته في عدم ذلك، وهذا ما بدا واضحاً في حديثه اثناء لقائه تجمع الطلاب إذ سعى الى ايجاد توافق بين الجناح اليساري والجناح اليميني، ولكن شرط اخراج غير الموالين من صفوفهم المقصود هنا نحن - سحابي وقد وردت عبارة في خطابه كنت المقصود بها شخصياً. إلا أن الجناح المحافظ يريد ازاحة خاتمي ويبذل جهده لتحقيق ذلك، مع عدم امكان طرح مسألة كفايته لأنها تشترط موافقة القائد عليها، وهو حتى الآن لم يوافق. وهذه الأمور توضح تردده ما بين الاصلاحيين والمحافظين، إلا أن ميله نحو المحافظين أوضح وأحد تعابير ذلك سوء ظنه بنا التيار الديني الوطني وبالصحافة ومعارضته لها منذ البداية، فيما هذه الصحافة قدمت خدمة حقيقية الى ايران، خصوصاً تلك التي أوقفت ووقفت امام عملية تزايد الهجرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وعمدت الى فضح الفساد والسرقة في الدولة ووقفت في وجههما. ويقال ان الشيخ هاشمي والكلام لسحابي طلب من القائد أن يوكل اليه صلاحياته لمدة ستة أشهر، على أن يعيد الأمور الى ما كانت عليه في السابق. وعن سبب الهجوم الأخير على حركة تحرير ايران والتيار الديني الوطني من جانب قائد الثورة ومرشدها والشيخ رفسنجاني، يقول انه يعود الى المحيطين بالسيد خامنئي الذي وضعوه في صورة أن حركة تحرير ايران والدكتور ابراهيم يزدي على اتصال وعلاقة بأميركا، في حين أن هذه الحركة والدكتور يزدي لا يشكلان له أي تحد. وقد صوروا له أن كلام أولبرايت الأخير الايجابي عن ايران كان بعد لقائها يزدي الذي كان موجوداً في اميركا، حتى انهم قالوا له ان مؤتمر برلين كان من تنظيم ابراهيم يزدي وتخطيطه. ما أريد قوله ان السيد خامنئي أصبح يعتقد أن يزدي على علاقة بأميركا وأن كل القوى الاخرى ونحن منها تحت قيادته وأن جميع هؤلاء يشكلون حال Alternative تجاه السلطة ويسعون الى الحوار مع الاميركيين. وعلى هذا النمط، فهموا مؤتمر برلين في حين أن هذا المؤتمر لم يكن بهذا القصد، بل حمل توجهاً يريد توضيح مسيرة الاصلاحات السياسية في ايران عن كل وجهات النظر المختلفة والمتمثلة في المشاركين، والقول ان مستقبل ايران يسير نحو التحسن والتغيير، على أمل أن ندفع الايرانيين المقيمين في الخارج الى تحسين نظرتهم الى بلدهم وتشجيعهم على العودة، ومن ناحية أخرى نؤسس لعلاقات صداقة بين الألمان وإيران، ولتغيير نمط التعامل السابق الذي كان يفرض علينا دفع ضرائب باهظة، كما كان يحدث طوال عشرين عاماً مع ألمانيا واليابان وفرنسا وحتى بريطانيا. إذ كنا ندفع القيمة مضاعفة 200 في المئة عن غيرنا، ومع ادراكنا ذلك كنا وراء مفتاح ذلك، وهو أن ندفع ايران الى اقامة علاقات منطقية مع العالم لا أن تقع في أحتضانه ولدى إيران كل الاستعدادات والامكانات المالية والطبيعية وحتى الانسانية لذلك ولتتحول دولة محورية ومهمة على مستوى العالم. في المقابل، ان من في يدهم السلطة، يقول سحابي، يسعون الى ابقاء الأمور على حالها، ويريدون أن تبقى في وضع متخلف، ويضيف: انني لا أرى مستقبلاً جيداً لإيران في ظل هذه الظروف، لكنني من ناحية العقيدة والايمان أرى أملاً كبيراً، لأن هذا النوع من السلطات لا يبقى، ولا الأسلوب الذي تحدث منذ مدة بفوقية وتكبر خلال صلاة الجمعة، وقال ان كل الذين ليسوا معنا هم من أنصار الملكية وعملاء للغرب، وأن حركة تحرير ايران كانت عميلة للغرب، وحتى انه تناولني شخصياً. في حين أنني عندما كنت في كردستان لحل الأزمة الكردية عام 1979 اتصل بي شخصياً، وقال لي انك أفضل من الجميع، وعليك أن تسرع في العودة، وكان ذلك بعد أزمة لقاء بارزكان مع برجنسكي، وقد كانت لي معه علاقات جيدة وحسنة حتى النهاية، ولكن عندما أصبح في موقع القيادة تغير معي، وأعتقد أن ذلك بسبب الذين حوله.