تحت رعاية وزير الداخلية.. اللواء القرني يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي"مكافحة المخدرات"    2.1 % نسبة التضخم    مدينة التمور العالمية في بريدة    7.1 مليار ريال صادرات كيماوية    انطلق في الرياض وجوائز مليونية.. 10 آلاف مشروع في كأس العالم لريادة الأعمال    ترمب: نحتاج معاهدة سلام.. وبوتين: المحادثات بناءة.. واشنطن وموسكو.. مباحثات مثمرة لحل الأزمة الأوكرانية    تحذيرات من تهديد للأمن الإقليمي وتصفية القضية الفلسطينية.. رفض دولي قاطع لخطة إسرائيل الكبرى    عشرات القتلى ومخاوف من انهيار المنظومة الإنسانية.. سلسلة غارات إسرائيلية على غزة    نائب وزير الرياضة يتوّج الأسترالي نيل روبرتسون بلقب بطولة الماسترز للسنوكر 2025    مؤامرة (ثمانية)    مرضاح والجفري يحتفلون بزواج فهد    التحول في التعليم    محمد بن عبدالرحمن يدشن 314 مشروعاً تعليمياً في الرياض    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    ترقية آل هادي    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد    «ماما وبابا» في دور السينما 27 الجاري    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    شراحيلي يكرم أهل الفن والثقافة    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    صندوق الاستثمارات العامة.. من إدارة الثروة إلى صناعة القوة الاقتصادية    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    كيف سقطت ورقة " معاداة السامية "    النفط يستقر على انخفاض وسط آمال تخفيف العقوبات على الخام الروسي    45% من النمو الاقتصادي للقطاع الخاص    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    "الفتح"يتغلّب على أوردينو الأندوري برباعية ودية    خلال معسكره الخارجي في إسبانيا .. "نيوم"يتعادل مع روما الإيطالي    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    "هجرس".. أصغر صقار خطف الأنظار وعزّز الموروث    بايرن ميونيخ يهزم شتوتجارت بثنائية ويتوج بكأس السوبر الألماني    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    خطيب المسجد الحرام: شِدَّةَ الحَر آية يرسلها الله مَوعِظَةً وعِبْرَة    إمام المسجد النبوي: العِلْم أفضل الطاعات وأزكى القُربات    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري" برعاية كريمة من خادم الحرمين الشَّريفين    ترمب يستعد للقاء زيلينسكي في واشنطن ويطرح رؤية لاتفاق سلام شامل    نتنياهو يفتح الباب أمام مقترح صفقة جزئية مع حماس لإطلاق الأسرى    انتشال جثث بعد مقتل 320 شخصاً خلال 48 ساعة جراء الأمطار الموسمية في باكستان    اللاونجات تحت عين الرقيب    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي    التعليم تشدد على ضوابط الزي المدرسي    دراسة: احتساء القهوة صباحا يزيد الشعور بالسعادة    خفض الكوليسترول خلال 10 أيام    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    المعلمون يعودون غدًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد 1447ه    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية: سيناريوات المرحلة المقبلة
نشر في الحياة يوم 26 - 05 - 2011

مع بدء الثورات العربية في تونس حيث نجحت في إسقاط زعيمين من أكثر الرؤساء العرب تسلطاً: زين العابدين بن علي في 23 يوماً ثم حسني مبارك في 18 يوماً، امتدت الثورات العربية لتشمل دولاً أخرى كليبيا، حيث تحولت إلى نزاع مسلح سقط فيه أكثر من عشرة آلاف قتيل، واليمن حيث يبدو أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عالق عند الحافة من دون أن يجد من يدفعه إلى السقوط، ثم سورية التي امتدت فيها التظاهرات إلى كل المحافظات تقريباً.
خلال هذه الثورات تبلور نموذجان للتحرير إذا صح التعبير:
* النموذج التونسي والمصري واليمني: وكان أكثر وضوحاً في الشكل المصري عبر احتلال الساحة الرئيسية في العاصمة (ساحة التحرير) ثم ازدياد أعداد المتظاهرين بشكل يومي حتى بلغ درجة دفعت الرئيس إلى التنحي. وفي كل هذه الحالات لعب الجيش دوراً محورياً في رفض الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين أولاً ثم في إجبار الرئيس على التنحي. ويعد هذا النموذج مثالياً لجهة الحد الأدنى من سقوط القتلى.
