حتى ذلك الحين كان التحالف قائماً بين شيوعيي ماو تسي تونغ ووطني تشان كاي تشيك في الصين. فالهدف المبدئي للطرفين في ذلك الوقت المبكر، كان واحداً، وكان الكومنتانغ والنضال الذي يخاض تحت بيرق الزعيم الثوري الراحل صن ريات - سن، يجمعان ذينك الفريقين التقدميين. ولكن في التاسع من نيسان ابريل 1927، وقع الطلاق بينهما. ففي ذلك اليوم أعلن الشيوعيون في شانغهاي، خلع الزعيم الوطني وإبعاده عن صفوف الثورة نهائياً. وكان من الواضح ان الشيوعيين بنوا استراتيجيتهم تلك بناء على حسابات غير واعية، لأن النتيجة كانت ضربة قاصمة وجهها اليهم تشان كاي تشيك، في كانتون وايضاً في شانغهاي، وغيرها من المناطق. وبهذا المعنى يمكن القول ان الخلاف الصراعي الحاد بين الفريقين بدأ في ذلك اليوم بالذات. الذي حدث هو ان كاي تشيك أحس ذات لحظة أنه بات من القوة، هو الذي كان منذ البداية عازماً على ان يوحد الصين تحت بيرقه، ضارباً في طريقه "أمراء الحرب" والاقطاعيين الذين كانوا يحاربون في سبيل الحفاظ على مناطق الصين الشمالية والمناطق الوسطى بعيدة عن أي نفوذ ثوري. وكان تشيك بحاجة الى حماس الفلاحين والبائسين لمحاربة الاقطاعيين، ومن هنا كان تحالفه مع الشيوعيين الذين كان نفوذهم في الأوساط الريفية والاحياء الفقيرة في المدن قوياً، وذلك منذ أيام صن يات - سن. وهكذا بالتحالف مع الشيوعيين تمكن الجنرال الوطني من احتلال هونكيو في أواخر العام 1926، ثم تولت الجيوش الوطنية الآتية من كانتون احتلال نانكين وشانغهاي، التي دخلوها في آذار مارس 1927، بعد ان سيطر عليها الشيوعيون في الداخل. وهذا الانتصار الأخير كان الأكبر حتى ذلك الحين، وهو الذي سمح للثوار، وطنيين وشيوعيين، بالسيطرة على مجمل المناطق الواقعة جنوبي نهر يانغ تسي. وهنا، أمام هذا الواقع، أحس الشيوعيون، الذين كانت قياداتهم متجمعة في اقليم هونان، بأن تشان كاي تشيك يتصرف وكأنه هو المنتصر، وكأن الشيوعيين لم يكونوا سوى جنود من جيشه. وقرروا ان يتحركوا خوفاً من استفحال الأمر خصوصاً وان انتماءهم الى تيار صن يات سن كان قد بدأ يغيب عن الأذهان. لذلك أعلنوا في مثل هذا اليوم من العام 1927 خلع تشان كاي تشيك من قيادة الثورة. على الفور تحرك تشان كاي تشيك، إذ أعلن في صباح اليوم التالي، وفي مدينة شانغهاي بالذات، حل المنظمات الطلابية والنقابية الخاضعة أساساً للنفوذ الشيوعي ثم أمر رجال أمنه باعتقال القادة النقابيين وإعدامهم فوراً. وهكذا، بسرعة رهيبة تخلص الوطنيون من حلفاء مزعجين لهم. اذ ان الشيوعيين اضطروا على الفور الى ترك مقراتهم في المدن والالتجاء الى العمل السري. لكنهم في الوقت نفسه تمكنوا من ان يحركوا جماعات تابعة لهم في مدينة كانتون نفسها، التي تعتبر معقلاً لجماعة خصمهم تشان كاي تشيك. ولقد تمكنت تلك الجماعات الشيوعية على الفور من تزعم انتفاضة عمالية صاخبة عرفت باسم "كومونة كانتون". وهنا بات على الجنرال الوطني، ان يتحرك ليقمع تلك الكومونة خوفاً من انتشار عدواها، وبالفعل ما أن مضت أسابيع حتى سحقت تلك الثورة الفتية وتم اعدام قادتها على مرأى مئات ألوف المواطنين في شوارع تلك المدنية التي ستصبح رمزاً منذ ذلك الحين خصوصاً وان رؤوس القادة المقتولين علقت في الشوارع والساحات على أعمدة عبرة لمن يعتبر. وهكذا بدأت حرب بين الشيوعيين والوطنيين لن تنتهي إلا بعد عشرين سنة. ديبلوماسياً أدت أحداث كانتون الى قطع العلاقات الديبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وحكومة الصين الوطنية، حيث ان هذه الأخيرة اعتبرت موسكو مسؤولة عن إرسال عملاء لها هم الذين حركوا أحداث كانتون.