الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 12 وافدا و8 مواطنين لنقلهم 60 مخالفا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    "سالم الدوسري" هلاليًا حتى عام 2027    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    قيمة الأصول المدارة في السوق المالية السعودية تجاوزت حاجز التريليون ريال    رؤية 2030 ودعم الرياضة في المملكة العربية السعودية    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    حرس الحدود ينقذ 10 مصريين بعد جنوح واسطتهم البحرية    ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»    حينما تنطق العراقة    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    10 آلاف متطوع من منسوبي التقني    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    تواصل سعودي نمساوي    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    "آفاق" يدمج 88 طفلًا في التعليم العام ويحتفل بمرور خمس سنوات على تأسيسه    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    الذهب يرتفع بفعل الإقبال على أصول الملاذ الآمن    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    أمير تبوك يستقبل إدارة نادي نيوم بمناسبة تتويجه بدوري "يلو" وصعوده إلى دوري روشن    وزارة الرياضة تطرح مشروع "استثمار المنشآت الرياضية" عبر بوابة "فرص"    عقارات الدولة توضح ما يُتداول حول توزيع أراضٍ سكنية في الرياض    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    لعبة " المسار المفقود " بدعم من "الصندوق الثقافي" و"إثراء"    جمعية البر بالمنطقة الشرقية تشارك في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي (إينا)    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم    مبادرة طريق مكة تحظى بشرف خدمة أكثر من مليون مستفيدٍ من ضيوف الرحمن منذ إطلاقها    كندا تعلق بعض الرسوم الجمركية المضادة على الولايات المتحدة    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    تحالف استراتيجي بين "نايف الراجحي الاستثمارية" و"تي جي سي سي" لتنفيذ مشاريع رائدة في المملكة العربية السعودية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اليورو" يهدد الدولار والهيمنة الاقتصادية الأميركية
نشر في الحياة يوم 22 - 05 - 1998

يهيمن الدولار منذ قرن من الزمن تقريباً على النظام المالي الدولي، وبسبب الاستعمال المكثف للدولار في جميع أنحاء العالم كعملة دولية، بما يتضمنه ذلك من وظائف العملة المختلفة، من خزن للقيمة إلى تحويل للثروة وتسعير السلع والخدمات، فقد اكتسب الدولار أهمية تفوق بكثير حجم الولايات المتحدة الاقتصادي في العالم. حيث لا يتجاوز الناتج الاجمالي الأميركي 27 في المئة من اجمالي الناتج العالمي. غير ان الدور يشكل 56 في المئة من احتياط العملات الأجنبية في العالم و48 في المئة من قيمة فواتير الصادرات العالمية، و84 في المئة من عمليات تبادل العملات الأجنبية الثنائية الدولية.
ومع تزايد استخدام العملات وتنامي سيولة الأسواق المالية الدولية، ازداد التعامل بالدولار من قبل الشركات والأشخاص على حد سواء في جميع النشاطات المالية والتجارية، وأصبح الاستغناء عنه أمراً صعباً بعد أن اكتسب ثقة دولية واسعة تعززت بمرور السنين بسبب القوة الاقتصادية والعسكرية الهائلة للولايات المتحدة الأميركية. ولم تستطع عملات قوية أخرى مثل الين الياباني والمارك الألماني والفرنك الفرنسي والجنيه الاسترليني أن تحد من هيمنة الدولار على النظام المالي الدولي طيلة القرن الماضي. غير ان الوضع أصبح مختلفاً جداً الآن بعد تبني 11 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها المانيا وفرنسا، للعملة الأوروبية الموحدة "الأورو" التي ستصبح العملة الرسمية للاتحاد الأوروبي في كانون الثاني يناير من السنة المقبلة. ويتجاوز الناتج المحلي الاجمالي الحالي للدول الإحدى عشر 6 ترليون دولار، ومن المتوقع ان يصل إلى 7 ترليون دولار في السنة المقبلة، خصوصاً أن هناك انتعاشاً اقتصادياً في العديد من الدول المكونة لمنطقة "الأورو" الحالية. وعندئذ سيقترب حجم الاقتصاد الأوروبي من حجم الاقتصاد الأميركي، الذي بلغ الناتج المحلي الاجمالي فيه 8 ترليون دولار. وستكون منطقة "الأورو" أكبر مستورد ومصدّر للسلع والخدمات في العالم حتى عند استثناء التجارة البينية لدول الاتحاد. ومع انضمام كل من بريطانيا والسويد والدنمارك، التي اختارت البقاء خارج منطقة "الأورو"، واليونان التي لم تستوف شروط الانضمام، فإن الاتحاد الأوروبي، وبالتالي منطقة الأورو، ستكون أكبر اقتصاد في العالم. ومع توسع الاتحاد الأوروبي إلى وسط أوروبا وشرقها، فإن "الأورو" ستزداد قوة ونفوذاً في الاقتصاد الدولي، وسيكون هذا بالطبع على حساب الدولار الأميركي.
