بغداد - أ ف ب - فتحت تصريحات رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي حول قرار المحكمة الاتحادية العليا إلحاق الهيئات المستقلة بالحكومة باب المواجهة مع رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال النجيفي خلال مؤتمر صحافي: «هناك تهديد حقيقي للدستور والديموقراطية في قرار المحكمة الأخير». وأضاف: «لا نقول إننا نرفضه لكنه مبهم. هناك الكثير من الغموض يحتاج الى توضيح وتفسير وسنطلب إعادة النظر فيه وتفسيره في شكل ينسجم مع الدستور». وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في 18 كانون الثاني (يناير) قرارها معللة ذلك ب «غلبة الصفة التنفيذية على أعمال» الهيئات المستقلة وأبرزها البنك المركزي والمفوضية المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة. وكان محافظ المصرف سنان الشبيبي أكد الثلثاء أن «استقلالية البنك المركزي كانت وما زالت الضمانة الوحيدة لعدم خضوع الموارد المالية للبنك المركزي خارج العراق لإجراءات الحجز والمصادرة من قبل الدائنين الدوليين». وليس بالإمكان معرفة حجم الأموال العراقية في الخارج على وجه الدقة لكن بعض المصادر تشير الى أنها بحدود ستين بليون دولار. وأصدرت المحكمة قرارها بناء على استفسار من المالكي يعتبر أن ربط بعض الهيئات المستقلة ذات الطبيعة التنفيذية في عملها بمجلس النواب أمر لا يتفق مع اختصاص المجلس ويتعارض مع مبدأ فصل السلطات. وتعارض هذه الهيئات قرار المحكمة، مؤكدة استقلالها وأعمالها خاضعة لمراقبة البرلمان، وفقاً للدستور. وتابع النجيفي: «كان لا بد من سماع كل الأطراف قبل إصدار قرار من هذا النوع (...) مجلس النواب سيقدم خلال الأيام المقبلة مشروع قانون للمحكمة الاتحادية ومشروع قانون لمجلس القضاء الأعلى لقراءته ومناقشته». ولم يقر البرلمان حتى الآن قانون المحكمة الاتحادية التي شكلت أثناء فترة الحاكم المدني بول بريمر (2003-2004). وقال إن «قانون المحكمة يحتم الحصول على ثلثي أعضاء مجلس النواب وهذا الرقم ليس سهلاً يحتاج الى توافقات سياسية (...) لكننا نأمل أن يكون القضاء بعيداً عن التسييس وعن الميل الى جهة على حساب جهة أخرى». وأشار الى «أساليب قانونية لمراجعة القرارات ومدى تطابقها مع الدستور». وأكد النجيفي أنه «من غير المعقول أن تربط هيئة النزاهة التي تراقب عمل الحكومة بسلطة تنفيذية، فهذا سينهي عملها وكذلك الأمر بالنسبة إلى هيئة الإعلام والاتصالات والرقابة المالية والبنك المركزي وحقوق الإنسان والمفوضية المستقلة للانتخابات». وكان المالكي دافع قبل أيام عن قرار المحكمة محذراً من أن «البلد سيخرب» إذا تم الرجوع عن هذا القرار «الملزم». وقال إن «الدستور ينص على الفصل بين السلطات. عمل هذه الهيئات تنفيذي وبما أني المسؤول التنفيذي الأول فكيف يجب أن أبقى بعيداً عنها؟». من جانبه، قال النائب حيدر الملا عن القائمة «العراقية» التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي، إن «قرار المحكمة يتقاطع مع الدستور ويعد انقلاباً عليه». وأضاف إن «الدستور واضح في وضع الهيئات التي يتطلب عملها مراقبة السلطات التي يجب أن تتمتع باستقلالية كي تستطيع ممارسة عملها». وانتقد مطالب رئاسة الوزراء بالحاق هذه الهيئات إليها بالقول: «نتمنى من الحكومة أن تحافظ على ما تحقق للشعب العراقي لا أن تزرع الانكسار لدى الشعب بالمنجزات التي تحققت». وعن تزامن قرار المحكمة مع الأوضاع السياسية، قال الملا: «نتمنى أن لا يكون وراء ذلك أبعاد سياسية على رغم انه خلق حالة من الإرباك». وبالنسبة إلى المجلس الوطني للسياسات الذي يفترض أن يكون برئاسة علاوي، قال النجيفي وهو من أبرز قادة «العراقية»، إن «مشروع القانون في مكتب رئيس الجمهورية (جلال طالباني) وقد وعدنا بإرساله قريباً الى مجلس النواب الذي سيتخذ الإجراءات القانونية لتمريره في الوقت المحدد». وتابع «نأمل ألا يتأخر كثيراً لأنه يمثل أحد ركائز الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة وكونه عاملاً يساعد في تحقيق التوازن في البلاد». وأجاب رداً على سؤال عن مغزى التزامن بين قرار المحكمة وتشكيل المجلس: «لا نرى سوء نية فالحكومة تريد أن تعمل وتتعرف إلى صلاحياتها تجاه الهيئات المستقلة وطبيعة عملها». وكان المالكي أعلن قبل أيام أن «مسودة مشروع قانون المجلس الوطني التي قدموها كانت عالماً آخر لا علاقة له بما تم الاتفاق عليه». وأضاف إن «المسودة تشمل مشروع سلطة تنفيذية وحينها نكون أمام حكومتين». وأكد: «بصراحة، إذا بقيت المسودة كما هي فان التحالف الوطني لن يوافق عليها ولن تمر» في البرلمان حيث يشكل التحالف الشيعي المذكور أكبر كتلة.