فعد الغامدي إنجاز غير مسبوق لأول سعودي يحصد تصنيف "الإيكاو" الدولي    محافظة الفرشة بتهامة قحطان تحتفل باليوم الوطني 95 وسط حضور جماهيري واسع    أمير حائل يشهد حفل أمانة المنطقة لوضع حجر الأساس وتدشين عدد من المشاريع التنموية .    وزارة الرياضة تصدر بيانًا حول أحداث مباراة العروبة والقادسية في كأس الملك    انخفاض أسعار النفط    يوم لنا مشهود بعال المراقيب    وطن شامخ ولا يهتز في ظل الملك سلمان    مخالفو الصيد البحري في قبضة الأمن    22.8 مليار ريال استثمارات أجنبية جديدة    صعوبة بالغة لوصول الطواقم الطبية والمصابين.. دبابات إسرائيلية تتوغل في غزة    أكد التزامها بالتنمية المستدامة.. وزير الخارجية: السعودية تترجم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لواقع ملموس    قبل لقائه المرتقب مع نتنياهو.. ترمب: فرصة تاريخية للإنجاز في الشرق الأوسط    أول محمية ملكية سعودية ضمن برنامج اليونسكو    الديوان الملكي: وفاة عبطا بنت عبدالعزيز    "مع الأخضر قدام".. حملة جماهيرية لدعم المنتخب السعودي في الملحق الآسيوي    حائل تستضيف كأس الاتحاد السعودي للهجن للمرة الأولى    محطماً رقم رونالدو وهالاند.. كين أسرع لاعب يصل للمئوية    «هيئة الشورى» تحيل 20 موضوعاً للجان المتخصصة    خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون.. وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    الخريف يبدأ زيارة إلى هانوي.. تعزيز التعاون الصناعي والتعديني بين المملكة وفيتنام    عسير: فرع هيئة الصحفيين ينظّم ندوة "الخطاب الإعلامي للوطن؛ بين ترسيخ الهوية وتعزيز القيم"    معرض الكتاب.. نافذة على عوالم لا تنتهي    أحمد السقا ينجو من الموت بمعجزة    مجمع الملك سلمان يعلن بدء التسجيل لحضور مؤتمره السنوي الدولي الرابع    صالات النوادي والروائح المزعجة    ورقة إخلاء الطرف.. هل حياة المريض بلا قيمة؟    السودان: 14 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب الحرب    ترمب يجتمع بكبار القادة العسكريين    الهوية الوطنية «بدل مفقود» عبر أبشر    تداول يخالف التوقعات ويغلق على تراجع 78 نقطة    حسام بن سعود يشارك منتسبي إمارة الباحة احتفالهم باليوم الوطني    التحالف الإسلامي يطلق دورة تدريبية لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    نائب أمير الشرقية: مشروعات البيئة والمياه تحقق التنمية الشاملة والمستدامة    121 سجلا تجاريا تصدر يوميا    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    مزاد نادي الصقور السعودي 2025.. خدمات متكاملة تعزز الموروث وتدعم الطواريح    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    المتطوعون يشاركون في احتفالات أمانة الشرقية باليوم الوطني    السلامة الغذائية    «سعود الطبية» تطلق ملتقى إدارة المشاريع والتحول الصحي    استشاري أورام: مستقبل القضاء على السرطان مشرق    الاتحاد يسرح بلان ويستنجد بخليفة    إيران بين المواجهة والدبلوماسية بعد إعادة فرض العقوبات الأممية    غداً .. الأهلي يواجه الدحيل القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة    تمادي إسرائيل في حرب غزة ومقترح عماني يدعو لفرض العقوبات    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفل باليوم الوطني ال95    الجوال أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    دوري المقاتلين المحترفين يختتم جولة نصف النهائي ونزالات الجولة النهائية في الشرقية    منتدى فكر بجامعة جازان يناقش الوسطية والانتماء    وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    نائب أمير تبوك يكرّم مدير الشرطة السابق ويستقبل خلفه المعين حديثًا    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كسوف العقل
نشر في الحياة يوم 25 - 08 - 1999

غالباً ما يسود الاعتقاد بأن هناك مجتمعات متقدمة بلغت من الحداثة أوجها تحركها العقلنة وتسودها العقلانية، وأخرى "متخلفة" بإمكاننا أن نعثر فيها على بقايا اللامعقول وآثار الاسطورة ورواسب الخرافة.
