الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    القيادة تعزي رئيس مجلس السيادة السوداني    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال 68 من طلبة «جامعة الإمام»    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    أندية الهواة وتنوّع الهوايات    تحويل «التحلية» إلى «الهيئة السعودية للمياه»: أمن مائي.. موثوقية.. استدامة وابتكار    رحلة استجمام الى ينبع البحر    أسواق ومسالخ العاصمة المقدسة تحت المجهر    466.1 مليار ريال أرباح متوقعة لأرامكو    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    وزير الخارجية ونظيره الأردني يبحثان هاتفياً التطورات الأخيرة في قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    اقتصاد المؤثرين    انتهاك الإنسانية    بيلاروس تُعلن إجراء مناورة لاختبار جاهزية قاذفات أسلحة نووية تكتيكية    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الاتحاد يطرح تذاكر مواجهة الاتفاق .. في الجولة 31 من دوري روشن    نائب أمير الشرقية: صعود القادسية سيضيف لرياضة المنطقة المزيد من الإثارة    الهلال يطلب التتويج في «المملكة أرينا»    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    30 مزاداً عقارياً في المناطق    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    «البدر» و«محمد عبده».. رحلة الكيمياء والكيماوي    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    عبدالغني قستي وأدبه    حاتم الطائي    أمير جازان يخصص الجلسة الأسبوعية لاستعراض مؤشرات ومنجزات التعليم    بدر الحروف    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    المدح المذموم    الإطاحة بثلاثة مروجين للمخدرات    تنظيم لهيئة الصحة العامة وتحويل مؤسسة تحلية المياه إلى هيئة    «سعود الطبية»: زيادة إصابات «الكفة المدورة» مع تقدم العمر    الفوائد الخمس لقول لا    مروة محمد: نحن مقبلون على مجد سينمائي    "ذهبية" لطالب سعودي لاختراع تبريد بطاريات الليثيوم    10 آلاف ريال عقوبة الحج دون تصريح    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    29 ألف م3 مخلفات بناء برفحاء    مالكوم ينثر سحره مع الهلال    أمير الرياض يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    إطلاق خدمة "أجير الحج" للعمل الموسمي    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلام في الشرق الاوسط والثقة بين ممكن ومستحيل
نشر في الحياة يوم 18 - 11 - 2000

فجرت انتفاضة الأقصى قضية العلاقة بين السلام المستهدف والثقة المفقودة تاريخياً بين الأطراف المعنية، فالسلام بين أي طرفين متعاديين لا يمكن ان يتم التوصل اليه طالما ان الثقة بينهما مفقودة باعتبار ان الثقة هي المكون الجوهري للسلام سواء ما كان متعلقاً منه بالواقع الراهن وامكانية تجاوزه أو ما كان متعلقاً بالمستقبل المقبل والسير نحوه ليكون مستقبلاً سلمياً فعلاً.
العلاقة بين السلام والثقة علاقة جدلية تكاملية: الثقة المتبادلة بين الأطراف هي التي تقودهم الى السلام وكلما تعمقت وتعززت الثقة بينهم كلما تعمق وتعزز السلام المنشود، وعلى العكس من ذلك في حال افتقاد الثقة، عندها يفتقد السلام وكلما زاد افتقاد الثقة وتعمق أكثر كلما كان اقتراب الأطراف من الصراع والحرب المكشوفة أسرع وأكبر.
بذرت اسرائيل منذ بداياتها الأولى بذور اللاثقة بينها وبين العرب، فمنذ بدايات التغلغل الصهيوني في فلسطين أبدى الفلسطينيون استعداداً للعيش المشترك مع اليهود في دولة فلسطين ذات الغالبية العربية إلا ان الصهاينة ومعهم القوة المنتدبة رفضوا ذلك مصرين على جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود استناداً لوعد بلفور البريطاني، ومن هذا المنطلق كان الرفض العربي في البداية لقرار التقسيم. وبعد ان قامت اسرائيل واحتلت أجزاء واسعة من الأراضي التي خصصها القرار المذكور للدولة الفلسطينية تراجع العرب عن رفضهم وقبلوا بالقرار المتضمن اقامة دولة يهودية ودولة فلسطينية على أرض فلسطين، إلا ان اسرائيل رفضت ذلك ورفضت من ثم تنفيذ القرار 194 المتضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم.
