مثلما سقط الوزير والنائب البريطاني المحافظ جوناثان إيتكن في الحفرة التي حذر منها سقط اللورد المحافظ جيفري آرشر فيها. والعلاقة بين الرجلين هي في "التبرع بالكذب" الذي سقط فيه كلينتون أمام مونيكا. ففي 1984 أصدر إيتكن كتابه الشهير عن الرئيس نيكسون. وقال في المقدمة ان الرئيس ارتكب خطأً سياسياً مميتاً عندما كذب على الشعب الاميركي في فضيحة "ووتر غيت". والمؤسف ان جونثان ارتكب الخطأ ذاته عندما رفع دعوى ضد جريدة "ذي غادريان" ينفي فيها ما نسبته اليه من انه سمح لرجل أعمال لبناني بدفع فاتورة الفندق في باريس، واستطاعت الصحيفة ان تكسب الدعوى وتثبت ان إيتكن كان يكذب. وحكم عليه بالسجن وبدفع غرامة مالية ضخمة. وهو حالياً يكتب مذكرات الندم في السجن. اللورد جيفري يعتبر من أهم كتاب بريطانيا والأكثر مبيعاً. تبوأ مراكز مهمة في حزب المحافظين، وكان يستعد لخوض معركة رئاسة بلدية لندن الموحدة عن حزبه. ويبدو انه كان يحتفظ بلطخة سوداء في تاريخه الشخصي، عندما اتهمته الصحف بمعاشرة مومس ذكرت انه شوهد يتناول الغداء معها. ورفع دعوى ضد الصحف وربحها لأنه استطاع اقناع أحد الاصدقاء بالادعاء أنه كان يتناول معه الغداء في ذلك اليوم. صحف المليونير مردوخ مثل "ذي صن" و"صنداي تايمز" و"نيوز أوف ذي وورلد" ركزت على اكتشاف الحقيقة، واستطاعت ان تأخذ من "الصديق" تصريحاً يعترف فيه بأن اللورد جيفري كذب في الماضي، وبأنه بالفعل كان مع احدى المومسات. عندما علم اللورد آرشر بالخبر انسحب من معركة الترشيح وترك حزب المحافظين في حال من الضياع والبلبلة. وتقول الصحف ان محاكمته ستقوده الى السجن مثل صديقه إيتكن اذا ثبت ان ما اعترف به سابقاً لم يكن صحيحاً. أصدر آرشر منذ عام قصة عنوانها "الوصية الحادية عشرة" نشرتها دار "كولنز"، ومع ان وقائع القصة تجري بعد وفاة يلتسن، إلا ان أبطالها مثل الرئيس الاميركي ورجال الاستخبارات، يقومون بألعاب ميكافيلية ليس فيها من الاخلاق أي شيء. والهدف من العنوان هو ان الوصايا العشر يمكن تجاوزها اذا استطاع المرء ان يخفي الحقيقة ويقنع الناس بأنه فاضل، لا يسرق ولا يرتكب الزنا، ولا يقتل. وصدرت صحف بريطانيا امس لتؤكد ان الوصية "الحادية عشرة" لا يمكن ان تثبت الى الأبد، وان آرشر سيدفع ثمن اخفاء الحقيقة كما دفعه زميله إيتكن.