بيروت - "الحياة" - الصور الآتية من إيران منذ انتفاضة الطلاب فيها، كأنها التقطت لزمنٍ ايراني لا نعرفه. الشبيبة هناك هم غير الشبيبة المتشكلة صورهم في أذهاننا، وليس في ملامحهم ما اعتدنا رؤيته من ملامح الشاب الايراني في "بوستر" الثورة. كثيرون منهم حليقو الذقون، ويرتدون الجينز. آخرون حملوا زميلات لهم على اكتافهم في لحظات الهتاف. وهناك من أطلق شعره متشبهاً بصورة الشاب الغربي. انهم كثر ومتنوعون، وهم فجأة قفزوا واحتلوا مساحة الصورة الايرانية التي كان يحتلها قبلهم الشاب الملتحي الذي ارادته جمهورية الثورة نموذجها. ولكن، في لحظات العنف ومع تقدم الساعات بهم وهم في انتفاضتهم، راحوا يقتربون شيئاً فشيئاً من صورة شبيبة الثورة، فالعنف حين يحتل الوجوه والأجسام يحول أصحابها الى مخلوقات متشابهة تماماً كأن التظاهرة تدمج الأفراد في جسم وعقل ووجدان جماعي جامح دائماً. لم تصلنا من إيران قبل انتفاضة طلابها صور عن حياة شبيبتها الا القليل بعد تسلم السيد محمد خاتمي رئاسة الجمهورية. ومن زار ايران يدرك ويرى ان الحياة فيها مختلفة عن ما كونه عنها من مشاهد وإيقاعات. ففي طهران يمكنك أن تلمس في كل لحظة حاجة عشرات الألوف من الشبان والشابات الى التغيير، ولا يفارقك هناك شعور بأن حياة الشباب سائرة على غير ما يشتهي كثر من قادة الدولة. في الجامعات يتحدثون عن أنواع الموسيقى وعن السينما العالمية وعن العولمة، وهم منخرطون في أنماط عيشٍ مختلفة. مع فارق كبير، هو أنهم عندما يفعلون ذلك يشعرون بين ما يشعرون به، أنهم يتحدون أنماط العيش الرسمية، وبدل أن يولد انخراطهم في ضروب الحداثة هذه أفراداً مختلفين وأذواقاً مختلفة، يعود المنع والقسر ليدمجهم في جسم جماعي قد يصعب كبح جماحه في المرة المقبلة. الطلاب حملة الأحلام، في إيران كما في غيرها. ولما تعارضت أحلامهم مع حلم الثورة الإيرانية المتحقق في سلطة، انتفضوا... وتغيرت الصورة.