عبرت اوساط مطلعة في دمشق عن اعتقادها بأن "فشل" المؤتمر الوزاري للشراكة الاوروبية - المتوسطية اكد وجهة نظر سورية بعدم جواز مشاركة الوزراء العرب، لكنها اشارت الى ان "الاسف السوري" لن يترجم الى انتقادات علنية للدول العربية. جاء ذلك بعدما رفض وزراء الخارجية العرب التوقيع على "بيان توفيقي" لمؤتمر مرسيليا الذي عقد في اليومين الاخيرين وقاطعته سورية ولبنان "التزاما بقرارات القمة العربية الداعية الى رفض تغلغل اسرائىل في العالم العربي تحت اي مسمى كان"، في ضوء استمرار العدوان الاسرائىلي على الشعب الفلسطيني. وفيما وصف وزير الخارجية المصري عمرو موسى الموقف الاوروبي بأنه "غير اخلاقي"، انتقد وزير التخطيط الفلسطيني الدكتور نبيل شعث "نظرية الحياد الخبيثة" التي تبناها الاوروبيون عندما رفضوا "إدانة المجازر الاسرائىلية" ضد الفلسطينيين. وكما أظهر مؤتمر مرسيليا "بُعد نظر القيادة السورية وقدرتها على استقراء المستقبل" فإنه أظهر في المقابل "قصر نظر" الدول العربية التي راهنت على "موقف أوروبي قومي وعلى الحصول على فرصة لتوضيح الموقف العربي وعدم ترك المجال للاسرائىليين في الساحة السياسية الاوروبية". لكن في الوقت نفسه فإن مقاطعة دمشق وبيروت "دفعتا" الدول الاخرى الى "اتخاذ موقف أكثر تشدداً"، علماً ان ليبيا تراجعت عن مقاطعتها بإعلانها المشاركة في آخر لحظة عشية افتتاح المؤتمر الخميس الماضي. ولاحظت الاوساط المطلعة ان الرئيس بشار الاسد "عقد استثناء" لقاء مع وزراء خارجية الدول العربية "المتوسطية"، بهدف الخروج بموقف عربي موحد من المشاركة في ضوء ترؤس سورية المجموعة العربية في عملية الشراكة الاوروبية - المتوسطية. وكان رأي دمشق "المقاطعة التزاماً بقرارات القمة العربية، او تحقيق عدد من الشروط أو الادوات السياسية الكفيلة بدعم الموقف العربي. اي اما نذهب معاً او نقاطع معاً". وعليه، فإن الشرع اجرى اتصالات مع وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين لتعديل جدول الاعمال بحيث تعقد "جلسة رسمية للبحث في الأمور السياسية، اضافة الى الجلستين الوحيدتين اللتين كانتا مقررتين لمناقشة الجانبين الاقتصادي والثقافي". وكشفت الاوساط ان الموقف الاوروبي اقترح جدول أعمال يتضمن "تناول الشأن السياسي خلال عشاء عمل" يشارك فيه وزير الخارجية الاسرائىلي شلومو بن عامي، الأمر الذي رفضته دمشق لسببين: "الأول، عدم إمكان حضور عشاء مع بن عامي في وقت ترتكب مجازر ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ثانياً، عشاء العمل يعني عدم وجود محضر رسمي للاجتماع مما يقلل من أهميته السياسية". وطلبت دمشق ايضاً لمشاركتها عقد مؤتمر صحافي مشترك يتحدث فيه فيدرين والشرع باعتباره رئيس المجموعة العربية. واسفرت الاتصالات عن اضافة جلسة سياسية طالبت سورية بعدها بصدور بيان سياسي يتضمن "إدانة المجازر الاسرائىلية"، الأمر الذي رفضه فيدرين مقترحاً "إدانة للطرفين الاسرائىلي والفلسطيني"، مما أدى الى "استياء سوري وعربي كبير". واذ تستغرب الاوساط مشاركة الدول العربية بعد "كل هذا الاستياء" وتقدر لاحقاً "الموقف العربي في المؤتمر"، فإنها ترى ان "الجانب العربي خاسر في معايير الربح والخسارة". وختمت: "لا شك ان التنسيق السوري - اللبناني حقق نتائج ايجابية، لكن موقفاً عربياً واحدا كان سيكون أكثر فاعلية في محاصرة اسرائىل".