معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الحدود الشمالية    تأكيد سعودي- بريطاني على توسيع الشراكة الاقتصادية    وزير الخارجية يُشارك في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية    أبو الغيط: التفاوض الثنائي بين إسرائيل والفلسطينيين لم يعد ممكناً    مجلس الوزراء: ضوابط لتخصيص عقارات الدولة للقطاع غير الربحي    الرياض: القبض على مقيمين مخالفين لنظام الإقامة لترويجهما حملات حج وهمية    محافظ بيشة يدشن جمعية النخيل الإعلامية    الكلام أثناء النوم قد يتطلب استشارة الطبيب    أمير منطقة تبوك ينوه بجهود و إمكانيات القيادة لخدمة ضيوف الرحمن    عملية رفح أعادت مفاوضات الهدنة إلى الوراء    برنامج الغذاء العالمي يدعو لتمويل الاستجابة للفيضانات في أفغانستان    كلوب لا يشعر بالإحباط عقب تعادل ليفربول مع أستون فيلا    نيابةً عن وزير الخارجية.. وكيل الوزارة للشؤون الدولية يشارك في اجتماع بشأن دعم الصومال    سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    تغييرات كبيرة في أجانب الاتحاد    تحديد سعر سهم مستشفى فقيه عند 57.50 ريال    وزير الحرس الوطني يرعى حفل تخريج الدفعة ال 21 من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية "كاساو"    اعتماد اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة بجميع المنافذ الجمركية    الحكومة العراقية توقع اتفاقية تعاون مع إيطاليا بقيمة 850 مليون يورو    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الثاني لهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على المستوى الوزاري    أولى رحلات مبادرة «طريق مكة» من تركيا تصل إلى المملكة    جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها التاسعة عشرة 2024-2025    القيادة المركزية الأمريكية تشارك في مناورات "الأسد المتأهب" في تأكيد لالتزامها بأمن الشرق الأوسط    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    فرص للمواهب العلمية ببرنامج كندي    تخريج كوكبة من الكوادر الوطنية لسوق العمل    القادسية يحسم لقب دوري يلو    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    المملكة رائدة الرقمنة والذكاء الاصطناعي    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    تعاون مع فنلندا في النقل واللوجستية    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    اللجنة الوزارية للسلامة المرورية تنظم ورشة "تحسين نظم بيانات حركة المرور على الطرق"    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    الكويت في الصدارة مجدداً    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولوي عبدالسلام ضعيف ل«الحياة»: طالبان لم تفاوض واشنطن ولا حلّ من دون انسحاب القوات الأجنبية
نشر في الحياة يوم 23 - 06 - 2011

في منزل متواضع في أحياء غرب العاصمة الأفغانية كابول يعيش مولوي عبدالسلام ضعيف سفير طالبان السابق في باكستان المفرج عنه من معتقل غوانتانامو، وهو أكثر المتحدثين عن طالبان في العاصمة الأفغانية فهماً لمواقف الحركة وتوضيحاً لها، على رغم تشديده على أنه لم يعد مرتبطاً بحركة طالبان منذ ان اعتقلته القوات الباكستانية أواخر كانون الأول (ديسمبر) 2001 في إسلام أباد.
