اللجنة العليا المنظمة لسباق الشرقية الدولي ( 27 )تكرّم الفائزين المحترفين بحضور قيادات الاتحادات الدوليه    تقييم الحوادث يعلن نتائج تحقيقاته في عدد من الادعاءات المنسوبة لقوات التحالف    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    ولي العهد يهنئ فيليب جوزيف بيير بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيسًا لوزراء سانت لوسيا    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير ويطّلع على برامجها التنموية    أمانة المدينة ترفع كفاءة شبكات تصريف المياه    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    طيران الرياض وهواوي توقّعان مذكرة تفاهم لتعزيز القدرات الرقمية وتقديم تعريف مبتكر لمستقبل السفر الجوي    المحسن يكتب.. "النشامى" طريقنا للكاس، والخسارة قدامهم "بِدناش"!    لقاء تاريخي حافل لأبناء عنيزة القاطنين بمكة المكرمة    دور إدارة المنح في الأوقاف    كايا كالاس: محادثات قرض التعويضات لأوكرانيا "تزداد صعوبة"    التضخم في المملكة يتراجع إلى 1.9% في نوفمبر مسجّلًا أدنى مستوى في 9 أشهر    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    كيف ينعكس الجهاز العصبي غير المنتظم على أدائك المهني والقيادي؟    الفنار للمشاريع تفوز بجائزة المشروع الصناعي للعام ضمن جوائز ميد للمشاريع    إسقاط 130 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    ارتفاع أسعار النفط    المنتخب السعودي تحت 23 عامًا يتأهل إلى نهائي كأس الخليج لكرة القدم    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    براك يزور تل أبيب لمنع التصعيد بالمنطقة    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أطلقها الأمير فيصل بن مشعل.. مبادرة لتعزيز الأعمال والتقنية بالقصيم    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    حائل: تعزيز الشراكة بين "الأمانة" و"الجامعة"    جولات لصيانة المساجد بالجوف    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    لغتنا الجديدة    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    10.86% نمو قروض الأمن الغذائي    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الذكاء الاصطناعي يخفض استهلاك أرامكو للطاقة 15%    الراجحي يدشن صالونه الأدبي الموسمي ويحتفي بضيوفه بمنتجعه بالرياض    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    استعدادت لانطلاق النسخة الأولى من المؤتمر الدولي للأوقاف    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    لا تكن ضعيفا    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    السعودية تدين هجوما إرهابيا استهدف قوات أمن سورية وأمريكية قرب تدمر    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلاديمير بوتين سيُنتخب اليوم حتماً، لكن: كيف؟
نشر في الحياة يوم 26 - 03 - 2000

بدلاً من ان تكون الانتخابات مناسبة لممارسة المواطن حقه في الاختيار، او المقاطعة، فهي يمكن ان تصبح مجرد روتين شكلي هدفه "المبايعة" في اطار شرعي، كما يجري في روسيا التي "تنتخب" اليوم رئيساً حُدِّدَ اسمه سلفاً حينما "عيّنه" صاحب الكرملين السابق بوريس يلتسن خلفاً له.
وثمة مؤشرات الى ان روسيا تقتبس من تجربتها السوفياتية السابقة حينما كان 99.9 في المئة من المواطنين يقترعون لصالح "القائمة الموحدة للشيوعيين وغير الحزبيين". اذ ان كلمة "المستقل" كانت ممنوعة، فلا استقلال عن الحزب الحاكم وايديولوجيته، بل ثمة من لا ينتسب اليه لكنه "يؤيده بحرارة".
ففي الانتخابات البرلمانية اواخر العام الماضي حصلت كتلة "الوحدة" بعد شهرين من تشكيلها على زهاء ربع مقاعد البرلمان، بفضل دعم السلطة لها وحصولها على حصة الاسد في برامج التلفزيون وتسخير كل الموارد المالية والادارية لخدمتها. وتتكرر التجربة في صورة اكثر جلاء في الانتخابات الرئاسية الحالية، اذ ان يلتسن حينما اعلن استقالته في 31 كانون الاول ديسمبر لم يقتصر على تسليم مفاتيح السلطة الى رئيس الحكومة فلاديمير بوتين كما ينص الدستور بل دعا الى تكريسه رئيساً شرعياً.
