إقبال كثيف على الحملة الوطنية للتبرع بالدم    أمير الباحة يشارك في الحملة الوطنية التي أطلقها ولي العهد للتبرع بالدم    إحباط تهريب (55.4) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر في جازان    النصر يُنهي استعداداته لنهائي كأس السوبر السعودي    تقارير.. الهلال يستقر على رحيل ماركوس ليوناردو    باول يلمّح لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل    يايسله: الفوز بكأس السوبر سيساعد الأهلي للمضي في المسار الصحيح    «الأمن العام» يوجه إرشادات مهمة قبل السفر بالمركبة    مدرب مرسيليا: شجار غرفة الملابس أدى لفقدان أحد اللاعبين للوعي    "التعليم" تتيح نقل الطلاب إلكترونيًا عبر نظام "نور"    نيّار للتسويق وجادة 30 تنظمان لقاءً نوعيًا حول تجربة العميل في عسير    أوسيليو يقترب من منصب المدير الرياضي في الهلال    شوارع وميادين جازان تتزين ترحيبًا بعودة الطلاب والطالبات .. مع بدء العام الدراسي الجديد    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    الإعلامي اللحياني يصدر كتابه " أنا أعتقد"    خطيب المسجد النبوي: "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد وأعظم أسباب الطمأنينة    بر الشرقية تطلق البرنامج التدريبي لمبادرة "اغرس وارتزق"    5 أسئلة رئيسية حول سيناريو وقف إطلاق النار في أوكرانيا    النفط يتجه لإنهاء خسائره الأسبوعية مع تعثر مفاوضات السلام الروسية الأوكرانية    لجنة الإعلام والتوعية المصرفية تنظم محاضرة عن دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة    خطيب المسجد الحرام: صلاة الاستخارة سبيل المسلم للطمأنينة واليقين    اتحاد التايكوندو يجدد لجانه بروح شبابية دعماً لاستراتيجية المستقبل    نادي فنون جازان ينظم دورة في النحت على الخشب ضمن فعاليات "نبض الفن"    ولي العهد.. حين يتحوّل "التبرع بالدم" إلى قدوة    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    نائب أمير جازان يرعى توقيع اتفاقية تعاون بين سجون جازان وجمعية "التكافل"    الرئيس الصيني يستضيف بوتين وجوتيريش في قمة إقليمية    زلزال بقوة 8 درجات يضرب "ممر دريك" بين أمريكا الجنوبية والقطب    استشهاد 21 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بمبادرة سمو ولي العهد للتبرع بالدم ويؤكد أنها تجسد القدوة في العمل الإنساني    "الأخضر" تحت 20 عاماً يواصل تدريباته في البرازيل    الفيفا يختار طاقم تحكيم دولي سعودي لإدارة مباريات كأس العالم    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    تحدّيات الإبداع: بين ساعات الإمتاع وثواني الاتباع    بلدية بقيق تدشّن مشروع جمع ونقل النفايات للأعوام 2025 – 2029    مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم.. نجاح متجدد ورسالة عالمية    السعودية تدين إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في جرائمها بحق الشعب الفلسطيني    بيت الثقافة يفتح أبوابه لدورة "عدستي تحكي" بالتعاون مع نادي فنون جازان    تجمع الرياض الصحي الثالث يطلق حملة تعلم بصحة لتعزيز الصحة المدرسية والوقاية المبكرة    التخصصي ينجح في زراعة قلب لطفل بعد نقله من متبرع متوفى دماغيا في الإمارات    أقرت مشروعًا استيطانيًا شرق القدس.. إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال غزة    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    أكد عدم الوصول لمفاوضات فعالة مع أمريكا.. عراقجي: إيران لن تقطع علاقاتها بالكامل مع الوكالة الذرية    حددت نسبة 10 % لتطبيق العقوبة.. «التعليم»: الغياب يحرم الطالب من الانتقال بين الصفوف    الزهراني يتلقى التعازي في والدته    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    موجز    «قوى»: إعادة تشكيل سوق العمل ب 14.5 مليون مستخدم    القيادة والمواطن سر التلاحم    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومجلات المؤسسة الثقافية الرسمية في مصر
نشر في الحياة يوم 22 - 03 - 2000

هل كانت مجلة "الكتابة الاخرى" التي تصدر في مصر في حاجة الى عشر سنوات لكي تبلور مشروعها خارج صيغة البيان التي من فرط استهلاكها باتت مثيرة للشفقة؟
هذا هو السؤال الذي راودني وانا اطالع عددها الاخير المزدوج الذي توّج سنواتها العشر، ومنذ ان صدرت في صيغة اقرب الى الاحتجاج على أوضاع المجلات التي تصدرها المؤسسة الثقافية الرسمية وكانت وقتها تتبنى موقفاً عدائياً من الكتابات الجديدة.
