معهد الإدارة العامة يتعاون مع "هارفارد" و المجلس الثقافي البريطاني لتصميم برامج نوعية واعتماد اختبارات اللغة الإنجليزية    الاحتلال الاسرائيلي يعتقل 20 فلسطينياً    القيادة تهنئ الحاكم العام لسانت فنسنت وجزر الغرينادين بذكرى استقلال بلادها    11.7 مليون عمرة خلال شهر ربيع الآخر    الجلاجل يفتتح ملتقى الصحة العالمي ويعلن توقيع اتفاقيات ب 124 مليار ريال لتعزيز الاستثمار في القطاع    طيران دلتا يعلن عن تدشين أولى رحلاته المباشرة بين أتلانتا والرياض اعتباراً من 2026    رئيس جمهورية غويانا التعاونية يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    والدة الإعلامي أحمد الغامدي في ذمة الله    جمعية نماء للخدمات الاجتماعية تطلق دورة "تصميم الجرافيك للمبتدئين" بجازان    تحت رعاية خادم الحرمين.. انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض    لأن النفس تستحق الحياة".. جمعية "لهم" تُطلق فعالية توعوية مؤثرة في متوسطة 86 عن الصحة النفسية والإدمان    أوكرانيا تستهدف موسكو بعشرات الطائرات المسيرة    أمانة نجران 4287 جولة وزيارة خلال أسبوع للصحة العامة    إنطلاق الملتقى العلمي الخامس تحت عنوان "تهامة عسير في التاريخ والآثار "بمحايل عسير    ارتفاع أسعار النفط    ختام بطولة المملكة المفتوحة للكاراتيه في الباحة    تمهيداً لانطلاق المنافسات.. اليوم.. سحب قرعة بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ في الرياض    يامال يخطط لشراء قصر بيكيه وشاكيرا    جماهير النمور لرئيس ناديها: نريد عملاً.. ومنشورات «X» لن تحل مشاكل الاتحاد    فريق مصري يبدأ عمليات البحث في غزة.. 48 ساعة مهلة لحماس لإعادة جثث الرهائن    إنستغرام يطلق «سجل المشاهدة» لمقاطع ريلز    الدروس الخصوصية.. مهنة بلا نظام    «التعليم»: لا تقليص للإدارات التعليمية    هيئة «الشورى» تحيل تقارير أداء جهات حكومية للمجلس    إسرائيل تحدد القوات غير المرغوب بها في غزة    القمة العالمية للبروبتك.. السعودية مركز الاستثمار والابتكار العقاري    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    قيمة الدعابة في الإدارة    2000 زائر يومياً لمنتدى الأفلام السعودي    الصحن الذي تكثر عليه الملاعق    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    تركي يدفع 240 دولاراً لإعالة قطتي طليقته    علماء يطورون علاجاً للصلع في 20 يوماً    تداول 168 مليون سهم    قرار وشيك لصياغة تشريعات وسياسات تدعم التوظيف    480 ألف مستفيد من التطوع الصحي في الشرقية    كلية الدكتور سليمان الحبيب للمعرفة توقع اتفاقيات تعاون مع جامعتىّ Rutgers و Michigan الأمريكيتين في مجال التمريض    رصد سديم "الجبار" في سماء رفحاء بمنظر فلكي بديع    غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين كمبوديا وتايلند    صورة نادرة لقمر Starlink    8 حصص للفنون المسرحية    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    ريال مدريد ينهي عقدة الكلاسيكو بالفوز على برشلونة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحراء في خلفية تفاقم الأزمة بين الجزائر والمغرب
نشر في الحياة يوم 31 - 10 - 2017

تطغى على العلاقات بين الجزائر والمغرب أجواء الحرب الإعلامية، ما ينذر بدخولها في أزمة جديدة، وبعودة العلاقات بين البلدين المغاربيين إلى مربعها الأول. فقد أعلن وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل رفضه وصف المغرب بأنه «المثال الذي يحتذى في أفريقيا بالنظر لاستثماراته»، مضيفاً «أن المغرب لا يقوم باستثمارات في أفريقيا كما يشاع، بل أنّ بنوكه تقوم بتبييض أموال الحشيش، وهذا الكلام أخبرني به العديد من زعماء البلدان الأفريقية». وأضاف مساهل أن الخطوط الملكية المغربية لا تقوم فقط بنقل المسافرين عبر رحلاتها إلى دول أفريقية، مبرزاً أنّ «الجزائر ليست المغرب»، قبل أن يعاتب المتعاملين الذين يجعلون من المغرب كمثال لنجاحه في دخول الأسواق الأفريقية. ولفت مساهل الى أن «كثيرين يتحدثون عن المغرب وحضوره في أسواق الدول الأفريقية لكن، في الحقيقة، المغرب لا شيء»، مشدّداً على أن «الجميع يعرف ما هو المغرب، هو منطقة تبادل حر مفتوحة أمام الشركات الأجنبية لفتح مصانع وتوظيف بعض المغاربة».