وكان اسم بوتين اخذ آنذاك يسطع في سماء السياسة بعد ان ظهر فجأة من وراء الكواليس. فرجل المخابرات المحترف آثر دائماً البقاء في الظل حينما كان نائباً لمدير الديوان الرئاسي ووزيراً للامن وسكرتيراً لمجلس الامن القومي. الا ان دوره اخذ يتعاظم عند تعيينه رئيساً للوزراء اواخر الصيف الماضي وتكليفه قيادة الحملة القوقازية الثانية.
وهناك تزامن يلفت الانتباه في تصاعد وتيرة الحرب وتزايد "شعبية" بوتين. والمح غريغوري يافلينسكي، احد ابرز المرشحين للرئاسة حالياً، الى ان الكرملين كانت له "مصلحة" في ان يتولى شيشانيون معروفون براديكاليتهم بقيادة شامل باسايف ادارة عمليات عسكرية ضد جمهورية داغستان، ما خلق ذريعة للتحضير للحرب الشيشانية، واطلق يد الكرملين الذي اعلن "تورط شيشانيين" في تفجير عمارات سكنية في موسكو ومدن روسية اخرى.
وقد سخر بوتين من هذه الاتهامات لكن احداً لم ينكر ان شعبيته قفزت من 2 - 3 في المئة الى زهاء 60 في المئة حينما بدأت الحرب، وخاصة في مراحلها الاولية اذ لم تواجه القوات الفيديرالية مقاومة تذكر.
والشارع الروسي كان مستاء للاهانة التي ألحقها الشيشانيون بروسيا خلال الحرب الاولى، وغاضباً لكون موسكو عاجزة عن وقف عمليات خطف الرهائن وسلب القطارات المارة في القوقاز، ولذا فان الرأي العام أيّد بقوة قرار بوتين اجتياح الشيشان و"اعادة الحكم الدستوري" اليها.
الا ان اشتداد المقاومة، وخاصة في الاسبوع الاخير قبل الانتخابات، وتزايد الخسائر بين القوات الفيديرالية وكشف المزيد من الحقائق عن انتهاكات صارخة لحقوق الانسان، هذه العوامل كلها تساؤلات عن جدوى الحرب. ويرى محللون ان الانتخابات الرئاسية لو جرت بعد شهر مثلاً لتقلصت حظوظ بوتين في صورة ملحوظة.
وليس بالحرب وحدها يحيا الكرملين، اذ ان يلتسن او من دفعه الى الاستقالة كان يعرف ان تقديم موعد الانتخابات لمدة 70 يوماً فقط له اهمية حاسمة في المجال الاقتصادي. ففي هذه الفترة وبفضل الارتفاع الحاد في اسعار النفط تحقق استقرار مالي نسبي هيأ للحكومة امكان الحديث عن زيادة تصل الى 20 في المئة في المداخيل الفعلية للسكان. وهذه "المنجزات" الهلامية مرشحة للاندثار بفعل الحرب الشيشانية اياها، وبسبب انخفاض اسعار البترول.
والى جانب الحرب والاقتصاد ثمة عامل بالغ الاهمية عزز مواقع بوتين وهو توق الشعب الروسي الى سلطة قوية توقف الانفلات والتسيّب وتعيد للدولة هيبتها. ورغم ان دستور 1993 منح رئيس الدولة صلاحيات شبه مطلقة، الا ان يلتسن لم يكن مؤهلاً لاستثمارها لأنه لم يكن مدعوماً من "هياكل القوة". وبالضد منه فان بوتين خريج مدرسة "الكي. جي. بي" حصل على دعم واسع من الاجهزة الخاصة اقترن بتأييد جنرالات الجيش الذين حيّوا قراره شن حرب واسعة في الشيشان يأمل القادة العسكريون ان تعيد اليهم الهيبة الضائعة وحظوتهم الاجتماعية وجزءاً من الامتيازات السابقة.
ولترسيخ صورته ك"قبضاي"، او "فتاوة"، اعيد تذكير المواطنين بانه حاصل على الحزام الاسود في الجودو، وأخذ رئيس الدولة يتحدث باسلوب غير معهود: فهو يهدد القادة الشيشان بأنه "سيطحنهم ولو كانوا في المراحيض"، وتارة اخرى يرد على سؤال عما اذا كان سيرضخ لضغوط الغرب بقوله "من يزعلنا لن يبقى على قيد الحياة ثلاثة ايام"!
