أفرزت تبعات الثورة المصرية «احتكاكاً» بين الجيش والمحتجين في ميدان التحرير مساء أول من أمس، عندما قامت عناصر من الشرطة العسكرية باخلاء ميدان التحرير بالقوة، سارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى القيام بالاعتذار عنه، متعهداً عدم تكراره ونافياً في شدة صدور تعليمات بتعامل عنيف مع المحتجين. وتزامن ذلك مع اعلان أحكام مشددة أصدرتها محاكم عسكرية في حق «بلطجية» مارسوا الترويع في أيام الثورة الأولى، وكذلك أحكام ضد رجال شرطة كانوا أضرموا النار في أحد مباني وزارة الداخلية أثناء احتجاجهم على فصلهم من الخدمة. «العين الحمراء» التي أظهرها الجيش، سواء في تعامله مع المحتجين أو عبر الأحكام العسكرية، أظهرت رغم «الاعتذار» أنه لا قرار لدى الجيش بإزاحة رئيس الحكومة أحمد شفيق الذي طالبت تظاهرة «جمعة التطهير» بإبعاده، ومعه وزراء ومسؤولون آخرون ورجال إعلام محسوبون على نظام الرئيس السابق حسني مبارك. فالتعديل الحكومي الذي أجراه شفيق لم تمر عليه سوى أيام، ولو كان الجيش يرغب في إبعاده لما كلفه إعادة تشكيل الحكومة. في المقابل، يبدو المحتجون مصرّين على التصعيد حتى تتحقق مطالبهم، وهم دعوا أمس الى العودة الى الاعتصام في الميدان ابتداء من الجمعة المقبلة حتى تتحقق المطالب كاملة. وذلك رغم إعلان اللجنة المشكلة لتعديل الدستور عن المواد التي ستعدل وستطرح للاستفتاء العام، إذ جاءت التعديلات مرضية لقوى المعارضة خصوصاً تخفيض مدة الرئاسة الى أربع سنوات بدلاً من ست على أن تمدد لمرة واحدة فقط، وكذلك تخفيف القيود على المرشحين. ويبدو أن الجيش مستمر في السير بعملية الإصلاح خطوة خطوة، خصوصاً مع وجود ملفات أخرى يتصدى لها على رأسها أحوال الأمن ومطاردة المتهمين بالفساد. ولوحظ أن الجيش أسند مهمة الإشراف على اتحاد الإذاعة والتلفزيون الى لواء في إدارة الشؤون المعنوية ما يعني عدم تفريطه في مرفق مهم يطالب المحتجون بتحريره وتخفيف قبضة الحكم عنه. وسط كل هذا الزخم من تداعيات ترسخ لدى كل الأطراف، الجيش والحكومة والمعارضة، أن فلول النظام السابق من رموز الحزب الوطني ورجال الأعمال والبلطجية مازالوا يسعون إلى نشر الفوضى. وانعكس ذلك في بيانات ورسائل متتالية عن الجيش حذر فيها الشعب المصري «العظيم» من اندساس عناصر «غير شريفة» تسعى إلى إشاعة الخوف وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثورة. ومارس شفيق عمله من مقر مجلس الوزراء أمس. أما اعتذار «الجيش» فقوبل بترحيب من قوى في المعارضة بينها «ائتلاف 25 أبريل» الذي اعتبر الاعتذار يعكس حرصاً من جانب الجيش على الثورة ومطالبها، في حين تظاهر نحو ثلاثة آلاف أمس في ميدان التحرير رداً على «الاحتكاك» وأعلنوا تنفيذ «اعتصام التطهير» بدءاً من الجمعة المقبلة، إذا بقي شفيق في موقعه ومعه باقي رموز نظام مبارك.