نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على مشعل بن عبدالله بن فرحان    الرئيس المصري يُجري اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الإيراني    عصام جنيد: الحجاز مهد الغناء العربي    "100 براند سعودي" يجذب الأنظار في لندن    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    أسرار جديدة بمدينة إيمت    روبوت عسكري بحجم بعوضة    عواقب التخلي عن الدهون الحيوانية    اختبار منزلي يقيّم صحتك    ما يسعدك قد لا يسعد غيرك.. أبحاث جديدة تدحض وصفة السعادة العامة    رينارد: نتطلع لتحقيق هدفنا    وزير الطاقة: موثوقية تحالف أوبك+ ترسم استقرار الأسواق    عوائد مستدامة    شركات طيران تعلق رحلاتها بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران    المملكة تجدد دعوتها لوقف إطلاق النار في غزة    جامعة الأمير محمد بن فهد تحقق إنجازاً عالمياً بدخولها في قائمة أفضل 100 جامعة متميزة في العالم في تصنيف التايمز للتأثير    إنتر ميلان ينجو بصعوبة من فخ أوراوا    الزعيم في الخطوة الأهم أمام سالزبورغ    الأخضر يواجه ترينداد وتوباغو ب«أكثر من فرصة»    ضبط 12066 مخالفًا للإقامة والعمل خلال أسبوع    مصانع لإنتاج أسمدة عضوية من مخلفات النخيل    انطلاق فعاليات منتدى الصناعة السعودي    75% من الغرف الفندقية بمكة المكرمة    خطيب المسجد الحرام: محاسبة النفس ديدن الأيقاظ ونهج الراشدين    إمام المسجد النبوي:لا تنشغلوا بالدنيا الفانية عن الآخرة الباقية    تحت رعاية الملك.. نائب أمير الرياض يحضر تكريم الفائزين بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    أمير جازان يبحث المشروعات التنموية والسياحية في فرسان    سبات الإجازة وتحدي الاختبارات    حفنة تراب.. دواء أنقذ زراعة الأعضاء    تصعيد يحبط الوساطات وشروط المفاوضات تعجيزية    بعثة حج الجمعيات الأهلية المصرية : نشكر السعودية علي ما وفرته لراحة ضيوف الرحمن من المصريين وتيسير مهمتنا    توزيع هدية خادم الحرمين على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    دورتموند يتغلب بصعوبة على صن داونز في مونديال الأندي ة    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    28 متحدثًا ومشاركًا يثرون المؤتمر العلمي الثاني لمكافحة المخدرات في جازان    إنزاغي يكشف عن 3 غيابات في الهلال أمام سالزبورغ    موسى محرق.. رحيل إعلامي ترك أثرًا لا يُنسى    هل تموت الكلمات؟    لا يفوتك هذا المقال    الصبّان: نُعد دراسة استراتيجية لتطوير الموسم المقبل بمشاركة خبراء التايكوندو    الجبهة الداخلية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    احتفل دون إيذاء    دبلوماسية الطاولة العائلية    استغلال أوقات الفراغ في مراكز الأحياء    أمطار وزخات برد على جازان وعسير وتحذيرات من الغبار بالشرقية والرياض    الأنيميا المنجلية.. ألم يولد مع الإنسان ومسؤولية العالم تتجدد    بنفيكا يقسو على أوكلاند سيتي بسداسية في كأس العالم للأندية 2025    المنهاج التعليمية تتفاعل مع قصة الطفلة زارعة الكبد اليمنية ديانا عبدالله    أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع إرادات سيادي يستبق حسم ملف القدس
نشر في الحياة يوم 18 - 08 - 2017

تخوض إسرائيل انطلاقاً من القدس كمدينة فلسطينية، وتحديداً من المسجد الأقصى، معركة الإسراع في تهويد المدينة، ومحاولة أسرلة ما لم يكن يهودياً في أي يوم من الأيام. ويجرى تهيئة المعطيات التي تساعد على نقل السفارة الأميركية إلى القدس بسهولة ويسر.
وما كانت لتسارع في محاولاتها تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، لو لم تكن هناك إدارة أميركية ذات صبغة شعبوية تشترك مع اليمين المتطرف الإسرائيلي في الأهداف ذات الطابع الكولونيالي، وهي الموعودة بتحقيق ما يسمى «صفقة القرن» التي تخرج إلى الوجود تسوية استعمارية مجحفة بحق الفلسطينيين، ومربحة ربحاً صافياً للإسرائيليين، وفق التصورات الترامبية.