ولتعزيز هذه الصورة استقل بوتين طائرة "سوخوي" ليهبط في غروزني في "مفاجأة" كانت كاميرات التلفزيون أُعدّت لتصويرها. وبرهن بوتين على انه لن يتورع عن استخدام القوة، او ما يسمى "ديكتاتورية القانون" لبناء روسيا التي يرىد. لكن المحللين يحارون في تحديد ما يريده. فهو يدعو الى دولة قوية معافاة باقتصاد تبلغ نسبة نموه السنوي 10 في المئة، لكنه لا يوضح كيف سيحقق هذه الطفرة وما هي الموارد التي سيستثمرها، وهل سيحارب الفئة الاوليغارشية التي لم تكتف بنهب ممتلكات الدولة بل غدت تتحكم في ادارة الدولة ذاتها.
النقطة الوحيدة الواضحة ان بوتين لن يكون "رخواً" ولن يهادن خصومه، وربما هذا ما دفع الكثيرين من الساسة الى اعلان الولاء له قبل ظهور نتائج الانتخابات. فقد وجّه عدد من محافظي المقاطعات رسالة الى الكرملين طالبوا فيها ب… الغاء انتخابات المحافظين وتعيينهم بأمر رئاسي، وسارع قادة الحركات والاحزاب التي كانت مناوئة للسلطة الى الاعراب عن انهم وجدوا ضالتهم في بوتين. بل ان عدداً من المرشحين للرئاسة "خاض المعركة" تحت شعار: "صوّتوا لبوتين"!
ومن بين عشرة منافسين له ثمة اثنان فقط تحدثا من مواقع المعارضة. فغريغوري يافلينسكي قائد كتلة "يابلوكو" الاصلاحية الذي تدعمه اوساط موالية للغرب، بنى حملته على اساس "التخويف" وتحدث عن عودة حتمية الى نظام قمعي ديكتاتوري في حال فوز بوتين.
اما الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف والذي يجمع المراقبون على انه سيحتل المرتبة الثانية في الانتخابات، فإنه بدا "مُكرهاً لا بطل"، وأدار حملته على استحياء فكان يشتم يلتسن ويسبّ المحيطين بالكرملين لكنه تحاشى المساس بالباب العالي.
ورغم ان النتائج اعتبرت محسومة سلفاً فان المحللين ربما لاموا بوتين على تسرّعه في التخلي عن الدعاية المباشرة. ولتصحيح الخطأ بدأ الرئيس بالوكالة خلال الايام العشرة الاخيرة جولات يومية لم يترك خلالها واسطة نقل الا استقلها، بدءاً من "السوخوي" وانتهاء بقطار الضواحي، مروراً بسيارة جديدة من طراز "فولغو" قادها بنفسه في المصنع الذي ينتجها.
ويظهر بوتين على شاشات التلفزيون بمعدل 2 - 2.5 ساعة يومياً للمقارنة: حصة زيوغانوف لا تتجاوز 6 - 8 دقائق. لكن هذه ليست، بالطبع، دعاية انتخابية، بل هي مجرد تغطية لجولات رئيس الدولة التي لا يدفع احد كلفتها كاعلان. وبالصدفة المحضة عُرض قبل ايام من الاقتراع فيلم وثائقي طويل عن بوتين وصدر كتاب حوارات معه بنصف مليون نسخة، اي اكثر بمئة الف مرة من مبيعات خيرة الروايات الروسية.
وهذه الجهود تبذل ليس لأن الكرملين يشك في ان بوتين سيغدو رئيساً للدولة، بل لأنه يريد له ان يصبح رئيساً بإجماع وطني، وان يفوز من الجولة الاولى بحصوله على 50 في المئة من الاصوات. فبخلاف ذلك تُجرى جولة ثانية يجمع المحللون على ان بوتين سيخوضها ضد زيوغانوف، ما يعني تكريس الشيوعيين كقوة سياسية مهمة بدلاً من تهميش دورهم.
والى ذلك فان اجراء جولة ثانية قد يقتضي التحالف مع المرشح الذي يحتل المرتبة الثالثة وبالتالي تقديم تنازلات له، او للقوى السياسية التي ستشارك في تأمين "الفوز الساحق".
وسواء انتصر بوتين بالضربة القاضية في الجولة الاولى او بالنقاط في الثانية فإن احداً لا يشك في انه سيُكرّس رئيساً لروسيا لمدة اربع سنوات قابلة للتمديد. الا ان احداً لا يستطيع ان يستشرف ما ستكون عليه روسيا خلال العقد القادم.
جلال الماشطة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.