في العام 1931، كان ماو تسي تونغ، زعيم الشيوعيين الصينيين قد خطا خطوة اضافية على طريق عمله السياسي حين أعلن عن قيام جمهورية سوفياتية صينية في اقليمي هونان وجيانكسي في الجنوب الشرقي من الصين. غير ان قوات الحكومة المركزية في ناننيغ تمكنت من سحق جمهوريته بعدما تسلم قيادتها زعيم الكومنتانغ الوطنيين تشانغ كاي تشيك. وفي العام 1934 شنت هذه القوات هجوماً عنيفاً على الشيوعيين عازمة من خلاله على تدمير البنى الاجتماعية التي كان الشيوعيون قد أقاموها. وكان هجوم الوطنيين ناجحاً الى درجة ان رجال ماو تسي تونغ البالغ عددهم 130 ألف رجل بدأوا يجلون بسرعة عن جيانكسي، بعد ان تكبدوا خسائر فادحة. غير ان ذلك لم يرمهم في وهاد اليأس، اذ أنهم، ودائماً تحت قيادة ماو، بدأوا يتجهون ناحية الشمال الغربي في ما سيعرف لاحقاً باسم "المسيرة الطويلة" التي بدأت على تلك الشاكلة، ولم يفت ماو في تلك المناسبة ان يعزو الهزيمة الى روح المغامرة التي طبعت بعض القادة الشيوعيين. في خريف العام التالي، 1935، وبعد مسار شاق استغرق نحو سنة، كانت خلاله القوات الشيوعية تتعرض الى هجومات عنيفة من قبل قوات ناننجنغ، تمكنت قوات ماو من الوصول الى اقليم شنسي، في المناطق الحدودية شمال الصين. وبسرعة وقعت تلك المناطق بأسرها تحت سيطرة الشيوعيين الذين صار في امكانهم عند ذاك ان يؤسسوا حكومة خاصة بهم في مدينة يونان. هنا ما كان من ماو الا ان طلب من القيادات الشيوعية ان تفاوضه حول مشروعه الرامي الى إقامة دولة شيوعية قوية في الصين، فكان له ما أراد. وهو اعتبر ان ذلك الانتصار على محازبيه ومعاونيه، هو الذي أدخل المسيرة الطويلة. في عالم الاسطورة. وفي تلك المناسبة راح ماو يرسم محصلة ما حدث خلال الأشهر الأخيرة، اي خلال تلك المرحلة الهامة من المسيرة الطويلة فتبين له ان التراجع امام قوات تشان كاي تشيك جرى على رقعة من الأرض بلغ عرضها أكثر من 12 ألف كيلومتر. كما ان الجيش الشيوعي الذي كان عدده، عند أول المسيرة اكثر من 130 ألف جندي، لم يعد يعدّ عند الوصول الى يونان سوى ثلاثين ألفاً. ومع هذا فإن ماو راح ينظر الى المستقبل منذ تلك اللحظة نظرة متفائلة.