حاول النظام المصري السابق ورجاله خلال العقود السابقة أن يسوقوا لمقولة أنه لا يوجد بديل في مصر يصلح لتولي مسؤولية الرئاسة بعد الرئيس حسني مبارك، في محاولة بائسة منهم لإعداد المشهد السياسي لاستقبال نجل الرئيس، ولم يتوانوا في التشهير بكل من سطع نجمه وبدأت تظهر عليه بعض أمارات التفكير في القرب من هذا المنصب نتيجة نجاحه في مجال ما، أو تولي منصب دولي مرموق، أو تقلده جائزة عالمية شهيرة، أو حتى لمجرد حب الناس له وطرحه كبديل شعبي لتنصيب النجل المفتون بحب الجمع بين السلطة والمال. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. ولم يكونوا يعلمون أن تحت الرماد ناراً. وهبت الثورة نتيجة متوقعة للعديد من الغباءات السياسية والاستهانة والاحتقار لعقليات الشعب. واستيقظ المصريون على وقع اسم شخص متواضع لم يألف الظهور في الإعلام ولا التسويق لإنجازاته ولا الإشادة بحكمة الرئيس وعبقرية نجله، لذا لم يمكث في الوزارة إلا قليلاً، وخبأ له القدر تولي منصب رئاسة الوزراء في ظرف من أحلك الظروف التي يمر بها الوطن وسط أمواج عاتية، من إرث الفساد والمحسوبية والنهب المنظم لثروات البلد العظيم، وإذا بنا لأول مرة نرى رئيس وزراء يبدو عليه الإنهاك والهم والخوف على مستقبل البلد بشكل حقيقي. يمارس حياته ومهماته بشكل طبيعي ومن دون حراسة ومواكب محمية كما اعتدنا عليه، يقابله الناس صدفة في محل للفول والطعمية يتناول الفطور هو وأسرته مثل بقية الناس، ثم فاجأ الجميع عندما أصر علي دفع الغرامة المرورية لسيارة نجله بعد أن علم بمجاملة الضابط له مما كان له أعظم الأثر على ضباط الشرطة أنفسهم، وعلى عامة الشعب وشعورهم أن ما قدموه من تضحيات في هذه الثورة، لم يذهب هباء وأن أبناءهم الذين استشهدوا وقدموا أرواحهم الغالية قد حولت دفة البلد لما فيه الخير، وأدركنا جميعاً أن مصر بلد ولود لعشرات بل لآلاف الرجال الأكفاء الذين يصلحون لتقلد أرفع المناصب ولكن لم يكن يتاح لهم المجال في ظل النظام الاستبدادي البائد، وقديماً قيل أن لكل واحد من اسمه نصيب، وإذا ضربنا المثل لذلك بشارون (رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته وحياته أيضاًَ رغم أنف الأجهزة الإكلينيكية) كصيغة مبالغة للشر، يبدو لنا بكل وضوح أن رئيس الوزراء المصري الحالي رجل عصامي وشريف.