نمو ملحوظ للأدوات الاستثمارية في المملكة بنهاية الربع الثاني 2025    السومة يهدر ركلة جزاء في تعادل الحزم مع ضمك في انطلاقة "دوري روشن"    حرس الحدود في المدينة المنورة يحبط تهريب مادة "الشبو" المخدر    وكيل وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية لتنمية المجتمع يزور فرع الوزارة بجازان ومركز التنمية الإجتماعية    مباحثات سعودية - أمريكية لتعزيز الشراكات الإستراتيجية في قطاع التصنيع المتقدم    التفاؤل يتبدد في مانشستر يونايتد مع تزايد الضغط على أموريم    مجلس الأمن يمدد مهمة "يونيفل" في لبنان حتى نهاية 2026    فرنسا وألمانيا وبريطانيا تفعل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران    المركز الوطني لسلامة النقل يقيم ورشة عمل لتعزيز سلامة النقل البري    الشباب يضم همام الهمامي    أهالي قطاع غزة يُعبرون عن شكرهم للمملكة على المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة لهم    خادم الحرمين الشريفين يصل إلى الرياض قادمًا من جدة    الهلال يخسر خدمات ثيو هيرنانديز أمام الرياض    توقيع اتفاقية و6 مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة المختلفة بين شركات سعودية ووزارة الطاقة السورية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10732) نقطة    رئيس جامعة الإمام عبد الرحمن ومنسوبوها يتفاعلون مع حملة ولي العهد للتبرع بالدم    فهد الطبية تُطلق العيادة المشتركة لعلاج اضطرابات التنفس والهضم لدى الأطفال    "الرياض آرت" يعلن عن فتح التقديم في ملتقى طويق للنحت 2026    إلهام أبوطالب: من طفولة الوادي إلى منصات الفن التشكيلة    الفتح يستعير ماجد قشيش من النصر لموسم واحد    "التخصصي" يشهد تفاعلًا واسعًا من المتبرعين ضمن الحملة الوطنية للتبرع بالدم    مُحافظ الطائف يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية المكلّف    أمانة حائل تضيف لمسات جمالية على الطرق    بدء تسجيل 65,217 قطعة عقارية في منطقة مكة المكرمة    استشهاد خمسة فلسطينيين من منتظري المساعدات وسط غزة        الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفقد فرع الرئاسة العامة بمنطقة مكة المكرمة    قوات مسلحة سعودية تشارك في تمرين «النجم الساطع» بمصر    معرض الصين والدول العربية يشهد اجتماعا لتعزيز التعاون السياحي بين الجانبين    إبراهيم العسكر في ذمة الله والصلاة عليه عصر اليوم في جامع الراجحي    مستشفي حقل يحقق انجازاً طبياً في عمليات العيون    الزهراني يحتفل بزواج عبدالجبار    بكالوريوس الطب لزبيدة    إياد يضيء منزل فلاته    تقدمت بها شخصيات سياسية لوقف الفتنة.. لبنان: شكوى جزائية ضد الأمين العام لحزب الله    في ظل استمرار التوترات الأوكرانية.. الكرملين يستبعد لقاءً قريباً بين بوتين وزيلينسكي    الحزم يعيد عمر السومة إلى الدوري السعودي    أوروبا تترقب قرعة دوري الأبطال ويوروبا ليغ    9 أفلام سعودية قصيرة في مهرجان «البندقية»    الزهراني يهدي لوحة لمتحف الفيان    في ديوانيته الأسبوعية.. خوجه يحتفي بترقية الغامدي    الملايين يوقعون عريضة لإنقاذ «السائق القاتل»    «سوبرماركت» يختلس كهرباء مسجد    بمشاركة جهات حكومية وشركات متخصصة.. «يوم السعودية الرقمية» يعزز الوعي بالخدمات الإلكترونية    بناءً على دراسة دقيقة لأولويات التنمية في الرياض.. البلديات: خرائط جغرافية لرسوم الأراضي البيضاء    