انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    عوائد الإعلانات تقفز10% مع توسع جوجل في الذكاء الاصطناعي    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    توقيع عقود استثمارية ومذكرة تعاون نوعية لتعزيز التنمية والإسكان    ترامب يشترط فتح الأسواق الأوروبية أمام الشركات الأمريكية    استقرار أسعار الذهب    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض "المدينة المنورة للكتاب"    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    "صيدي ما يلوث".. حملة بيئية شاملة تكشف كارثة صادمة في سواحل دارين    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    تصفيات ومواجهات ومتأهلين في عدد من الألعاب في الأسبوع الثالث    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل ختام موسم فروسية الجبيل    أمازون السعودية تُطلق 7 أيام متواصلة من عروض "يوم برايم 2025" الحصرية لأعضاء برايم من 25 – 31 يوليو    ضرورة مطابقة المركبة لمتطلبات الأمن والسلامة.. 10 ضوابط لسائق النقل التعليمي والسماح للفرد بالنشاط    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    بكر يحتفي بحفيده الأول    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    موجز    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    توثيق 1810 عقارات يوميا    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    أواصر راسخة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    ابن فرحان يتلقى رسالة من لافروف واتصالاً من وزير الخارجية البريطاني    7.9% نموا بالأجور الدنيا    إطلاق النسخة الثانية من مبادرة «تفعيل مجتمع الأفلام المحلي»    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    جمعية "واثق" بتبوك تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من برنامج "منزل منتصف الطريق"    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    420 موهوبًا وموهوبة يختتمون الرحلة الإثرائية بجازان    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظاهر من أزمة الانتليجنسيا السورية
نشر في الحياة يوم 20 - 10 - 2000

تشهد أوساط المثقفين والمفكرين السوريين راهناً حالاً من حالات الحراك تحت وطأة عوامل ذاتية وموضوعية وتكبحها في الآن ذاته وبشكل صِدامي أزمة الانتليجنسيا التي هي أزمة مركبة ومعقدة، تمظهرت وما تزال في: انطواء الانتليجنسيا على نفسها في ما يشبه الفيتوات الثقافية، وتشتتها، وعجزها، اضافة الى انعزالها أو استبعادها عن الحياة السياسية. كما انها الانتليجنسيا دفنت رأسها في رمال وكثبان الثرثرة واللغو. وان امتلكت العقل اضاعت لغة الحوار وغيبت بقصد أو بدونه التقاليد الديموقراطية. والأهم من ذلك قد تصبح مهووسة بضرورة التحديث المؤسسي والفكري الى حد نسيانها واقعها، الأمر الذي يجعل خطابها سواء أكان مسكوناً بنبرة انتقادية معارضة أو بصخب ديماغوجي موالٍ خطاباً مبتوراً.
وواقع الانتليجنسيا السورية يتلخص في ديمومة علاقة الشك والريبة بين المثقفين والسلطة السياسية، وهي ليست بأي حال شبيهة بعلاقة الفراشة بالضوء أو الخفاش بالنور. بل ربما تكون كعلاقة التوأمين السياميين لجهة رغبة أحدهما في اخضاع الآخر أو الغائه.
لكن حال الحراك الراهنة للانتليجنسيا السورية تبدو وكأنها بداية محاولة للخروج من الأزمة فنويات تبلور مركب ثقافي - سياسي مجتمعي مدني وظيفته الرئيسة اعادة بناء أو في الحد الأدنى ترميم وظائف ومؤسسات المجتمعين المدني والسياسي ورد الاعتبار للمدرسة والجامعة والحزب السياسي والنقابات ووسائل الإعلام من اذاعة وتلفزة وصحف ومجلات، هذه النويات ما زالت مبعثرة ومتباعدة عن بعضها بعضاً، وذلك نتيجة لدوران الانتليجنسيا في مكانها أو وقوفها على أطلال تجارب لعمل حزبي قومي ويساري فاشلة، اما بسبب طوباويتها أو لمراهقتها السياسية اليسارية.
وان كان الدافع الرئيس لحراك الانتليجنسيا هذه تقارب نوياتها من بعضها حول مدار التغيير المنشود المتمثل في انجاز مهام تاريخية عناوينها الرئيسة: الحرية بصيغها الحضارية، والديموقراطية التمثيلية المتضمنة انتقال الانتليجنسيا من مرحلة الممانعة الثقافية الى المعارضة السياسية الشرعية، وتشكيل أحزاب سياسية تلعب دور الوسيط بين الحاكم والمحكوم، والمشاركة في جهود التنمية على كل المستويات، فإن وتيرة عملية التقارب والانجذاب نحو مدار التغيير ما زالت بطيئة أو تحول عقبات ذاتية دون تسريعها. ولعل أبرز تلك العقبات ما يتمثل في غياب أو تغييب أو تغيب مفكرين عصريين وعمليين يوجهون الانتليجنسيا ويحددون وظائفها الجديدة التي لم تعد محصورة في الوجاهة الاجتماعية بحكم كون المثقفين طليعة أو صفوة المجتمع، أو في التحول الى أدوات أو موظفين إداريين. بل أصبحت الوظائف الجديدة للانتليجنسيا تتعدى الحدود الوطنية الى العالمية لجهة تعميم الثقافة الإنسانية والحضارية، من دون أن تتخلى عن دورها في مواجهة النوازل التي تواجه النخب السياسية وكياناتها التي يبدو انها ككيانات ونخب اكتشفت بحدسها أو مرغمة، ان خطابها الايديولوجي انسحب من سوق التداول الايديولوجي، وبالتالي بات عليها، أو اختارت ان تكف عن كونها دولة تسلطية والتحول من الجمهورية الراديكالية والدولة الريعية - بحسب تعبير د. عزمي بشارة - الى دولة مدنية ديموقراطية يكون فيها المجتمع والدولة توأمين سياميين لجهة استحالة انفصال أحدهما عن الآخر أو الغائه.
وبإدراك الانتليجنسيا السورية، التي تشكل أزمتها العامة احدى صور أزمة الانتليجنسيا العربية المقيمة أو المهاجرة أو المتوطنة، لعمق أزمتها وطبيعة وظائفها الجديدة والقديمة المتجددة، فإنها بذلك تتلمس السبل الناجمة للخروج من أزمتها، ومن دون ذلك ستتعمق الأزمة وتتحول حال الحراك الراهنة نحو ولوج حرب طواحين الكلام.
* كاتب سوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.