سمو ولي العهد القى كلمة الملك في مجلس الشورى    الأخضر الشاب يتوج بطلاً لكأس الخليج تحت 20 عامًا بعد فوزه على اليمن    قمم منتظرة في أولى جولات دوري يلو    من الليغا إلى دوري روشن: الفتح يتعاقد مع باتشيكو لتعزيز حراسة مرماه    إسقاط 17 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    توقع تثيبت سعر الفائدة الأوروبية اليوم    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    الدليل «ترانسفير ماركت»    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    خطاب يصوغ المستقبل    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي شهر سبتمبر    العمار قدساوياً    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    غوميز: مهمتنا صعبة أمام الاتحاد    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    الكشافة السعودية تشارك في الجامبوري العالمي    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    2.47 تريليون ريال عقود التمويل الإسلامي    59% يفضلون تحويل الأموال عبر التطبيقات الرقمية    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    المكملات بين الاستخدام الواعي والانزلاق الخفي    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة دروب جديدة لثلاثة مخرجين معروفين . محراث يصل الأخوين وامرأة "تقتل" زوجها مرتين
نشر في الحياة يوم 29 - 10 - 1999

في فيلمها الجديد "موسيقى من القلب" تقوم ميريل ستريب بتشخيص حال معلمة موسيقى هجرها زوجها الذي تحب وترك لديها ولدين صغيرين ووضعاً مادياً صعباً عليها تجاوزه بالبحث عن عمل. العمل الوحيد الذي تجيده هو العزف على الكمان، ولديها في البيت 50 كماناً صغيراً، توزعها على طلاب احدى المدارس الابتدائية في الحي الفقير المختلط الذي تنتقل للعيش فيه. هذا العمل كمدرسة موسيقى لم يأت بسهولة اذ أن المدرسة ليس لديها الميزانية التي تخولها الصرف على حصة موسيقية، لكن استعداد روبرتا غيوسباري ستريب أثر في المديرة جانيت أنجيلا باسيت ولو انه لم يترك التأثير السريع نفسه لدى عدد من أولياء الأمور. أم الصبي الأفرو-اميركي كريم مثلا تقول انها لم تضع ابنها في المدرسة ليتعلم موسيقى البيض، لكن جزءاً من تحديات روبرتا المتواصلة يقوم في إقناع مثل أم كريم ان الموسيقى لا تعرف اللون العنصري وأنها سبيل لإسعاد الصغار في عالم ضبابي يعيشون فيه هذه الأيام.
حياة روبرتا الخاصة لا تخلو من المشاكل، فكثير من الوقت السينمائي يمضي وهي تحاول استعادة زوجها، قبل ولوج علاقة عاطفية مع صديق قديم أيدن كوين ولاحقاً، ما نراها تحاول فهم ولدها الأكبر والتغلب عن شعوره العدائي نحوها ونحو المجتمع الناتج من دون ان يعمد الفيلم الى الاستعانة بمرشد نفسي عن فقدانه الأب وشعوره بأن أمه هي السبب في ذلك. هذا يقع بعد عشر سنوات من انفصالها عن زوجها وبينما تواجه تحدياً جديداً في عملها الذي نجحت في الاستمرار به، فالحكومة قررت تقليص المعونة المالية التي تتلقاها المدرسة بين مدارس أخرى. وذلك يعني ان روبرتا وتلامذتها لن يستطيعوا القيام بالحفل الكبير الذي خططت له روبرتا بحماس. لكنها تعلن لأولياء الطلاب الذين اجتمعوا، أنها ستجد السبيل الى ذلك. وهي تجد السبيل فعلاً في خاتمة عاطفية وعلى مسرح كبير ضامة المواهب الشابة الى بعض كبار العازفين على الكمان وحاصدة التصفيق من المشاهدين داخل الفيلم وخارجه. كل ما نراه مستوحى من أحداث حقيقية تم تسجيلها من قبل في فيلم وثائقي بعنوان "أعجوبات صغيرة" لالان ولانا ميلر. فالأحداث واقعية والشخصيات حقيقية ولو ان ستريب لا تعمد الى تشخيص المرأة التي وقعت الأحداث معها، بل - وحسناً تفعل - تنطلق لتمارس عملها كممثلة محترفة ومستقلة. دورها في "موسيقى من القلب" لا يقل إجادة عن أي من أعمالها البارزة من قبل مثل "اختيار صوفي" و"العشب الحديدي" و "قلب محروق".