العبيكان يتماثل للشفاء    موجات الحر تسرع الشيخوخة البيولوجية    جامعة جازان تطلق برنامج التهيئة لطلبة الدراسات العليا    نائب أمير الشرقية يثمن إنجازات مكافحة المخدرات في حماية الشباب    فهد بن سعد يطلع على إنجازات "أحوال القصيم"    برعاية سمو أمير مكة.. إقامة الحفل السنوي للحلقات والمقارئ لرئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام    مستشفى الولادة والأطفال بالدمام يرفع طاقته الإستيعابية للطلب المتزايد لخدماته    بلدية بقيق تطلق مشروع جمع ونقل النفايات    نائب وزير الحرس الوطني يزور مركز القيادة الرئيسي بالوزارة    أبواب المسجد الحرام.. تسهيل الدخول والخروج    القدوة الحسنة في مفهوم القيادة السعودية    رحيل العميد بني الدوسري.. قامة إنسانية وذاكرة من التواضع والنقاء    إستراتيجية جديد ل«هيئة التخصصات».. تمكين ممارسين صحيين منافسين عالمياً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب الايراني : رؤية عابرة لواقع يتحرك خارج الصورة ... ولمثيله على الشاشة
نشر في الحياة يوم 20 - 10 - 1998

زرت طهران في الاسبوع الأول من شهر شباط فبراير الماضي لحضور مهرجانها السينمائي. وحاولت في البداية، وفي عجلة من أمري، ان استحضر بعض الصور التي شحذت مخيلتي عبر المشاهدات السينمائية، وبما توفر لي من معلومات أولية عن ذلك البلد الذي اختلطت صورته أمام نفسه وأمام العالم.
وصولي في تلك الليلة الباردة الى مطار العاصمة الايرانية ترافق مع الذكرى التاسعة عشرة للثورة الاسلامية وبدد كل ذخيرتي بضربة واحدة. ولأعترف، ان الصور والمعلومات لم تشفع لي إلا في معرفة القليل من ظواهر مجتمع يمور بشتى التيارات والمفاهيم الفكرية، بعد أن هزت الثورة على مدى السنوات السابقة الكثير من أسسه.
لحظتها قررت الاعتماد على ما توفره مشاهداتي الشخصية، واطلاق العنان لناظري من دون الرقيب أو الأحكام المسبقة. وفي الأيام التالية تشكلت لي صورة أولية، أقرب الى نبض الشارع والى نظرات المارة المأخوذين بدوامة الحياة اليومية.
كان منظر الشباب من الجنسين هو أول ما خطف عيني، عشاق يمضون الى مواعيدهم بثقة وأمان. صبايا يلعبن كرة القدم في الحدائق العامة من دون ان يشكل الحجاب عائقاً لحركتهن أو أن تقيدهن حواجز تفصل ما بين الجنسين. باعة من سكان المدن القريبة تتوزعهم أرصفة الشوارع والساحات العمومية. طلاب يبحثون عن مصدر علمي أو كتاب في سوق على بعد خطوات من "ميدان انقلابي" الذي انطلقت منه الشرارة الأولى للثورة. الحضور الطاغي للمرأة في مواقع العمل المختلفة وبشكل غير مسبوق في تاريخ ايران المعاصرة.
لكن السؤال التحدي هو كيفية معرفة خيارات هؤلاء وسلم أولياتهم، خصوصاً اذا عرفنا ان نصف عدد سكان ايران التي تضم 60 مليون نسمة ولدوا بعد الثورة الاسلامية. و54 في المئة منهم دون الثامنة عشرة، فيما تتزايد النسبة لتصل الى 65 في المئة لمن هم تحت سن الخامسة والعشرين. بمعنى آخر ان تطلعات شباب ايران اليوم أغلبهم انتخب السيد محمد خاتمي رئيساً للجمهورية في أيار مايو من العام الفائت، وخرج الى الشوارع تغمره الفرحة يستقبل فريقه لكرة القدم عندما تأهل الى كأس العالم بفوزه على استراليا، معقودة على ما ستوفره لهم الدولة من فرص عمل وضمانات حقوقية. فالاقتصاد الايراني في أزمة خانقة، ليس بسبب انخفاض أسعار النفط فقط، وانما نتيجة سنوات من الاهمال والتسيب وجروح وندوب الحرب مع العراق التي لم تندمل بعد.
