تمنّى رئيس الجمهورية اللبنانية الياس الهراوي امس "ألا يكون هناك دور لأي كان الا لجيشنا الباسل في تحرير الجنوب والبقاع الغربي، وهكذا يكون لنا حق استقلالنا وحريتنا". وركّز رئيس الحكومة رفيق الحريري على دور الجيش في مواجهة العدوان الاسرائيلي وفي قطع الطريق على شبكات التخريب في الداخل. موقف الهراوي أعلنه لمناسبة العيد الثالث والخمسين لتأسيس الجيش اللبناني، في غداء أقامه والسيدة عقيلته منى في قصر بعبدا على شرف ضباط القصر الجمهوري تقدمهم قائده العميد ميشال حروق وشارك فيه عدد من كبار موظفي القصر والاعلاميون المعتمدون في القصر. وغاب الاحتفال المركزي بالعيد الذي كان يقام سنوياً في ثكنة الفياضية ويتمّ خلاله تخريج ضباط. وهذا ما تناوله الهراوي في كلمة خلال الغداء وقال "نظراً الى عديد الجيش وخصوصاً في صفوف الضباط، ارتأت قيادته التوقف قليلاً عن معاودة فتح المدرسة الحربية. وهذا الامر من اختصاصها لا من اختصاص رئاسة الجمهورية". واضاف "ما كنت أحلم به قبل وصولي الى الرئاسة ان ارى جيشنا الباسل موحداً بكل فئاته، وعائلاته. وقد حصل ذلك والحمد لله، اذ رفعت اليد السياسية عنه وهي كانت سبباً في الماضي في تقسيمه. ولو كانت هناك قيادة سياسية أعطت الاوامر الصريحة للجيش لكي يتولى الامور في بداية الحرب في لبنان عام 1975، لكانت الامور استقامت ولما كان هناك سبيل لقيام الميليشيات ولهدم البلاد كما هدمت، فالحياة السياسية لم تكن موحدة، وكلّ كان يعمل على هواه، فبقي الجيش في ثكنه وكانت البلاد تدمّر وبعض الضباط ذهبوا ضحية الحرب علماً انهم تسلّموا سيوف الشرف والوفاء والتضحية". وتابع "بالنسبة الى خدمة العلم فقد أردناها باجماع من اجل انصهار وطني كنا نفتقده في ما مضى، نتغنى بالاستقلال والانضباط ولكن لم نتغنّ يوماً باننا جمعنا الشباب والشابات في جيشنا، لكي تكون هناك وحدة وطنية". ولفت الى انه أراد، للمرة الاولى ان يكون الحرس الجمهوري حرساً وطنياً لا حرساً طائفياً. من هنا كان تكوينه من جميع المواطنين اللبنانيين"، آملاً "لو اقتدت القيادات السياسية الاخرى بما عملناه لهذا الحرس". وتحدث الهراوي عن "حرقة في قلبه" لان الجيش "الذي تكاثر عدده تنقصه حتى الساعة العدة لكي يقوم بواجبه في اي مهمة تناط به، وليس لاعلان الحروب". وختم "ما أتمناه ان يكون الدور ليس فقط للحرس الجمهوري بل لجيشنا بأجمعه لتحرير المساحة التي هي قلب لبنان في جنوبنا وبقاعنا الغربي، وألا يكون هناك دور لأي كان الا لجيشنا الباسل. وهكذا يكون لنا حق استقلالنا وحريتنا". وأقام رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساء امس مأدبة عشاء في دارته في مصيلح على شرف قيادة الجيش والقوى الامنية في الجنوب. واعتبر رئيس الحكومة رفيق الحريري ان اللبنانيين يحتفلون بعيد الجيش هذا العام وهم على ثقة بأن هذه المؤسسة الوطنية ستبقى ركناً كبيراً من أركان الاستقلال والسيادة، وستكون، كما أثبتت دائماً، في مستوى ما تواجه من مسؤوليات، يقع في مقدمها تحرير الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي، واعادة بسط السيادة اللبنانية على الاجزاء المحررة من هذا الاحتلال". واضاف "لا نستطيع الا ان نتوقف عند الابعاد الوطنية لعملية اعادة بناء