مخرج الفيلم هو ويز غرافن في أول محاولة له للخروج من سينما الرعب "صراخ"، "كابوس شارع ايلم" الخ… التي أجاد الى سينما الدراما العاطفية ذات الأسس الانسانية/ الاجتماعية. وهو على الرغم من مادة لا تعرف المفاجآت وكثيراً ما تمر بفترات من اللاحدث، وضع كامل رغبته في تقديم عمل لا يخلو من اللمسات الاجتماعية. سواء في المحيط المباشر مع بطلته التي تلملم شتات حياتها بعدما قطعت مرحلة الشباب، أو في المحيط الاجتماعي من حولها، معلقاً على وضع أبناء حي هارلم والوضع المعيشي المتعثر الذي يترك تأثيره على الأولاد والآباء، ويحد من الملكات الثقافية والفنية وتحقيق الطموحات والمواهب. هذا التعليق يبقى خلفياً ومن دون تعمق أو تحول لممارسة نقد أو تحليل ما، لكنه أفضل ما عند غرافن ليقدمه في فيلم يسير، في كل النواحي الأخرى، سيراً حثيثاً في تحقيق التوقعات التي تطرحها الأحداث من دون عناصر مفاجئة.
مخرج مستقيم
المخرج الاميركي الآخر ديفيد لينش يسير أيضاً في عكس اتجاهه السابق. في أفلامه الأولى، من "رأس محلوق" 1978 الى "مخمل أزرق" 1986 وصولاً الى "الطريق المفقود" 1996 أنجز أعمالاً يلعب فيها الخيال دوراً رئيسياً الى حد ان الماثل على الشاشة يصبح غير قابل للقراءة بسبب الغموض الذي يلفه، سواء أكان هذا الغموض ملائماً كما في "مخمل أزرق" مثلاً أو مفتعلاً "الطريق المفقود".
لكنه في "قصة سترايت" التي تدور حول رجل عجوز اسمه سترايت يؤديه رتشارد فارنسوورث يجنح الى البساطة المتناهية. ويبدو العنوان تعليقاً على هذا الجنوح، إذ ان كلمة سترايت تعني ايضاً خطاً مستقيماً ومباشراً، وهذا ما يقدم الفيم عليه. والفيلم عرض سابقاً في "كان" ويتسلل هذه الأيام الى العروض التجارية في اميركا واوروبا.
سترايت مزارع عجوز من الوسط الأميركي يقرر زيارة أخيه دور صغير لهاري دين ستانتون الذي يعيش في ولاية أخرى. انه لم ير شقيقه منذ تسع سنوات أو أكثر وذلك نتيجة جفاء بينهما. سترايت ليست لديه امكانيات السفر بالطائرة ولو فعل فليست هناك طريقة للوصول من المدينة الى بيت أخيه الريفي النائي، ولا يستطيع أيضاً قيادة السيارة. الوسيلة الوحيدة المتاحة له هي ان يركب ذلك المحراث الصغير والقديم ويقطع المسافة من بيته في ولاية أوهايو الى بيت أخيه في ولاية ويزكونسين وحيداً.
ليس من مغامرات على الطريق الطويل. هذا الفيلم بسيط كما الملخص السابق وما يقع خلال الرحلة لا يخرج عن هذا التبسيط. لكنه التبسيط الذي يعجز البعض عن تقديمه. التبسيط الصعب تناولا، والمؤثر في نتيجته كما لا شيء آخر. فيه يتفادى لينش صيغ هوليوود التقليدية كما تفاداها من قبل، انما فوقها يتفادى ما قام به هو أيضاً. بذلك يخلو الفيلم من المغامرة ومن المفاجأة كما من الفلاشباك ومن أي عارض قد يأخذك، متفرجاً، بعيداً عن ذلك الرجل العجوز في مهمته التي تعني له الأرض كلها. وفي النهاية يدمع القلب برقة عندما ينجح الشقيقان في اللقاء. واللقاء لا يتم عاصفاً بالقبل والإحتضان، لكنك سترى فيه ما لا شكل فيزيائياً له: العاطفة الوثيقة بينهما وهي تغسل جفاء سنوات الأمس. في ذلك المشهد النهائي ينظر هاري دين ستانتون الى المحراث الصغير الذي ركبه اخوه العجوز ويسأل "جئت لتراني؟". السؤال يلخص الرحلة بكاملها.
رتشارد فارنسوورث ممثل كومبارس في معظم سنوات الأمس البعيد. تراه مثلاً كأحد الأشرار في فيلم كلينت ايستوود "الخارج على القانون جوزي ويلز" لكنه في العام 1980 انطلق الى البطولة لأول مرة في فيلم "الثعلب الرمادي"، لاعباً دور لص قطارات خرج من السجن في مطلع القرن العشرين ليكتشف حياة جديدة فيها سينما صامتة وقطارات أسرع من تلك التي اعتاد سرقتها.