ومع التغيير الطفيف في موقف مجلات الدولة من الكتابات الجديدة الذي حدث ضمن تحولات أشمل في العلاقات الرسمية مع المثقفين كان على "الكتابة الاخرى" ان تبحث عن صيغة للتمايز والاستمرار من دون التورط في لغة سجالية حادة مع المعارضين، أو الانسياب في علاقات تشابه مع ما تقدمه الاصدارات الاخرى التي تناسلت من النواة التي قدمتها "الكتابة الاخرى".
وفي هذا السياق تبنت المجلة بعض الافكار الجريئة، وابرزها بالطبع خطتها في اعادة طبع بعض المجلات الطليعية القديمة مثل "التطور" و"غاليري 68" ثم "الكاتب المصري" وهي خطة طرحت تساؤلات عدة حول جدية المجلة قدرتها على الاستقلال عن مؤسسات الدولة، في حين قبلت من تلك المؤسسات دعماً مشروطاً لتمويل اصداراتها، وعلى رغم ذلك كله استطاعت أن تربط نفسها بميراث طليعي مثلته تلك المجلات، ورغبت في الوقت نفسه في تقديم اضافة نوعية الى هذا التراث وتجديده، وفق وعي مغاير باللحظة التي يعيشها الجيل الجديد من محرريها، مما أكد بالفعل أنها بنت حواراً صحياً مع اسئلة الماضي ومع ما تقدمه رهانات المستقبل من تغييرات كان من الضروي ان تفرض صيغة التجاور بين النماذج والاتجاهات الأدبية، بدلاً من صيغ النفي والنبذ التي كانت السمة الغالبة على المجلات الاخرى.
وتثبت مواد العدد الصادر أخيراً صحة هذه الفكرة اذ انها تقدم في الملف الرئيسي تحت عنوان: "أدب السنوات العشر الاخيرة" عدداً من النصوص نثراً وشعراً تتجاور لتقدم خريطة شاملة للأدب المصري المعاصر، بما في ذلك أشكال وتقنيات كتابية مختلفة لا تدعي القدرة على امتلاك وصفة ابداعية او معادلة صحيحة لإبداع نص يأمل في تجاوز النصوص السابقة.
ومن هنا فإن المجلة تصلح مرآة لتفحص ورصد التغيير الحادث في مواضيع الكتابة الإبداعية في مصر وربما في العالم العربي.
واذا كانت النصوص تؤكد صيغة التجاور فإن الشهادات التي تضمنها العدد سواء لكتّاب من الجيل الجديد او الذين ينتمون الى اجيال سابقة لم تفلح في وضع يدها على مناطق التغيير الجذري داخل هذه الكتابات ومناطق اختلافها، او حتى اتفاقها مع ميراث الاسلام. اذ أن بعض الرؤى تبنت شعارات معروفة عن غياب نموذج المبدع البنيوي وصعود النزعة التفكيكية، مع سقوط النظريات الكبرى بما في ذلك النظريات السياسية، وهو سقوط دفع اصحاب هذه الكتابات إلى بلاغة الجسد الاستسلام الكامل للمجاز والاغراق في اسطرة التفاصيل العادية، كأن ذلك لم يكن موجوداً في نصوص الاجيال السابقة.