بعدها بدأت بذور اللاثقة الإسرائيلية تنمود وتكبر مع رفض اسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومن ثم مع بدء اعتداءاتها الوحشية على الأراضي العربية المجاورة، ثم مع اشتراكها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وأصبح العداء هو الناظم المتحكم في الصراع بين اسرائيل والدول العربية خصوصاً بعد عدوان اسرائيل في حزيران 1967 واحتلالها سيناء والضفة والقطاع والجولان، حيث شكل ذلك العدوان هاوية انعدام الثقة.
في حرب تشرين 1973 سعت الدول العربية من أجل تحرير الأراضي المحتلة عام 1967 وبعيد توقف الحرب بأيام قلائل سعت تلك الدول من اجل جسر تلك الهوة حين أقرت في قمة الجزائر 1973 ما عرف بالأهداف المرحلية للنضال العربي استعادة الأراضي المحتلة عام 1967 وأعربت عن استعدادها لقبول تسوية سلمية مع اسرائيل، الا ان اسرائيل لم تقبل سوى بفصل للقوات على الجبهتين السورية والمصرية رافضة المطلب العربي بالانسحاب من الأراضي المحتلة مقابل السلام. ثم سعى العرب مجتمعين ثانية من اجل ذلك في قمة فاس الثانية 1982 حين أقروا أول مبادرة عربية سلمية لم تعرض اسرائيل على العرب أية مبادرة سلمية قبل أو بعد 1967 ومن ثم حين أقروا في ما بعد 1996 السلام كخيار استراتيجي عربي وهو أيضاً ما لم تقره اسرائيل بعد.
ظن الرئيس المصري أنور السادات ان ما يحول دون السلام بين الدول العربية واسرائيل هو مجرد حاجز نفسي وقد أخذ على عاتقه عبر زيارته للقدس 1977 كسر هذا الحاجز إلا انه سرعان ما اكتشف ان هذا الحاجز ليس من السهولة كسره طالما ان اسرائيل متمسكة باحتلال الأراضي واغتصاب الحقوق العربية وطالما انها متمسكة بالايديولوجية الصهيونية التوسعية والاستعلائية.
مع اقرار المبادرة السلمية الأميركية وموافقة اسرائيل على المشاركة في مؤتمر مدريد والمفاوضات الهادفة الى التوصل الى سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط على أساس القرارين 242و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام تصور كثير من العرب ان اسرائيل جنحت الى السلام، وعملوا بتشجيع من الأطراف الدولية على انتاج ثقة أغلبها مفترض افتراضاً بامكانية ج`عل اسرائيل أهلاً للثقة. وقد تدعم هذا الافتراض مع التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993 ومع التقدم الحاصل بعدها على المسار السوري إلا ان التطورات على المسارين أكدت في ما بعد ان اسرائيل غير أهل للثقة بها وغير مؤهلة للسلام معها، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ انعقاد مؤتمر مدريد وحتى اليوم حكومتان من العمل وحكومتان من الليكود ما زالت ترفض رفضاً قاطعاً مبداً الانسحاب من الأراضي السورية والفلسطينية المحتلة الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 وترفض في شكل خاص الانسحاب من القدس الشرقية وتفكيك مستوطناتها وتصر على الإبقاء على احتلالها لبعض الأراضي السورية والفلسطينية.
وكشفت انتفاضة الأقصى وما ارتكبته القوات الإسرائيلية من مجازر ضد الفلسطينيين ان حكومة اسرائيل تحرص على صد كل ثقة عربية بها وتحرص بالتالي على اغلاق بوابة السلام، فقد بذل الفلسطينيون جهوداً على امتداد السنوات الماضية من أجل اقناع أنفسهم بإمكانية الثقة باسرائيل وعملوا جادين من اجل الفوز بثقة اسرائيلية بهم وذلك عندما أوقفوا أعمال المقاومة العسكرية ضد قوات الاحتلال، لكن جهودهم سرعان ما تبخرت كلياً بفعل نيران الأسلحة الاسرائيلية وهي تحصد الفلسطينيين العزل مرة تلو أخرى، مؤكدة ان إسرائيل ما تزال كما وحيث كانت: العدو اللدود للفلسطينيين والعرب وأن قبولها المعلن بالسلام هو بمثابة مناورة تكتيكية لإيهام العرب والمجتمع الدولي بأنها دولة محبة للسلام يمكن الوثوق بها والركون الى نياتها.
ذهب العرب الى أبعد مما هو مفترض في الثقة بامكانية جنوح اسرائيل نحو السلام، وحاولوا انتزاع ثقة مقابلة منها لكن المحصلة كما تبدو اليوم: صفر هنا وصفر هناك فاللاثقة ما تزال هي الأساس واللاسلام هو المسيطر حتى الآن.
* كاتب فلسطيني مقيم في دمشق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.