في هذا النموذج حافظت الثورة على سلميتها المطلقة من قبل المتظاهرين الذين حافظوا على انضباطهم والتزامهم باللاعنف كمبدأ رئيسي من أجل إنجاح الثورة، وهو ما أعطاهم التعاطف المعنوي الكبير من قبل أخوتهم من أبناء الوطن أولاً ثم التعاطف الجماهيري الواسع من قبل المجتمع الدولي، وزاد حجم الضغوط الدولية على الرئيس من أجل التنحي.
* أما النموذج الثاني فكان النموذج الليبي، ويتمثل في تحرير جزء من الأرض ثم التوجه أو الزحف نحو تحرير الأجزاء الباقية، وعلى رغم أن رغبة المحامين والقضاة الليبيين الذين اعتصموا أمام مبنى المحكمة في بنغازي كان الاعتصام السلمي على الطريقة المصرية، إلا أن إطلاق النار الحي والمباشر من قبل أجهزة الأمن الليبية من دون حتى استخدام الغاز المسيل للدموع أو الرصاص المطاطي مما أدى إلى سقوط أعداد ضخمة من المتظاهرين، حوّل وجهة الثورة الليبية وبسرعة من الخيار السلمي إلى خيار العمل المسلح. ومع انتهاج كتائب القذافي خيار الأرض المحروقة باستخدام الطائرات والمدفعية الثقيلة، لم يكن أمام الليبيين من خيار سوى الاستنجاد بالمجتمع الدولي من أجل التدخل لوقف آلة القتل الليبية وهو ما أدخل ليبيا الآن في مرحلة نزاع مسلح ربما يطول بعض الشيء قبل نجاحها في إسقاط القذافي ويفتح ليبيا أمام خيارات مجهولة.
لكن أي من النموذجين ينطبق على الانتفاضة السورية؟ في الحقيقة حافظت التظاهرات السورية على طابعها السلمي المطلق بالرغم من الأعداد الكبيرة للذين سقطوا بالرصاص الحي وبرصاص القناصة، ففي كل مرة حاول فيها المتظاهرون بدء الاعتصام في ساحة رئيسية كانوا يواجهون بالرصاص الحي الذي خلّف سقوط عشرات القتلى. حدث هذا في المسجد العمري في درعا وفي ساحة الصليبية في اللاذقية وفي دوما وحمص أيضاً. في كل مرة تتدخل الأجهزة الأمنية وتقوم بتفريق الاعتصام ليس بالغاز المسيل للدموع أو الرصاص المطاطي وإنما بالرصاص الحي الذي يستهدف رؤوس وصدور المتظاهرين بشكل مباشر، مما يفسر سقوط هذه الأعداد الكبيرة من القتلى في كل مرة يجري فيها فض الاعتصام. إذاً هل ستتجه الانتفاضة السورية باتجاه النموذج الليبي؟ وكيف ستتطور الأمور في سورية؟ أعتقد أن هناك ثلاثة سيناريوات محتملة:
1- تجاوز النظام السوري للأزمة: أي أن يتدخل النظام السوري لقمع التظاهرات وإنهاء الاحتجاجات السلمية بشكل نهائي، وهذا ربما يتم خلال عام أو حتى أقل، كما جرى في إيران بإنهاء «الثورة الخضراء» عام 2009 وفي بورما بإنهاء «ثورة الزعفران» في عام 2007. كلا النظامين التسلطيين الإيراني ذي الوجه الديني، والعسكري في بورما، نجحا في إنهاء التحركات الاحتجاجية عبر استخدام العنف الأعمى تجاه المتظاهرين واستنفاد طاقة كل القوى الأمنية والجيش والميليشيات المختلفة في إنهاء التظاهرات الشعبية. وهو ما يضعه النظام السوري اليوم كنموذج له، إذ يعتقد أن بإمكانه إنهاء التحركات الاحتجاجية عبر استخدام العنف الأقصى وإطلاق الرصاص الحي والمباشر على المتظاهرين واتباع تكتيك القنص مما يزرع الرعب لدى المتظاهرين ويخفف عددهم تدريجياً، وفي حالة المدن التي خرجت عن السيطرة مثل درعا وبانياس يتم إرسال الحرس الجمهوري مع قوات الفرقة الرابعة بكل معداتها العسكرية، وهي الأكثر ولاءً للنظام، من أجل احتلال المدينة بشكل كامل واعتقال كل شبانها عبر فتح مراكز للاعتقال الجماعي واتباع سياسة التعذيب مما يقضي على الحركة الاحتجاجية بشكل نهائي.