على خلفية هذه الأهداف، تسعى حكومة الائتلاف اليميني المتطرف في إسرائيل، عبر برنامجها الملزم، وتطبيقاتها العملية على الأرض، إلى ممارسة أقصى محاولات تغيير المعالم الإسلامية والمسيحية، وطمس كل ما يدل على الآثار العربية المؤكدة في المدينة، في ظل غياب أي أثر تاريخي في باطنها، مزعوم ومتوهم، للقبائل اليهودية التي كانت تترحّل في إطار المنطقة، وذلك بشهادة علماء آثار إسرائيليين وغربيين، باتوا يؤكدون أنهم لم يعثروا على ما يثبت يهودية المدينة في أي وقت، في ظل غياب أيّ آثار أو لقى يمكنها أن تثبت أنها كانت يوماً ما يهودية.
وفي العديد من المرات التي كانت الحكومة أو مجلسها الوزاري المصغر، توافق على تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، بدءاً من العام 2011، استجابة لطلب الفلسطينيين كشرط لاستئناف المفاوضات، كان هدف حكومة الائتلاف اليميني المتطرف، محاولة إنجاز خطوة أو خطوات، ترمي إلى «ضم القدس الشرقية لتصبح قلباً وقالباً العاصمة الأبدية الموحدة للشعب اليهودي» وفق نتانياهو، الذي عاد وأفصح عن ذلك في جلستين مغلقتين مع وزراء ائتلافه الحكومي، وفي جلسة أخرى مع كبار قادة المستوطنين، مقدماً تبريراً لذلك، بأن هدفه أن تصبح أحياء القدس الشرقية أحياء مختلطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما هو الوضع في حيفا ويافا وعكا، مما سيصعّب على السلطة الفلسطينية الحالية أو من سيأتي بعدها المطالبة بشيء اسمه القدس، لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وذلك كمحطة أولى يجري الانتقال بعدها إلى ما هو أهم وأخطر، في محاولة إنجاح الرهان اليميني والديني المتطرف، لإنجاز هدف «قدس يهودية موحدة» في مقابل هدف الفلسطينيين كشعب وأشقائهم العرب وكل دعاة العدل في العالم، بالإبقاء على القدس مدينة عربية فلسطينية موحدة، كما كانت قبل احتلالها في نكبتي 1948 و1967.
ما يجري اليوم على الأرض، يحاول أن يُطابق ما أبلغه نتانياهو يومها لقادة المستوطنين، بل إن الكثافة والسرعة القصوى اللتين فاقتا كل الحدود، توضّحان الأبعاد الخطيرة للمسألة، في وقت بات واضحاً تقسيم العمل بين الحكومة والبلدية وقطعان المستوطنين، في تنفيذ الخطط لبناء المزيد من الوحدات السكنية وسط أحياء القدس العربية (الشرقية). ففي «رؤية» نتانياهو لدور قادة المستوطنين، تتحدد مهمتهم بتجنيد «أموال يهودية» في العالم لشراء أراض وعقارات يمكنهم العيش فيها، وأينما أرادوا في شرق القدس، في الشيخ جراح أو في حي سلوان أو في القدس القديمة أو في شعفاط ووادي الجوز وجبل أبو غنيم، حيث سيتم تفتيت هذه المناطق التي تكوّن منطقة شرق القدس.
والقدس كلها مستهدفة لذاتها، ولقطع تواصلها مع محيطها الذي يربطها بالضفة الغربية، حيث تقوم شركات استثمار إسرائيلية بتكثيف الاستيطان في محيط القدس، وإقامة مستوطنة جديدة باسم «جفعات ياعيل» تضم 12 ألف وحدة سكنية، ستصل حدودها حتى مدينة بيت لحم، وذلك بتعديل مسار جدار الفصل العنصري بمحاذاة قرية الولجة، بهدف توسيع نفوذ ونطاق القدس، من خلال ضم مساحات واسعة من الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية، وفق اتفاقات أوسلو.