واذا كانت المجلة رفضت صيغة البيان الاحتجاجي عبر سنواتها العشر، إلا أنها تبنته في موضوع اخر من خلال نشر بيان "الغاضبون الجدد"، الذي وقعه عدد من الكتّاب المغاربة تعبيراً عن "صرخة جيل بأكمله يرفض ان يتعرض لإقصاء جماعي".
وكان الاحرى ان يتضمن العدد نصوصاً لهؤلاء الكتّاب ليتمكن القارئ من المقارنة بين صيغته الاحتجاجية السافرة وما تقدمه هذه النصوص، وليس من قبيل المصادفة ان تنشر المجلة بعض القصائد غير المكتملة للشاعر قسطنطين كفافي ترجمها رفعت سلام - باعتباره أحد أهم مصادر الالهام في الشعرية العربية المعاصرة وهي قصائد تتعلق بمواضيع شخصية غالباً ما تكون شبقية بصورة صريحة فيما يتسم بعضها بالتاريخية حتى غدت الشبقية رؤيته الفلسفية الى التاريخ.
وليس بعيداً عن السياق نفسه الحوار المنشور مع الشاعر عبدالمنعم رمضان وهو يصلح مدخلاً لحوار حقيقي حول تجربة هذا الشاعر المميز بين ابناء جيله ويصلح أيضاً لتحليل تجربته الابداعية والكشف عن مصادرها.
وفي ما بدا خارجاً عن السياق تنشر المجلة مجموعة من المقالات المترجمة عن الروسية حول أدب السنوات العشر الاخيرة، لم ينجح المحرر العام للمجلة في اثبات شرعية نشرها في هذا العدد المهم.
وتأكيداً لجرأتها وخروجها عن المألوف، نشرت ملفاً مهماً تحت عنوان "ما لا يجب ان نراه" حرره التشكيلي المعروف عادل السيوي ضمن عنوان أشمل هو "الفن الشهواني" وهو ملف يستكمل ملفاً سبق أن قدمته في أعدادها السابقة عن "الكتابة الشهوانية".
ويلفت النظر في الملف قدرته الفائقة على انارة وعي القارئ المناطق الاشد حرجاً وهي "مناطق مشاهدة الجسد نفسه سواء في الواقع أو في الفن خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعري وكشف مناطق الاثارة أو تناول المشهد العاطفي او اللقاء الحسي حيث تتدخل الجماعة وروح العصر لتحديد ما يجب أن نراه".
ويرصد السيوي عبر هذا الوعي الضدي مناطق مثيرة للتأمل في تحولات العلاقة بالجسد، بداية من الحسية البدائية وصولاً الى الحدود التي كسرتها "ثقافة الانترنت" احدث أبناء حضارة الصورة.
ولا ينسى السيوي ضمن هذه الرؤية التأكيد على تميز الحسية المصرية، اذ أن كل تجارب الفنانين المصريين في التفاعل مع هذه الحسية لم تكن صادقة او مستقرة لأن بعدها الرمزي كان جسراً لقبولها وتجاوز جرأتها الأمر الذي يراه السيوي طبيعياً. حتى أنه يقول ان اثارة هذه القضية من خلال الملف ليست حول شرعية الحجب او الكشف، اي ليست هي العري وانما هي تزويد العين بادوات للفرز والتأمل الشجاع حتى لا تقع ضحية للمسكوت عنه الذي تتوالد اشباحه في برودة الاستبعاد الكامل والمنع.
وأظن ان الرغبة نفسها كانت وراء المشروع الذي تتبناه المجلة التي يحررها بدأب الشاعر هشام قشطة ومن معه من اصدقاء باتوا قادرين على الاستمرار في تأكيد رغبتهم في ما تعجز المؤسسة بكل امكاناتها عن انتاج مشروع مواز، مما يؤكد ان مجلاتها لا تزال تعاني من "امراض الشيخوخة"، ولا تستطيع تقديم ما هو قادر على اثارة الدهشة والتأمل الجاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.