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية المغربية إن تصريحات الوزير الجزائري «على مستوى كبير من عدم المسؤولية غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين، وهي تنمّ عن جهل بالقواعد الأساسية لنظام البنوك ولشركة الطيران المغربية». ويلمس المراقب الموضوعي للعلاقات الجزائرية- المغربية، بوضوح الفجوة الواضحة في خطاب كل من الحكومتين، كلما تعلق الأمر بقضية الصحراء، التي تشكل أحد أهم مبادئ الديبلوماسية الجزائرية، إضافة إلى أن ضم المغرب للصحراء الغربية نهائياً، يُعْطِيه تفوقاً استراتيجياً، ليست الجزائر على استعداد للقبول به، لا سيما من جانب المؤسسة العسكرية.
ومعروف تزمّت جنرالات الجزائر إزاء هذا الملف، منذ رحيل الرئيس هواري بومدين. ويتردّد في الكواليس أن أحد أسباب إزاحة الرئيس محمد بوضياف الذي اغتيل بطريقة غامضة في 29 حزيران (يونيو) 1992، كان رغبته في التنازل عن قضية الصحراء الغربية! على اعتبار العلاقة الطيبة التي كانت تربطه بالعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.
من وجهة الحكومة المغربية، تأتي تصريحات وزير الخارجية الجزائري الأخيرة في ضوء زيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، هورست كوهلر، إلى المنطقة، حيث زار الرباط وحظي باستقبال العاهل المغربي الملك محمد السادس، كما زار مخيمات تندوف وأجرى محادثات مع قادة «جبهة البوليساريو»، قبل أن يزور كلاً من الجزائر وموريتانيا، المعنيتين بملف الصحراء أيضاً، ليرفع تقريره إلى مجلس الأمن الدولي هذا الشهر.
وتتّهم الجزائر السلطات المغربية بأنها تحاول استمالة الأمم المتحدة إلى صفها، وطي صفحة التوتر الذي ساد بين الطرفين في عهد الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، بان كي مون، في شأن ملف الصحراء. وكان بان ذكر، في أحد تصريحاته، ما سمّاه «احتلال الصحراء»، الأمر الذي أدى إلى أزمة بين المغرب والأمم المتحدة، انتهت بطرد موظّفين أمميين، بقرار من السلطات المغربية، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها تدريجاً بانتهاء ولاية الأمين العام السابق.
وكان نزاع الصحراء الغربية القائم منذ 1975، والذي فشلت الأمم المتحدة في حلّه، أدّى إلى تردّي العلاقات بين دول المغرب العربي طيلة العقود الأربعة الماضية، وإلى تقويض الاستقرار في المنطقة التي يراقبها الغرب عن كثب بوصفها مصدراً محتملاً للتيار الإسلامي المتشدد ونقطة وثوبٍ بالنسبة إلى الهجرة غير المشروعة إلى القارة الأوروبية. فضلاً عن أن تجاهل قضية الصحراء يلحق الضرر بالتكامل الإقليمي.