ولتعبيره الدقيق عن مواقف طالبان، فإن منزل ضعيف بات مقصد وسائل الإعلام والديبلوماسيين العاملين في كابول والمبعوثين الدوليين لأفغانستان، وهو ما أثار حفيظة القوات الأميركية التي حاولت قبل أيام منعه من التواصل مع وسائل الإعلام العالمية، نظراً لصراحته وجرأته في الحديث عن الواقع الأفغاني، جرأة مولوي عبدالسلام ضعيف هذه حفّزت القوات الأميركية على شن غارة على منزله لاعتقاله أو منعه من الحديث لوسائل الإعلام كما أكدت شخصية غربية مرموقة في كابول ل «الحياة». ووفق رواية هذه الشخصية، فإن قوة أميركية حاصرت منزل ضعيف وحاولت اقتحامه، إلا أن حراس المنزل من الداخلية الأفغانية، رفضوا السماح للقوة الأميركية بالدخول، وقد خادع الحراس الجنود بالقول إنهم سيسمحون فقط لاثنين منهم من دون سلاح بالدخول إلى المنزل والحديث إلى ضعيف، وبعد دخولهما الى المنزل صوّب الحراس المرافقون فوّهات بنادقهم وهددوا بإطلاق الرصاص عليهما إن لم تنسحب القوة الأميركية من حول منزل ضعيف، وهو ما أجبر (وفق المصدر الغربي) القوة الأميركية على الانسحاب بعد التواصل مع السفارة وقيادة القوات الأميركية في كابول.
الغيظ الأميركي من مولوي عبدالسلام ضعيف لم يكن نتيجة أحاديثه المتكررة لوسائل الإعلام، بل بدأ منذ كان سفيراً لطالبان في إسلام أباد إبان الحرب الأميركية على أفغانستان في تشرين الأول (أكتوبر) 2001، إذ كان الصوت الإعلامي الوحيد لطالبان في مواجهة آلة إعلامية عالمية ضخمة ساندت القوات الأميركية وقوات التحالف في ما سمي الحرب على الإرهاب. وحين نقل ضعيف إلى سجن غوانتانامو، قدمت الإدارة الأميركية عروضاً سخية له ولمولوي وكيل أحمد متوكل وزير خارجية طالبان الذي كان معتقلاً وقتها في سجن قاعدة باغرام الجوية شمال كابول، وعرضت عليهما الانضمام إلى حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، لكن الرجلين رفضا العرض، كما رفضا إدانة سياسة الملا محمد عمر في استضافة أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في أفغانستان، وهو ما زاد من حنق القوات الأميركية.
الهامش البسيط من الحرية الذي أتيح لمولوي عبدالسلام ضعيف كان نافذته على العالم، وهو لم يدخر وسعاً في استغلال كل مناسبة للحوار والحديث عن الوضع الأفغاني وتداعياته، فشارك في منتديات دولية في الإمارات العربية المتحدة وقطر وبريطانيا والمملكة العربية السعودية مدافعاً عما يؤمن به من أن أي حل مقترح للقضية الأفغانية لا يتضمن انسحاب القوات الأجنبية وفق جدول زمني مقبول، لن ينتج سوى استمرار معاناة الشعب الأفغاني ومعه دول المنطقة والعالم. ولن يكون هناك أي ضامن لعدم عودة الجماعات المسلحة مثل القاعدة وغيرها إلى الأراضي الأفغانية تعمل وفق أجندة خاصة بها.
قبل السفر إلى كابول اتصلت بمولوي عبدالسلام ضعيف هاتفياً من إسلام أباد، وبدا عليه القليل من الانشراح حين حدثني عن مدرسة دينية أقامها في الحي الذي يقطن فيه، وبدأ يدرس فيها التفسير والقرآن وغيرهما من العلوم الشرعية، مضيفاً أن هذا قد يكون فيه الخير له ولأبناء الشعب الأفغاني، ويستطيع من خلال المدرسة أن يقضي وقتاً يقدم فيه ما يفيد، لكنني حين التقيته في منزله غرب كابول تحدث بألم وحسرة عما آلت إليه أوضاع أفغانستان، وكانت معالم وجهه لا تخفي مشكلة عويصة يحاول الخروج منها... فقال بعد تنهيدة عميقة إن الحكومة والأميركيين في كابول طلبوا منه التقليل أو الامتناع إن أمكن عن الإدلاء بأحاديث للصحافة والظهور الإعلامي، وأضاف أنه اعتذر عن كثير من المقابلات، لكن بسبب من معرفة قديمة بيننا (حيث كنا نقطن في منزلين متقاربين أثناء توليه منصب سفير طالبان في اسلام أباد) لم يرد أن يفوّت فرصة للقاء بي أثناء وجودي في كابول.