الجيش خلال السنوات الماضية، وهي تتناول هوية الجيش ودوره وعقيدته، بمقدار ما تتناول الوظائف المنوطة به على غير مستوى من المستويات الامنية والعسكرية والوطنية. وكان من الطبيعي ان يكون الجيش في الموقع الوطني والعقائدي الذي هو فيه اليوم، وان يلتقي مع الجيش العربي السوري ليس على الاحتفال بالعيد المشترك فحسب، وانما ايضاً على التوحد في مواجهة التحديات الماثلة امام بلدينا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا وتاريخ المنطقة". ولاحظ "ان جيشاً قطع هذه المسيرة من التوحد والعمل الدؤوب في سبيل حفظ سيادة الوطن وأمن المواطن هو محل احتضان جميع اللبنانيين وثقة الدولة اللبنانية ومؤسساتها التي ستكون الى جانبه دائماً، بكل ما يمكّنه من اداء مهماته على أكمل وجه". واعلن "إن الجيش هو رمز الدفاع عن كرامة لبنان وسلامته وحدوده وسيادته واستقلاله. وهذه الرمزية يعمل الجيش على ترجمتها من خلال ما يتولاه في مواجهة العدوان الاسرائيلي على أهلنا وأرضنا في الجنوب والبقاع الغربي، وكذلك من خلال ما ينفذه من مهمات تحول دون العبث بمقدراتنا الداخلية، وتقطع الطريق على شبكات التخريب من ان تعيد البلاد الى الوراء". وختم "اننا نقف في اجلال امام ذكرى شهداء الجيش الذين قضوا في سبيل الدفاع عن لبنان وسيادته ونتوجه بالتحية الى قيادته وضباطه ووحداته كافة، آملين ان يكون العام المقبل، عام تحرير الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي". وكانت المناطق اللبنانية أحيت العيد. وأقيمت احتفالات في مقار القيادات العسكرية وعروض عسكرية رمزية في حضور وزراء ونواب وشخصيات. وحلّقت في اجواء بيروت طائرة حملت علماً لبنانياً كبيراً. وشارك قائد قوات الطوارىء الدولية الجنرال جيوجي كونروثي في احتفال الجنوب، وقادة عسكريون من القوات السورية العاملة في لبنان في احتفالات مناطق اخرى. وقال الوزير الياس حنا الذي مثل رئيس الجمهورية في احتفال في الكورة "اننا كلما التفتنا الى رمز يوحّد لبنان وشعبه ما وجدنا سوى رمز واحد هو الجيش اللبناني". ولفت الى "ان بناء لبنان الحديث على صورة تطلعات ابنائه يقوم على دولة مدنية قوية. وقال مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ان "لا وطن من دون جيش". واضاف ان "وحدة الموقف والقرار السياسي والعسكري اللبناني والسوري هي صمام الأمان في حماية لبنان وسورية من الاخطار الاسرائىلية". ولاحظ ان "عيد الجيش اللبناني والسوري يأتي في وقت واحد كل عام ليثبت المظاهر المتعددة لطبيعة البلدين الشقيقين ووحدتهما والمسار المشترك في كل ما يعود عليهما بالخير والتقدم". ونوّه رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين ونائبه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبدالامير قبلان بقائد الجيش العماد اميل لحود، وطالب اللبنانيين جميعاً "بالالتفاف حول الجيش الذي يجسّد وحدة الوطن والتضحيات". وكانت قيادة الجيش أكدت في كتيب أصدرته للمناسبة بعنوان "حامي الأمن والحريات" ان "الجيش ليس في موقع التنافس السياسي مع احد وليس مشروع سلطة، بل هو جزء حيّ من مشروع الدولة، يعمل على حماية الدستور وصون الحريات التي تكفلها القوانين، ضامناً للجميع في الوطن حرية العمل السياسي.