تصوير فردي فرنسيس يمنح هذه القصة البسيطة ثراء خاصاً، لكن الفيلم بأسره قائم على الكتفين الضعيفتين لهذا الممثل العجوز الذي لو فشل في تجسيد الشخصية التي يقوم بها، أو لعبها على النحو غير المرغوب أو المناسب لسقط الفيلم بأسره.
رصاصة في القلب
بيرس بروسفورد هو مخرج آخر يقدم هذا العام على تحقيق فيلم يختلف عما اعتاده. على عكس كرافن ولينش اعتاد بروسفورد أنواعاً درامية مختلفة، من الاجتماعي الداكن في "جرائم القلب" مع سيسي سبايسك التي تطل ايضا في "قصة سترايت" الى الدراما الجنوب اميركية في "قيادة سيارة الآنسة ديزي"، الى الدراما الحربية في "بريكر مورانت"، أحد أعماله الأولى.
في "خطورة مزدوجة" يقدم بروسفورد فيلماً بوليسياً ويسرده جيداً. على عكس التوقعات التي تتسلل عادة الى النفس واعدة بفيلم آخر حول جريمة نصف كاملة، يجيء هذا الفيلم كنصف دراسة في حق امرأة في الانتقام من الرجل الذي أودى بها الى السجن حيث أمضت ست سنين من عمرها. هذا مفجع، المفجع أكثر هو ان هذا الرجل ليس سوى زوجها.
آشلي جد Judd زوجة سعيدة ومغدورة. بعد قليل من بداية الفيلم يختفي زوجها من على اليخت الذي اشتراه لها تاركاً وراءه دلائل بأنه قُتل وأن القاتلة ليست سوى زوجته. هذا ما يقودها الى السجن حيث تتعلم هناك ان القانون الأميركي لا يحكم مرتين على جريمة القتل نفسها اذا ما كان القتيل لا يزال حياً ثم قتله المتهم سابقاً بقتله. وهي اكتشفت ذلك بالصدفة حينما كانت تتحدث مع إبنها الصغير وصرخ ذاك منادياً أباه. بكلمات أخرى: تستطيع بطلة الفيلم حين قضائها مدة عقوبتها ان تقتل القتيل لأنه - قانونياً - مات. طبعاً عليها ان تكتشف مكان وجود زوجها الذي ادعى موته والذي تقمص شخصية اخرى وخانها مع أعز صديقاتها ثم وعلى الأرجح دبر موتها ايضاً.
تومي لي جونز الذي رأيناه يركض وراء أعتى الأشرار في "اللاجئ" و"عدو الأمة"، يمضي معظم هذا الفيلم وهو يلهث وراء المرأة التي عهدت اليه لمراقبة سلوكها، وهي بعد أيام قليلة تفلت من مراقبته وتمضي في بحثها عن إبنها وزوجها. لاحقاً يتبنى وجهة نظرها مقتنعاً أنها بريئة مما نسب اليها، وان الرجل الذي تلاحقه ليس سوى زوجها بالفعل. وهذا الزوج لن يتوقف عن محاولة الايقاع بها وقتلها. وفي مشهد مشدود نراه يحبسها في تابوت محكم ويتركها في غرفة في مقبرة لتموت فيه.
رغم ان الفيلم تشويقي الا انه تشويقي جيد وجديد. مثل "الحاسة السادسة" هذا فيلم راشد في المواصفات الفنية كما في الأحداث. يبتعد عن الرخص في معالجته العامة ويقتصد في المفارقات التي كان يمكن ان تنتج عن مناسبات معهودة: دخول البطلة الدور البطولي الأول للممثلة الجيدة جاد إلى السجن لا يحول الفيلم الى مناسبة لاستعراض البيئة هناك، ووصولها الى زوجها المتخفي لا ينتج عنه حل سريع أو مواجهة تقليدية. الوحيد الذي يكرر دوراً سابقاً هو لي جونز، لكنه يفعل هذا مع اختلاف، هو الآن أكثر هدوءاً وسخرية مما كان عليه والفيلم الجديد لا يرتكز الا جزئياً على ملاحقته. انه فيلم عن امرأة أصيبت في القلب عندما اكتشفت خداع زوجها ولن تمسح الجرح الا إصابة في قلب الرجل الذي مات مرتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.