«سأغادر أفغانستان خلال أسبوعين أو ثلاثة على أكثر تقدير»، قالها برباطة جأش مع حشرجة في صوته، مضيفاً: طلبت مني الحكومة المغادرة وسأتوجه إلى دولة خليجية للإقامة مع عائلتي هناك مدة من الزمن، لعل الله يصلح الأحوال هنا ويعود الأمن والاستقرار إلى أفغانستان.
وحول وضعه في المهجر وإمكانية التواصل معه، أكد ضعيف أنه لن يدخر وسعاً في التعبير عن رأيه والحديث مع المسؤولين ومن يهمه أمر أفغانستان عما يراه سبيلاً للخروج من المعضلة التي تعيشها بلاده في ظل الوجود الأجنبي فيها.
قبل المغادرة سألني ممازحاً عن رأيي في ما إذا دعته الحكومة الباكستانية لزيارة باكستان أو الإقامة فيها؛ لم يكن السؤال بالنسبة إليّ جديداً، فقد علمت من مسؤولين باكستانيين قبل أكثر من عام، ومن ضعيف شخصياً، أنه دعي إلى منتدى في مدينة بيشاور لمناقشة الأوضاع في أفغانستان، وأن الحكومة الباكستانية هي التي أصرت على منظمي المنتدى لدعوته الى المشاركة. قلت له أنت تدري أحوال باكستان ومواقفها أكثر مني، وإن كان الأمر يتعلق بك شخصياً، فتجربتك السابقة تعطيك القدرة على الرد، وإن كان الأمر لهدف أكبر من شخص الإنسان، فإنه يحتاج إلى تفكير ودراسة من ذوي الأمر. لم يمهلني للاسترسال في الحديث وقاطعني بالقول إنه اتخذ قراره ولن يذهب إلى باكستان في الظروف الحالية وإن وجهت إليه دعوة رسمية.
في ما يلي مقابلة مع ضعيف، قبل مغادرته كابول للإقامة في دولة خليجية:
الرئيس الأفغاني حامد كرزاي يزور باكستان مع وفد من مجلس المصالحة الوطنية. إلى أين وصلت جهود الحكومة الأفغانية في البحث عن هذه المصالحة؟
- مجلس المصالحة ولد ميتاً، وحكومة كرزاي لا تملك من أمرها شيئاً. كل الأمور بيد القوات الأجنبية، والأميركيين على وجه التحديد. ثم كيف يمكن لرئيس يدعو للمصالحة أن يعين شخصاً كان خصماً وعدواً لطالبان طوال الوقت وسبباً في استقدام القوات الأجنبية رئيساً لمجلس المصالحة الوطنية؟! في اعتقادي أن المصالحة ممكنة فقط في حال خرجت القوات الأجنبية وتوقف التدخل الخارجي في أفغانستان، الأفغان قادرون بأنفسهم على التوصل إلى حل.
لكن كرزاي مستمر في الحديث عن مجلس المصالحة ودوره، وهو ينتقد القوات الأميركية وقتلها المدنيين، ألا يعطي هذا بعضَ الصدقية له بأنه يعارض القوات الأميركية والأجنبية؟
- تصريحات كرزاي تغطية على ما تقوم به القوات الأجنبية، وتكميلٌ للصورة. لكنه في الحقيقة لا يستطيع أن يتصرف من دون رغبتهم، وهو يحاول من خلال تصريحاته كسب شعبية شخصية وليس العمل على مقاومة الاحتلال الأجنبي لأفغانستان والوقوف ضده.