ويمثل تشابك المسألة الصحراوية وتعقيداتها الصخرة التي تتحطم عليها محاولات تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب، ويعود أساس التناقض بين فعل الإيمان بالوحدة المغاربية والعدائية في واقع العلاقات بين البلدين، إلى النمط السلطوي. ففي المغرب والجزائر معاً، تحوّل الشعور الوطني إلى سلاح سياسي في الصراع. وهنا تكمن صعوبة إيجاد حل لنزاع الصحراء خارج نطاق المشروع المغاربي. فبالنسبة إلى الدولة المغربية، يقود أي تنازل في قضية الصحراء إلى خسارة الوجود. وبالنسبة إلى النظام الجزائري، فإن المزايدة الوطنية «حول تقرير المصير في الصحراء الغربية»، تشكّل عنصراً من عناصر بقاء الدولة.
وشكلت عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي حدثاً استثنائياً في القمة ال28 للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في 31 كانون الثاني (يناير) 2017، وكان ملف العودة أبرز القضايا المطروحة في القمّة. ولعب الرئيس الجديد للاتحاد، الرئيس الغيني ألفا كوندي، دوراً محورياً فيها، وجاءت عودةً إلى حضن الاتحاد الأفريقي بعد قطيعة دامت ثلاثاً وثلاثين سنة، بعد أن «كانت ظروف خاصة» فرضت على المغرب الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية التي كانت قائمة قبل الإعلان عن قيام الاتحاد الأفريقي.
ففي عام 1984، اعترفت منظمة الوحدة الأفريقية ب «الجمهورية الصحراوية»، فقرر المغرب الانسحاب، وقال عاهل المغرب الراحل الحسن الثاني آنذاك: إنّه كان «من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربي الاعتراف بدولة وهمية». والغرض من الدولة الوهمية هذه هو المسّ بالوحدة الترابية للمغرب، وتبرير الطموحات الإقليمية للجزائر الراغبة في أن يكون لها منفذ على المحيط الأطلسي، غير أنها صارت مشروعاً ميتاً في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أخيراً.
لم تكن عودة المغرب إلى أفريقيا مفاجئة، فقد جاءت في ظل التراجع الكبير من الدول الأفريقية المعترفة ب «الجمهورية الصحراوية»، باعتبار أنّ نحو 44 دولة أفريقية من أصل 54 بلداً، لا تعترف أو سحبت اعترافها، وأخفقت «الصحراء» في أن تصبح عضواً في أي منظمة إقليمية أو دولية، بدءاً بجامعة الدول العربية وانتهاء بالأمم المتحدة. فضلاً عن أن «الاتحاد المغاربي» الذي تأسس في مدينة مراكش يوم 17 شباط (فبراير) 1989، اقتصرت عضويته على دول معترف بها هي المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا.
ويأتي تصاعد التوتر في العلاقات بين الجزائر والمغرب، مع اقتراب موعد القمة الأوروبية- الأفريقية التي من المقرر أن تعقد في أبيدجان يومي 29 و30 تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث سيحضر المغرب بعد أن عاد مع بداية هذا العام إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، وهذا من دون شك يشكل إزعاجاً للجزائر ول «جبهة البوليساريو»، اللتين تطالبان بتطبيق مبدأ «تقرير المصير» وإجراء استفتاء في الصحراء، ورفض الطرح المغربي بإقامة حكم ذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
ومنذ رحيل الاستعمار الفرنسي عن أرض الجزائر، لم يشهد تاريخ العلاقات بين الأخوين اللدودين في المغرب العربي، الجزائر والمغرب، حالة من التطبيع الكامل، بل إن العلاقات بين البلدين عرفت مراحل من المد والجزر لا تنتهي. علماً أن التطبيع الكامل بين المغرب والجزائر، يمثل شرطاً أساسياً من شروط النهوض باتحاد المغرب العربي، ومطلباً دولياً يجتمع عليه الموفدون عبر المتوسط وعبر الأطلسي، لكنه يصطدم دائماً بقضية الصحراء.
* كاتب تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.