ان النص الذي ورد في نقطة حوار لعبدالله الجفري من جريدة الحياة في 23/5/2000 والذي جاء فيه: "اذا كان للشعر في كتابات سعاد الصباح حظ عظيم... فقد كتبت أيضاً في الاقتصاد وعن النفط كتابات ملفتة بجانب عضويتها منذ زمن بعيد في اللجنة التنفيذية للمنظمة العربية في حقوق الانسان... وبقدر ما أريد أن أكتشف الانسان الحقيقي في أعماق هذه الشاعرة المثقفة... والكتابة عنها اليوم في صمتها الذي اختارته وبُعدها عن الأنشطة الثقافية إنما يحرضنا على التفتيش عنها...". مما لفت انتباهي في هذا النص "حقوق الانسان"، "الصمت التي اختارته"، "التفتيش عنها". والعجب كل العجب للمفارقات في هذا النص لا سيما حقوق الانسان والانسان في أعماقها، وليس خفياً على مجتمع الثقافة والأدب ومنظمات حقوق الانسان، كيف تم تعذيب واعدام الأديبة والمفكرة "آمنت بنت الهدى"، شقيقة الشيخ محمد باقر الصدر، بيد رأس نظام الحكم في بغداد، وبتعبير آخر بيد بواب المربد بطريقة وحشية يندى لها الجبين، وكانت سعاد الصباح تلقي القصائد الملاح في مرابد بغداد لسنوات طوال عجاف، وبعد أن سكتت المدافع وتصاعد الدخان والأرواح البريئة الى السماء وتفسخت الجثث في العرى، زين صدام حسين صدرها بوسام الأدب على شاشة التلفاز، وثم أدخل بواب المربد قصائدها في منهاج التعليم الثانوي في مدارس العراق بعدما حذفت قصائد الجواهري وأشعار البياتي. والتساؤل المطروح ألسنا نحن معشر الكتاب أولى بالدفاع عن أقراننا بالثقافة!؟ ... لا شك في أن شعراء المربد شيدوا أبراج مجد الشهرة على جماجم الضحايا، ولم تطفُ تلك الجماجم على بحيرة الصم والبكم التي كانوا يسبحون فيها لأن صرخات الآلام كانت في القاع وكان اللؤلؤ والمرجان هو السميع، فاوقد سراجه. وربما كان في صمت سعاد الصباح حكمة لها ولكن الجفري يحرضنا للتفتيش عنها وربما لكتابة مشاهداتنا عنها، فإني قد شاهدتها في مقابلة في احدى القنوات الفضائية مطلع خريف 1999، وفي برنامج "حوار العمر" تقول: "ان الشعب العراقي هو مرآة صافية لنظام الحكم في بغداد..." ولا أدري كيف أفسر هذا الكلام وفي اللغة كلمة شعب تعني الاصلاح والفساد؟ ولا أعلم هل أصبحوا مرآة صافية للنظام لأنهم أخرجوا عشرات الأسرى الكويتيين من سجون نظام بغداد بلا ثمن ولا مقابل بعد قيام الانتفاضة الشعبية؟ وهل يُفسر قولها ان الشق ما زال يزداد سعة بالتناقضات للثقافة العربية بعد أزمة الخليج؟ وهل حقاً ان الفئران هي التي هدمت سد مأرب وانهارت بها حضارة بلقيس؟ وأخيراً أنا لا أدعو الناقد الأدبي لحل الطلاسم وانما الى قراءة سورة الشعراء وثم طوبى للشعر في أعماق الانسان. سانت لويس - أميركا - يعسوب الأحناف