إن تناقص تكاليف التحويل والعمليات المالية، بسبب غياب العملات الأوروبية المتعددة واندماجها في عملة واحدة، سيزيد من جاذبية "الأورو" حيث لا تحتاج الشركات أو رجال الأعمال إلى تغيير العملة كلما ارادوا القيام باستثمار أو نشاط مالي أو تجاري في دول الاتحاد المختلفة. كذلك فإن الاتحاد النقدي الأوروبي سوف يوسع من اقتصادات الحجم التي ستقلص من تكاليف الانتاج وتسهل انتقال المبادلات التجارية بالسلع والخدمات، وهذا من شأنه ان يشجع الشركات على استخدام "الأورو" بدلاً من الدولار.
وقد طلبت شركات بريطانية مثل "بريتش غاز" ودولية تتخذ من بريطانيا مقراً لها، مثل "آي سي آي"، من مورديها القبول بتسديد قوائمها ب "الأورو"، ما يعني أن الشركات الأوروبية والدولية ستتعامل ب "الأورو" حتى في البلدان التي لم تنضم إلى منطقة "الأورو" مثل بريطانيا والسويد والدنمارك واليونان. ومن المرجح جداً أن تُستخدم "الأورو" في التعاملات المالية في أوروبا الوسطى والشرقية، لأن معظم دول المنطقة تطمح إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب، ولا بد لها من التكامل الاقتصادي مع الاتحاد، وأن التعامل ب "الأورو" أو ربط عملاتها بها سيكون من وسائل التكامل مع الاتحاد.
كذلك فإن دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالتحديد، مثل مصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب التي تتعامل تعاملاً وثيقاً مع أوروبا، سوف تحتاج إلى التعامل ب "الأورو". ومن المحتمل جداً ان تبدأ الدول الآسيوية مثل اليابان وأعضاء منظمة آسيان وغيرها باستخدام "الأورو" في تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي على الأقل والتي تتم بالدولار حالياً. ومن المرجح ان تخفّض البنوك المركزية من احتياطاتها بالدولار وتستبدلها ب "الأورو"، خصوصاً أن معظم البنوك المركزية تحبذ تنويع مخزوناتها من العملات الأجنبية لكي تتجنب الخسائر الناتجة عن انخفاض سعر الدولار، والتي طالما عانت منها في السابق.
مقابل ذلك، هناك بعض المشاكل التي قد تعترض اكتساب "الأورو" للمكانة الدولية التي تستحقها. من هذه المصاعب هي حداثة الاتحاد الأوروبي ككيان مستقل والغموض الذي لا يزال يخيم على الشكل النهائي الذي سيتخذه الاتحاد، والاختلافات القائمة بين دول الاتحاد على العديد من القضايا، وصغر أحجام الأسواق الرأسمالية الأوروبية وتفككها مقارنة مع الأسواق الأميركية. إلا أن كل هذه الأسباب، باستثناء السبب الأخير، لا تشكل تهديداً حقيقياً على مستقبل "الأورو" مقابل التصميم الأوروبي، والألماني على وجه التحديد، على انجاح هذه التجربة. ولا ننسى أن المانيا هي ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان، وأن الحكومة والمعارضة الألمانية، على حد سواء، متحمسان جداً للوحدة الأوروبية الشاملة التي تشكل الوحدة النقدية إحدى أهم ركائزها.
