تقلص سوق صناعة السجاد اليدوي على نحو لافت في العقود الأخيرة لتقتصر ممارسته على بعض الحرفيين، ممن قد تندثر الحرفة كلياً بوفاتهم، لا سيما في ظل غزو الماكينات بما تملكه من إمكانات لسوق الصناعة، فبينما يبدأ حرفي العمل في سجادة يدوية وينهيها بعد أسابيع، تنتج المصانع في المدة ذاتها آلاف القطع. صحيح أن جودة المنتج النهائي تختلف، لكن ارتفاع أسعار اليدوي مقارنة بالثاني يعد من أهم أسباب تقلص سوق السجاد اليدوي. والواقع أن صناعة السجاد اليدوي باتت جزءاً من هواية اقتناء القطع النادرة عبر متابعة المزادات أو البحث عن وساطة. ويُعتبر «متجر همام» في شارع قصر النيل في وسط القاهرة واحداً من المنافذ التي يلجأ إليها هؤلاء الهواة لطلب قطعة سجاد صناعة إيرانية أو تركية يدوية قديمة، أو قطع تحمل توقيع «همام». واللافت أن المتجر الذي يقتصر دوره حالياً على الوساطة وصيانة تلك القطع النادرة كان ملك رائد صناعة السجاد اليدوي في مصر الذي أسس متجره عام 1928، ونال الجائزة الذهبية من المعرض السنوي الزراعي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. يقول طارق همام (57 سنة) الحفيد الأكبر لهمام: «صناعة السجاد اليدوي كحرفة كانت تتبع وزارة الزراعة خلال العهد الملكي، وذلك كون مكونات السجاد من الأصواف والألوان مشتقة من النبات، لكن منذ حقبة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وزحف الماكينات والمعدات إلى صناعة السجاد باتت تتبع وزارة الصناعة». ويضيف طارق ل «الحياة»: «اشتهر محل جدي في صناعة السجاد اليدوي في مصر، وكان منافسه الوحيد آنذاك أحد الصناع الأجانب الذي اشتهر بتجارة السجاد الإيراني. وليس مبالغة القول إن سجاد «همام» صار عنصراً أساسياً في منازل الأسر المصرية المرموقة والشخصيات العامة». ويأسف الحفيد لكون «المتجر توقف عن إنتاج مزيد من السجاد، ويقتصر دورنا راهناً على الوساطة والصيانة لتلك القطع التي أنتجها جدي أو غيرها من السجاد «الأصفهاني»، «الكاشان»، «التركي»، «الفرنسي». كما نعمل على تدريب شبان على أصول صناعة السجاد اليدوي وصيانته، للحفاظ على هذه المهنة من الاندثار». ويعد «التوقيع» علامة مهمة لمعرفة أصالة القطعة اليدوية. وعن قصة التوقيع يقول حفيد صانع السجاد الأشهر في مصر: «عراقة السجادة تُعرف من تسجيل تاريخ الصناعة وبلد المنشأ واسم الصانع عليها. ويتم تسجيل توقيع اسم المُصنّع للحفاظ على حقوق الملكية والتصميم. وتوقيع السجاد ابتدعته إيران حين كان مهر العروس فيها عدداً من قطع السجاد، بشرط أن يقوم العريس بصناعتها يديوياً ويسجل عليه توقيعه واسم العروس وتاريخ الزفاف. استمر هذا التقليد سنوات عدة، لكن مع مرور الوقت وتقادم الزمن تحول السجاد إلى تحفة فنية، ونُقلت فكرة التوقيع بالاسم على السجاد إلى الجانب التجاري في هذه الصناعة. وانتقلت العادة إلى القاهرة في ثلاثينات القرن الماضي، وكانت هدايا العائلات والأزواج والشخصيات العامة بعضهم إلى بعض سجادة يكتب عليها اسم الشخص المهداة إليه».