الدراسة الجامعية هي الخيار الأول للشباب الايراني، لكنهم سرعان ما يدركون حقائق خارج ارادتهم. فنصفهم لا يشغل عملاً ثابتاً، ولا تشكل الفرص المتاحة اغراء بحد ذاتها، هذا لو استبعدنا من تنقذه رحمة البازار ببركاتها كونه عصب الاقتصاد بعد النفط. وفيما لا يتجاوز متوسط دخل الفرد خمسين دولاراً، نجد ان الكثير منهم يشتغل في عملين لتلبية حاجاته اليومية المتزايدة، خصوصاً أولئك الذين داعب الزواج والاستقرار مخيلتهم. في حين يفضل أغلب الشباب المنحدر من عائلات ميسورة البقاء في بيوتهم أو التسكع في الشوارع، كشكل من أشكال الرفض لما توفره الحياة لهم. وعن البدائل فإن السفر الى الخارج هو ورقة اليانصيب الرابحة التي يحلم بها الشباب من كلا الجنسين، على رغم معرفتهم بصعوبة الحصول على تأشيرة. وتأتي الولايات المتحدة في مقدم هذه الخيارات، على رغم ان العلاقة مع هذه الدولة تعتبر من المحرمات الى فترة قريبة. وتحتل أوروبا الخيار الثاني، ومن ثم السفر الى احدى الدول الخليجية، لقربها ووجود جالية ايرانية كبيرة فيها، اضافة الى أن البضائع والسلع المحلية، من سجاد ومحاصيل زراعية تجد لها هناك سوقاً ومشترياً.
من الصور التي صدمتني لدى الشباب الايراني الاسراف في التدخين والمباهاة به لا سيما اذا كانت السجائر تحمل علامة "مارلبورو لايت"، ورحت أسأل نفسي هل ذلك يعني نكاية بصناعة السجائر المنتجة محلياً أم تشبثاً بموقع يكسب صاحبه موقعاً في صراع الأضداد؟ لئن كانت ظاهرة التدخين هي شكل من أشكال التمرد، فإن تسريحات الشعر وسماع الموسيقى الغربية والتبضع من محلات كان التقرب منها يعتبر تهمة بذاتها، خصوصاً النسائية، تؤشر الى خيارات لا تعرف نتائجها. رتابة وصعوبة الحياة اليومية يجري تنفيسها بصناعة النكات التي تنتشر بسرعة البرق، وموضوعها المفضل واللانهائي ينصب على مفارقات وعثرات الأتراك. ازاء هذا الوضع لا يجد المرء الا ان يتمعن مرة أخرى بالممكنات المتاحة لجموع الشبيبة الايرانية، هل تكون الرياضة والسينما هي من الفسح القريبة للتماهي معها؟ وهل يمكن لأصحاب القرار السياسي اغفال حاجات من انتظر نصيبه من وعد انتخابي أو من ثورة كانت الشبيبة وقودها ودخانها؟ لعل حسين سابزيان بطل فيلم "كلوز أب"، العاطل عن العمل، المعدم، المخذول، المنفصل عن زوجته، المكلف اعالة طفله ووالدته العجوز، والذي تقمص شخصية المخرج محسن مخملباف. او تلك الفتاة التي تقدمت لاختبارات تؤهلها ان تكون ممثلة سينمائية في فيلم "سلام سينما" من أجل السفر الى فرنسا والالتقاء بمن أحبت. لعلهما وجدا الاعذار الكافية لمثل هذه الخيارات السلمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.