حديث كرزاي والأميركيين عن دور باكستان في الضغط على طالبان أفغانستان وإقناعهم بالجلوس إلى طاولة المفاوضات. كيف ترونه، وهل بإمكان باكستان أن تقنع قيادة طالبان أو تجبرها على حل سلمي؟
- قيادة الإمارة الإسلامية (طالبان) ليست موجودة في باكستان ولا تابعة لها. باكستان لا يمكنها لعب الدور الذي يتحدث عنه كرزاي والأميركيين في المصالحة الوطنية الأفغانية. لا يمكن لقيادة الإمارة الإسلامية أن تقبل بأي حل من دون انسحاب كامل للقوات الأجنبية، وباكستان كانت ولا تزال رهينة الضغط الأميركي في ما يتعلق بأفغانستان، ولا يظن أحد من هذا الكلام أن باكستان يمكن أن تلعب دوراً كبيراً، لأنه لن يُسمح لها بذلك.
وماذا بشأن ما يدعى بشورى كويتا وحقيقتها؟ هل هناك شورى لطالبان في كويتا وأين يتواجد الملا محمد عمر؟
- (ضحك بصوت مرتفع ) أين هي شورى كويتا؟ والله ما سمعت بها إلا من وسائل الإعلام الغربية. الملا محمد عمر، وهو يقود دولة كاملة، دعي ثلاث مرات إلى باكستان لزيارة رسمية على أن يُستقبل فيها كرئيس دولة، واعتذر عن عدم قبول الدعوة، فهل تظن بعد الذي فعلته باكستان بطالبان وتحالفها مع الأميركيين، أن شخصاً مثل أمير المؤمنين الملا محمد عمر يقبل الإقامة في باكستان؟! لا أعتقد ذلك. سألني الأميركيون وغيرهم عن مكان وجوده أكثر من مرة، فقلت إني لا أعرف مكانه ولا أريد أن أعرف.
وماذا بشأن المفاوضات التي جرت في ألمانيا بين طالبان والأميركيين وقيل إن ملا محمد طيب آغا شارك فيها؟
- ما لديَّ من معلومات، أنه لم تكن هناك جلسة مفاوضات، وكل هذا من قبيل الدعاية وللتشويش على طالبان. ولو راجعت ما قيل عن هذه المحادثات، فإنها فشلت، لأنهم لم يستطيعوا تغيير موقف الإمارة الإسلامية من وجود القوات الأجنبية في أفغانستان.
الحكومة الأفغانية طلبت من الأمم المتحدة رفع أسماء قادة طالبان من القائمة السوداء، ألا ترون هذا مؤشراً الى جدية السعي للمفاوضات؟
- الأمم المتحدة ما هي إلا أداة للولايات المتحدة لتنفيذ سياساتها في العالم كله، وما لم تقتنع واشنطن بضرورة إلغاء القائمة السوداء، فإن الأمم المتحدة تبقى عاجزة عن ذلك. واشنطن ليست في وارد المفاوضات مع طالبان الآن، لأنها منهمكة في ما تقول عنه محاولات كسر شوكة طالبان وتقدُّمها في المجال العسكري، والذي يسعى الى انتصار عبر القوة العسكرية لا يقبل أن يجلس إلى طاولة مفاوضات قد تدينه، أو على الأقل تحرمه مما يطمح إليه.
ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ألا يمكنها أن تؤدي دوراً في الحوار والمصالحة والتوصل إلى حل سلمي؟
- منظمة المؤتمر الإسلامي لا دور لها حالياً في البحث عن حل للصراع في أفغانستان، والدول الإسلامية، خصوصاً العربية، مشغولة حالياً في أوضاعها الداخلية، ولا إرادة لدى المنظمة حالياً للعمل من أجل حل للصراع، لأن أي حل من أي جهة، يجب أن يكون قادراً على إقناع الأميركيين بضرورة مراعاة حقوق الشعب الأفغاني في السيادة والحرية، وهذا ما لا يريده الأميركيون ولا يقبلون به حالياًَ.