إلا أنه من حين لآخر، وعلى اثر بعض الهزات الاجتماعية أو الظواهر الطبيعية، وحتى في تلك المجتمعات الأولى، قد ينفلت اللامعقول من عقاله ليعود إلى الظهور من جديد، بل انه قد يتخذ أشكالاً بارزة مثيرة للدهشة في بعض الأحيان.
هذا ما لاحظناه عند الاعلان عن قرب حدوث الكسوف الأخير. لقد انفضحت الأسس الواهية للعقلانية "الصارمة" وانكسف العقل واختفى نوره قبل أن تنكسف الشمس، وأخذت التنبؤات والخرافات تتقاطر هنا وهناك غير آبهة بجغرافية العقلانية التي كانت تحكم العالم قبل وقت قصير، حتى اننا لم نعد نستطيع أن نتبين في الخطاب الواحد ذاته ما يمت إلى العلم والعقلانية، وما يندرج ضمن أشكال الخرافة والتفسيرات الاسطورية.
وربما كان الأمر أساساً مدعاة، إلى إعادة النظر في "منطق الاسطورة" فحسب، بل إلى مراجعة مفهومنا عن العقل والعقلانية وعلاقة الميتوس باللوغوس.
فكثيراً ما فهمت العقلانية على أنها "انتصار" للعقل ضد اللامعقول، أي قضاء عليه ومحو له. ففهم اللوغوس على أنه إلغاء للميتوس. واعتبرت العقلانية استبعاد اللامعقول، نفياً للخوارق. كما لو ان لللامعقول وجوداً عرضياً مهزوزاً من شأن العقلنة ان تقضي عليه وترمي به في العدم.
إلا أن العلاقة بين المعقول واللامعقول ليست بمثل هذا الانفصال، ولا هذا "التخارج"، كما ان سيادة العقل في مجال بعينه من مجالات الدراسة لا يعني إلا مجرد فصل للطبيعي عن الخارق للطبيعة، وللسياسي عن الكوني. فعندما نقول، على سبيل المثال، إن العقل قد اكتسح تنظيم المدينة مع ظهور تفكير عقلاني سياسي عند اليونان، أو أنه قد اكتسح الطبيعة مع ظهور الفزياء علم الطبيعة، فإننا نقصد أساساً ظهور أشكال للخطاب ينفصل فيها المعقول عن اللامعقول والطبيعي عن الخوارق والسياسي عن الكوني.
وما لاحظناه بالضبط عند الاعلان عن ظاهرة الكسوف الأخيرة هو عودة المكبوت اللاعقلاني في مجال الطبيعة، أي ظهور أشكال للخطاب تمزج ولا تفصل الطبيعي عن الخارق للطبيعة، والخرافي عن العلمي والمعقول عن اللامعقول.
ذلك ان الفصل يتم على مستوى الخطاب. واللامعقول من صميم الواقع البصري، ولا يمكن إلغاؤه أو القضاء عليه. ولا يعني ذلك على الاطلاق أنه شر كوني يتهدد الانسان ويلاحقه أنّى كان، بل انه من صميم الوجود البشري أي أن الانسان هو مبدعه وضحيته في آن. ولعل هذا ما أوضحته المثالية الألمانية في مختلف مراحلها وأشكالها. فعلى عكس العقلانية "الساذجة" التي أقامها القرن السابع عشر الأوروبي، أوضحت تلك المثالية ان العقل يحيط نفسه بالأوهام، وهذا ما ستثبته الانتربولوجيا بعد الماركسية والتحليل النفسي. إن الواقع البشري هو دوماً في حاجة إلى أوهام، وليس الميتوس لعنة أو مرضاً يصيب اللوغوس ويلحق به، بل ان للميتوس كذلك معقوليته ومنطقه ومعناه.
ليس "انتصار" العقل إذن إلا مجرد كبت لللامعقول، ويكفي ان تحدث بعض الحوادث كي ينكسف نور العقل ويخسف بدره ويأفل نجمه.
* كاتب مغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.