سفينة النبي نوح عليه السلام أين هبطت بعد الطوفان المشهور؟ سؤال لم ينجح في الإجابة عليه علماء التاريخ والآثار الى الآن... ما يتردد، احتمالات أو تخمينات مؤرخين. وكما شغلت هذه القضية عشرات الباحثين فقد شغلت أيضاً علي محمد مسعد العراسي الذي يعمل ضابطاً في الأنتربول اليمني، والذي أعلن أنه اكتشف سفينة نوح عليه السلام في منطقة "نهم" التي تبعد عن العاصمة صنعاء قرابة خمسين كلم الى الشرق. فما هي الحكاية؟ يعتبر المكان الذي تربض فيه سفينة نوح لغزاً من أكثر الألغاز إثارة إن لم يكن أكثرها إثارة بالفعل لأن شعوباً ودولاً كثيرة ادعت أن سفينة نوح موجودة على أراضيها مثل سورية والعراق والأردن وحتى الأتراك والروس والهنود يدعون الادعاء نفسه. والعراسي من اليمن يزعم الكلام نفسه، بل ويتحدى أي شخص أن يكذبه. وطالما أن سفينة نوح لا تزال مجهولة المكان وحقيقتها غير مؤكدة، فإن الاستماع الى هذا الرجل الذي أنفق كما يقول الكثير من الوقت والمال حتى يتوصل لاكتشافه قد تقود الباحثين الى الحقيقة. يقول العراسي ل"الحياة": بدأ اهتمامي بسفينة نوح عندما استمعت في مكةالمكرمة الى الشيخ بن باز في اذاعة القرآن الكريم الذي قال بأن قبر النبي أيوب موجود شرق مدينة صنعاء أي في منطقة "نهم" التي تبعد عن صنعاء نحو خمسين كلم، فذهبت الى المنطقة التي أكد لي أهلها أن قبر النبي أيوب يقع على أعلى قمة جبل فيها بارتفاع 3500 قدم. وبعد البحث اكتشفت أن سفينة النبي نوح موجودة في المنطقة نفسها ولا يفصل بينها وبين القبر سوى وادٍ واحد، وأن "حصن ثومة" كما يسميه أهالي المنطقة ما هو إلا جبل جودي مكان هبوط السفينة. فالجبل والسفينة ذكرهما اللّه عزّ وجل في سورة هود في الجزء الثاني عشر من بداية الآية 40 الى الآية 48. والسفينة عبارة عن هيكل كبير في قمة الجبل يزيد طوله عن مئتي متر ويزيد عرضه عن خمسين متراً. وما يؤيد هذا الاكتشاف تأكيد المؤرخ ابن كثير بأن جبل جودي موجود في الجزيرة العربية ولكنه لم يحدد الشمال أم الجنوب. البعض أراد أن يتعرف على المكان فذهب الى موقع الجبل ورأى هيكل السفينة. حتى أن الكثيرين من السياح زاروا المنطقة وصوروا السفينة المزعومة، والبعض شكّك في صدقية الرجل بقوله ان السفينة تصنع من الخشب، وما نراه عبارة عن هيكل حجري متكلس يشبه السفينة. إلا أن العراسي أوضح بأن السفينة مكونة من أرقى أنواع الخشب الأبيض والأحمر مصنوعة في شكل فريد إذ يتزاوج الخشب بعضه مع بعض. وقد استغرق بناء هذه السفينة سنوات طويلة وأعدت أخشابها جيداً في شكل متين ومتقن وقد عثرت على بعض الآثار الخشبية التي تؤىد اكتشافي، وأنا مستعد لإعطاء قطع خشبية لتحليلها ودراستها لأي شخص يطلب ذلك. وعن العمر الافتراضي للسفينة يقول العراسي بأنه لا يملك الوسائل الحديثة لتحديده ولكن عمر السفينة التقريبي قرابة خمسة وعشرين ألف سنة. ولكن كيف تستطيع سفينة أن تعيش كل هذا العمر الطويل من دون أن تؤثر في هيكلها عوامل الطبيعة وظواهرها المختلفة؟ يجيب العراسي: "هذه المدة وغيرها لا تؤثر في السفينة حتى قيام الساعة لأن الله تعالى يقول في الآية رقم 15 من سورة العنكبوت "ونجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية". فالسفينة هي آية وعبرة للجن والإنس حتى قيام الساعة وهي باقية الى ما شاء الله تعالى كآية من آيات الله". ويبدو أن العراسي أراد أن يعطي صفة العالمية لاكتشافه هذا، فهو قد اتصل بالمدير الاقليمي لمنظمة اليونسكو في الدوحة وأبلغه باكتشافه وأرسل له صوراً لسفينته وملخصاً لبحوثه. إلا أن المنظمة ولأسباب غير معروفة توقفت عن التعاون مع العراسي بعد أن كانت - كما يقول - وافقت على ارسال بعثة الى اليمن لدراسة الاكتشاف، واعتماد ميزانية لذلك. ولكن ما هي العلاقة بين قبر النبي أيوب وسفينة نوح وكيف تأكد المكتشف بأن القبر هو بالفعل قبر النبي أيوب؟ يقول الغراسي: "لقد هاجر النبي أيوب من بلاد الشام الى اليمن وسكن في منطقة "نهم" وبعد مرضه هجر المنطقة وصعد الى رأس الجبل الذي يطل عليها على ارتفاع 3500 قدم واختبأ لفترة طويلة عن أنظار الناس. وكانت زوجته تحضر له الطعام فوق الجبل، حتى وصل المرض الى لسانه فدعا الله تعالى قائلاً اني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فأمر الله تعالى بجبريل فنزل وأمر أيوب أن يركض برجله على الأرض فظهرت بئران صغيرتان وعميقتان الأولى مغتسل والثانية شراب. والأولى لا تزال موجودة إضافة الى لوحة عربية تؤكد مكان القبر. ويؤكد أهالي المنطقة بأن آباءهم وأجدادهم أخبروهم بأن القبر هو للنبي أيوب، وهو المكان الذي توجد فيه سفينة نوح، حيث عثرت - والكلام لا يزال للعراسي - أيضاً على بقايا للطيور والحيوانات التي اصطحبها سيدنا نوح معه على السفينة، والظاهر أن العراسي على ثقة كبيرة بصحة اكتشافه لأنه يتحدى كل الباحثين في مجال التاريخ والآثار والعلماء والخبراء من العرب والأجانب، لإثبات عكس ما يقول. سفينة نوح، وقصة الطوفان وردت في الكتب السماوية، ومن الوارد العثور على بقايا لها في أي مكان في العالم، ولم يتم حتى الآن العثور على دليل قاطع على وجودها في مكان معين، ولكن تظل سفينة نوح لغزاً يتمنى الكثيرون اكتشافه.