وماذا عن دعوة الرئيس كرزاي الحكومة التركية الى فتح مكتب تمثيل لطالبان في أنقرة لبدء الحوار الجاد معها؟
- أولاً، تركيا ليست محايدة في الصراع في أفغانستان، فهي عضو في حلف شمال الأطلسي الذي تحتل قواته أفغانستان، ثانياً، تركيا مثل دول الجوار الأفغاني، لها صلات عرقية مع إحدى العرقيات الأفغانية، وهم الأوزبك والتركمان، وهذا لن يجعلها محايدة في أي صراع داخلي أفغاني، ومكتب طالبان المقترح، ما لم يكن الممثلُ فيه مسمًّى من قبل أمير المؤمنين الملا محمد عمر، لن يكون ذا فائدة لأي حوار، بل مضيعة للوقت، وقبل فتح أي مكتب، يجب الاعتراف بطالبان كحركة تحرُّر أفغانية، ويجب ضمان سلامة أي فرد تسميه قيادتها السياسية من أجل حوار مع أي طرف آخر.
لماذا تصر طالبان على أن يكون الحوار بينها وبين الأميركيين، ولا تقبل الحوار الداخلي الأفغاني؟
- لأن المشكلة الأساسية هي بين الإمارة الإسلامية (طالبان) والأميركيين. الحكومة الأفغانية والأطراف المشاركون فيها كلهم أتباع للأميركيين وليسوا طرفاً أفغانياً محايداً، كرزاي جاء به الأميركيون، ورباني وتحالفه هم الذين استقدموا الأميركيين وتحالفوا معهم، فكيف يكونون محايدين؟ الصراع داخل أفغانستان حالياً بين قوة الإمارة الإسلامية وحلف الاطلسي ومن يساعده محلياً وإقليمياً. والحمد لله الإمارة الإسلامية، بحسب اعترافات قوات الناتو في أفغانستان، تسيطر على أجزاء كبيرة من أفغانستان، والإمارة هي، بفضل الله، الوحيدة القادرة على حفظ الأمن والاستقرار في أفغانستان .
استمرار الحرب في أفغانستان ألم يرهق الشعب الأفغاني؟ ألم يحن الوقت لوضع حد لهذه الحرب؟
- الحقيقة ان الكل تعب من الحرب واستمرارها. الشعب الأفغاني تعب، والدول المحتلة لأفغانستان تعبت، ودول الجوار تعبت من استمرار الحرب، لكن ليس من العدل أن يطلب من الضحية الاستسلام للجلاد. إن كان هناك من يريد السلام في أفغانستان، فعليه أولاً أن يقنع الأميركيين وحلفاءهم بالخروج وفق جدول زمني محدد يقبله الشعب الأفغاني، والإمارة الإسلامية لا مانع لديها من الحوار الداخلي الأفغاني، لكن ليس بالضرورة أن يكون الحوار مع الشخصيات التي وقفت مع المحتل، فالإمارة لا تعتبر هذه الشخصيات ممثلة للأقليات العرقية في أفغانستان. هناك من يمثل هذه العرقيات والجهات من غير القيادات الموجودة في كابول. حلفاء أميركا في الناتو من الدول الأوروبية تواصلوا معي أكثر من مرة، وهم راغبون في الانسحاب مبكراً من أفغانستان، وأظن أن هذا هو الذي دفعهم لإقرار موعد زمني في قمة الناتو في لشبونة العام الماضي للانسحاب.
هل هذا يعني خلافاً أوروبياً أميركياً على مستقبل البقاء في أفغانستان؟
- نعم، الدول الأوروبية جادة في الانسحاب من أفغانستان، وإذا لم تحدد أميركا موعداً ثابتاً لهذا الانسحاب، فأنا أعتقد أن دولاً أوروبية رئيسية ستتخذ قرارها بالانسحاب من أفغانستان. الأميركيون يريدون الانسحاب، لكنهم في الوقت نفسه يريدون الاحتفاظ بعدد من القواعد العسكرية في أفغانستان، وهذا لا يقبله الشعب الأفغاني.