كما تم وضع الحواجز الأمنية والعسكرية على مداخل كل المدن وعزلها عن بعضها البعض بما فيها الأحياء، مما يقيد حركة الاحتجاج أو الخروج إلى الشارع بشكل مطلق ويجبر المواطنين على التزام حظر التجول وإلا سيكون القتل نصيبهم، وهذا ما تم في دوما والمعضمية وداريا وغيرها من مدن ريف دمشق، وجاسم وطفس ودرعا البلد وغيرها من المدن داخل محافظة درعا، وبانياس واللاذقية وغيرها، مما أثّر بشكل أكيد في عدد المتظاهرين الذين خرجوا بنسب أقل في الأيام السابقة، إلا أن القاعدة الشعبية للنظام هي أضعف بكثير مما هي عليه في إيران.
فقد بدأت الانتفاضة من محافظة تصنف تقليدياً من قبل النظام على أنها موالية، ولم تبدأ في القامشلي أو الحسكة حيث مناطق تواجد الأكراد السوريين، تلك المناطق التي لديها تاريخ طويل في الخروج والتظاهر ضد النظام الحاكم منذ عام 2004، كما أنها لم تخرج من حماة أو حلب مناطق الوجود التقليدي لحركة «الإخوان المسلمين» السوريين، وبالتالي فإن خروج التظاهرات الكبرى في هذه المدن تبقى مسألة وقت، وحينها لن يفيد النظام الاستخدام الأقصى لقوات الأمن والجيش لأنها ستستنزف بشكل كبير ومتفرق على امتداد رقعة الجغرافيا السورية.
2- انشقاق الجيش السوري: أما السيناريو الثاني فهو استمرار خروج التظاهرات ولو بشكل أضعف مما كانت عليه واستمرار أجهزة الأمن السورية في الرد عليها بالرصاص الحي. ومع توريط الجيش في مدن سورية مختلفة فإن الانشقاق داخله سيزداد ويتعمق، كما حصل في درعا ومدينة الرستن في حمص وبانياس مما دفع بأجهزة الأمن السورية إلى تصفية هؤلاء الجنود، كما أكد أكثر من شاهد عيان وعدد من الجنود، وأثبت ذلك الكثير من أشرطة الفيديو المنشورة على الإنترنت.
وبالتالي إذا استمرت عملية توريط الجيش فإن انقسامه وبخاصة على مستوى الرتب العليا سيصبح مسألة وقت، وربما في النهاية يتخذ الكثير من قياداته قراراً بحماية المدنيين من المتظاهرين مما سيدخلها في صراع مسلح مع الأجهزة الأمنية وكتائب الفرقة الرابعة ذات التسليح والتدريب الجيد، وهو ما يضع وحدات الجيش على المحك ويحتم على القيادات العليا اتخاذ قرارات تتعلق بمصير الجيش ولمصلحة المتظاهرين وهو سيناريو يحتاج إلى بعض الوقت حتى تتأكد القيادات العليا من ولاء الرتب الدنيا لها في حال اتخذت قراراً بالانشقاق، كما يعتمد على استمرار الحركة الاحتجاجية وتصاعدها في أكثر من مدينة ومحافظة ومحافظتها على سلميتها.
3- التدخل الخارجي: أما السيناريو الثالث والأخير فهو استمرار التظاهرات وتصاعد المواجهة من قبل أجهزة الأمن وحدوث انشقاق داخل الجيش لكن من دون أن يكون حاسماً مما يزيد من عدد القتلى المدنيين ويفتح الباب للتدخل الدولي المباشر من أجل حمايتهم، ورغم أن هذا السيناريو هو الأسوأ وقد يُدخل سورية في النموذج الليبي تماماً، إلا أنه محتمل في ظل تصاعد أعداد القتلى وعدم اكتراث النظام السوري بالإدانات الدولية والمواقف المتصاعدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
على العموم فإن فرص السيناريوات الثلاثة متقاربة نسبياً وتعتمد على تطورات الأوضاع الداخلية بشكل أساسي وعلى تطور المواقف الإقليمية والدولية بشكل ثانوي.
* باحث زائر في جامعة جورج واشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.