ويضاف إلى التصميم الألماني الحماس الفرنسي للوحدة الأوروبية الذي لم يتغير بتغير الاتجاه السياسي للحكومة الفرنسية بعد فوز الرئيس شيراك بالرئاسة، أو بعد تولي جوسبان لرئاسة الحكومة. أما بريطانيا فسوف تنضم إلى الاتحاد النقدي الأوروبي عاجلاً أم اجلاً لأن البريطانيين يعلمون أن مستقبلهم سيكون داخل أوروبا لا خارجها، خصوصاً أن 54 في المئة من الصادرات البريطانية تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، وأن المعارضة الشعبية البريطانية الحالية لأوروبا سوف تتضاءل مع زوال الغموض والشكوك بعدم نجاح الاتحاد النقدي.
ويذكر أن سبب المعارضة الشعبية البريطانية سيطرة اليمين البريطاني على الإعلام في السابق، لكن هذه السيطرة بدأت تتغير بتحالف أكبر ناشر ومالك لوسائل الإعلام في بريطانيا روبرت مردوخ مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير منذ عامين أو أكثر. ومع تشرذم حزب المحافظين المعارض وانقسامه، فإن رأي الحكومة العمالية المؤيد لأوروبا سوف يسود في نهاية المطاف. وعندما تنضم بريطانيا إلى "الأورو"، فإن مكانة "الأورو" الدولية سوف تتعزز، خصوصاً أن بريطانيا تمتلك سوقاً رأسمالية كبيرة ومركزاً مالياً عريقاً في لندن.
ولهذا السبب فإن الدول الأوروبية المؤسسة للاتحاد النقدي، كالمانيا وفرنسا، تحرص على انضمام بريطانيا إلى "الأورو" في أقرب فرصة، ولذلك فقد تساهلت كثيراً مع التلكؤ البريطاني ووافقت على استشارة بريطانيا في ما يخص البنك المركزي الأوروبي المقترح على رغم رفضها الانضمام له في المراحل الأولى.
إن وضع الأسواق المالية الأوروبية سوف يتغير من دون شك بعد تحقيق الاتحاد النقدي، إذ سيتعزز الترابط والتنسيق في ما بينها لكي تتكامل في النهاية وترتقي إلى مستوى السوق الأميركية التي مضى على تأسيسها فترة طويلة من الزمن. لكن ذلك سيحصل بمرور الزمن وتوسع الاتحاد الأوروبي ليصبح أكبر اقتصاد في العالم في مطلع القرن المقبل.
واستناداً إلى دراسة حديثة قام بها أكاديميان من مركز لندن لأبحاث السياسة الاقتصادية ونشرت أخيراً، فإن "الأورو" ستصبح عملة عالمية خلال أشهر وليس سنوات. ومن المرجح أن يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى رفع أسعار الفائدة ب "الأورو" بهدف اجتذاب الأموال أولاً وتخفيض معدل التضخم ثانياً، ومن ثم رفع ثقة المستثمرين بالعملة الجديدة. وليس بالضرورة أن يقود التوسع الاقتصادي الأوروبي إلى الإضرار بالاقتصاد الأميركي، بل على العكس من ذلك، فإن الشركات الأميركية ستجد في "الأورو" خير ملجأ لها في حالة الأزمات المالية أو الصعوبات الاقتصادية في أميركا.
إن استقرار "الأورو" وقوتها سيكون من دون شك في صالح الاقتصاد العالمي الذي سيتحرر لأول مرة منذ مطلع هذا القرن من انفراد أميركا ودولارها بالهيمنة الاقتصادية على العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.