ولكن، مع هذه الرغبة بالانسحاب والاحتفاظ بعدد من القواعد العسكرية، وإصرار طالبان على موقفها، لا ينتظر أي من الأطراف حسم المعركة عسكرياً، فكيف المخرج؟
- الأميركيون يواجهون مسألة الإنفاق المتزايد في أفغانستان وهم في أزمة مالية خانقة، وعدد القتلى في صفوفهم يزداد يومياً، وهذا يشكل ضغطاً على الإدارة الأميركية، وطالبان لا تريد إطالة الحرب ومعاناة الشعب الأفغاني، لكنها لا يمكن أن تقبل بأقل من رحيل كامل لكل القوات الأجنبية.
والقاعدة، وصلة طالبان بها، ألا تشكل عائقاً أمام أي حل يمكن التوصل إليه؟
- القاعدة لا وجود لها في أفغانستان، ولا أهمية لوجودها إن كان هناك عدد من أفرادها في أفغانستان. ولو توصل الأميركيون إلى حل مع الإمارة الإسلامية، فبإمكان الإمارة ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد أي دولة مجاورة أو بعيدة، شرط عدم تدخل هذه الدول في شؤون أفغانستان الداخلية. ومسألة العلاقة بين طالبان والقاعدة، لماذا يطالب الأميركيون وهم في خندق القتال، خصمَهم بالتخلي عن كل أنصاره وإعلان البراءة منهم، مع أن الأميركيين يحتفظون بكل علاقاتهم الأفغانية والإقليمية والعالمية، ويستعينون بكل أصدقائهم وحلفائهم، على رغم أنهم قادرون على احتلال أفغانستان وحدهم ولديهم قدرات عسكرية كفيلة بتدمير أفغانستان مئات المرات؟ الأميركيون هم من بدأ العداء ضد طالبان، وليس العكس، وسياسة أميركا تجاه أفغانستان وغيرها من القضايا الإسلامية هي التي أدت إلى نشوء القاعدة وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة.
عودة إلى الوضع الأفغاني الداخلي. جرت انتخابات برلمانية أفغانية قبل أقل من عام، فهل تقبل طالبان مقترحات من البرلمان الحالي لحل المعضلات في أفغانستان على أساس أنه برلمان منتخب؟؟
- (ابتسم وتحدث بلهجة ساخرة) هذا ليس برلماناً يمثل الشعب الأفغاني. لقد امتنع أكثر من ثلثي من يحق لهم التصويت عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات. وعلى سبيل المثال، فإن ولاية غزني تضم سبع عشرة مديرية، منها ثلاث عشرة يقطنها البشتون، واثنتان يقطنهما الهزارة الشيعة، واثنتان أخريان فيهما مزيج من البشتون والشيعة. الولاية لها أحد عشر ممثلاً في البرلمان، ولم ينتخب أي مواطن من البشتون، لأن البشتون في الولاية امتنعوا جميعاً عن التصويت، وانتخب أحد عشر شيعياً ممثلين للولاية!! فهل تمثيلهم لسكان الولاية صحيح؟؟
وماذا عن الجركا (المجلس القبلي الموسع) التي دعا اليها الرئيس كرزاي وكلف الرئيس الأسبق صبغة الله مجددي رئاسة لجنتها التحضيرية. هل يمكنها أن تكون ممثلة للقبائل والولايات في أفغانستان؟
- الجركا التي دعت اليها الحكومة ستختار أشخاصاً موالين للحكومة. وستدفع لهم الحكومة الأموال مقابل موافقتهم على ما تريده. وحتى الآن الحكومة لم توضح ما هي القضايا التي ستبحثها الجركا الموسعة. لذا، لا يرتجي الشعب الأفغاني من هذه الجركا أي خير. القضية المطروحة حالياً من الحكومة للجركا هي الموافقة على إبقاء قواعد أميركية بشكل دائم أو طويل المدى في أفغانستان، وهي مسألة مرفوضة من الشعب الأفغاني، كما أنها تسيء إلى علاقة أفغانستان مع دول الجوار، ونحن نرفض أن تكون أفغانستان منطلقاً لأي عمل عدائي، سواء استخباري أو عمل عسكري لأي من دول الجوار أو غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.