علاوة على ذلك تسعى حكومة اليمين القومي والديني المتطرف، القائمة في إسرائيل، الى ضم مستوطنة معاليه أدوميم، كبرى المستوطنات في الضفة الغربية إلى القدس المحتلة، حتى قبل إقامتها، وذلك بهدف تقطيع أوصال الضفة الغربية، وإفقاد الدولة الفلسطينية المفترضة، المزيد من تواصلها حتى بين مدن وقرى ومخيمات الضفة ذاتها. وجاء في تقرير أعدته جمعية «بمكوم» ومنظمة «بيتسيلم» أن إسرائيل صادرت 32 ألف دونم لإقامة هذه المستوطنة، حيث يجري العمل على تحويلها إلى مدينة تقطع التواصل الجغرافي بين وسط الضفة وجنوبها، للحؤول دون إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.
وبهذا تكون إسرائيل قد سعت وتسعى عملياً، إلى تنفيذ ما يسمى مخطط 2020، الذي هو عبارة عن مشروع يهدف إلى جانب مخططات إقليمية أخرى، إلى إقامة القدس الكبرى، وتكريس شعار «القدس عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل»! وإلى تهويد المدينة بكاملها من طريق ضم مستوطنات إلى مناطق نفوذها وتقليل أعداد الفلسطينيين فيها.
لذلك لا يختلف المخطط الاستيطاني الجديد المزمع إنشاؤه قرب بلدة بيت صفافا، عن المخططات الأخرى الهادفة إلى تعزيز الفصل الديموغرافي ما بين القدس وجنوب الضفة الغربية، عبر اكتمال الجيب الاستيطاني إلى الجنوب من القدس، والمكون من مستوطنة هارحوما وجيلو وجفعات همطوس مستقبلاً. وسيتم تنفيذ هذه المخططات غرب شارع الخليل قرب حي بيت صفافا، وذلك ضمن أربع مخططات رئيسة، سيتم من خلالها بناء 3699 وحدة سكنية، إضافة إلى فنادق سياحية ذات قدرة استيعابية تصل إلى 1100 غرفة فندقية، ناهيك عن جميع المرافق اللازمة من مبانٍ عامة وكنس ومدارس لخدمة المشروع وسكانه.
وكانت وزارة الداخلية الإسرائيلية صادقت على بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية والضفة الغربية، وهو القرار الذي أثار الولايات المتحدة، وأدى إلى الأزمة التي نشأت بين إدارة أوباما وحكومة نتانياهو، كون الإعلان عن المصادقة على تلك الوحدات الاستيطانية، جاء خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اعتبر ذلك بمثابة الإهانة الشخصية له ورسالة غير ودية إلى إدارته.
ومنذ بداية العام الجاري، بدأت حكومة الاحتلال تكثّف من أعمالها الهادفة إلى تهويد القدس، وتفريغها ديموغرافياً من أصحابها الفلسطينيين وإقامة منشآت ذات صبغة يهودية، مثل إقامة «كنيس الخراب» واستهداف المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والبلدة القديمة. ووفق نتانياهو في تصريحات متعددة، فإن في مخططات حكومته ما يفيد بأنه لن تكون هناك قدس شرقية، بمعنى أن الحكومة الائتلافية الحالية ماضية صوب إنجاز عملية ابتلاعها وضمها إلى القدس الغربية، في محاولة للزعم أنها «العاصمة الأبدية لدولة يهودية» هي كيان إسرائيل الاحتلالي، القائم اليوم على أرض الفلسطينيين ووطنهم التاريخي.
وهكذا تُظهر الحرب الشاملة ضد القدس ومواطنيها الفلسطينيين، أن الهدف النهائي بجعل القدس يهودية بالكامل، إنما هو خطوة أخرى لاقتلاع وتشريد من تبقى من مواطنين فلسطينيين، إلى حد إحداث نوع من «التفريغ الديموغرافي»، استجابة لمخططات الاحتلال القائمة على «تسمين الوجود اليهودي» الاحتلالي، وإغراق المدينة بالمزيد من المستوطنات والمستوطنين، وزيادة تجمعاتهم الطاردة لمواطني القدس الأصليين، وبالتالي إخراجها بالكامل من ملفات التفاوض، وتأكيد سيطرة الاحتلال والسيادة عليها بكل ما فيها من معالم إسلامية ومسيحية.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.