الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة/ جواهر بنت بندر بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    أمير منطقة المدينة المنورة يلتقي وزير التعليم    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث مع "airbus" توطين تقنيات صناعة الطيران في المملكة    وزير الصناعة والثروة المعدنية يختتم زيارته الرسمية إلى الجمهورية الفرنسية    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    القوى الناعمة في الميدان الرياضي.. الأهلي نموذجاً    "حساب المواطن": إيداع الدفعة ال 90 الأحد المُقبل    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    في ختام الجولة 30 من روشن.. الاتحاد يقترب من حسم اللقب.. والأهلي يتقدم للثالث    في إياب نصف نهائي يوروبا ليغ.. بيلباو ينتظر معجزة أمام يونايتد.. وتوتنهام يخشى مفاجآت جليمت    الأهلي بطلًا لدوري المحترفين الإلكتروني (eSPL)    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    "النقل" تمهل ملاك القوارب المهملة شهرًا لمراجعتها    إطلاق أول دليل سعودي ل"الذكاء الاصطناعي" لذوي الإعاقة    11 فيلمًا وثائقيًا تثري برنامج "أيام البحر الأحمر"    إبداعات السينما السعودية ترسو في المكسيك    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الصومالي "رحمة ورملا" إلى الرياض    انخفاض معدل المواليد في اليابان    الرئيس السوري في فرنسا.. بحث إعادة الإعمار وآفاق التعاون الاقتصادي    أميركا ضحية حروبها التجارية    استخدام الأطفال المصاعد بمفردهم.. خطر    ألم الفقد    بين السلاح والضمير السعودي    وأخرى توثّق تاريخ الطب الشعبي في القصيم    مذكرة تفاهم لتفعيل قطاع التأمين الثقافي    "التراث" تشارك في "أسبوع الحرف بلندن 2025"    الرُّؤى والمتشهُّون    ليس حُلْمَاً.. بل واقعٌ يتحقَّق    لاعبو الأهلي: لم نتأثر بأفراح آسيا    الرياض تتنفس صحة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    الأميرة دعاء نموذج لتفعيل اليوم العالمي للأسرة    الجوازات تسخّر إمكاناتها لضيوف الرحمن في بنغلاديش    همسة إلى لجنة الاستقطاب    الخط السعودي في مدرجات الذهب.. حين يتجلّى الحرف هويةً ويهتف دعمًا    أحمد الديين الشيوعي الأخير    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    ريمونتادا مذهلة    القبض على يمني بالعاصمة المقدسة لارتكابه عمليات نصب واحتيال    حصيلة قتلى غزة في ارتفاع وسط أولوية الاحتلال للرهائن    تصعيد عسكري خطير بين الهند وباكستان بعد ضربات جوية متبادلة    نائب أمير الرياض يطلع على بصمة تفاؤل    الشيخ بندر المطيري يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    أمير منطقة تبوك يدشن مرحلة التشغيل الفعلي لمشروع النقل العام بالحافلات    جراحة معقدة في "مستشفيات المانع" بالخبر تنقذ يد طفل من عجز دائم    "زين السعودية" تحقق نمو في صافي أرباحها بنسبة 39.5% للربع الأول من العام 2025م    مؤتمر للأبحاث الصيدلانية والابتكار    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    "صحي مكة" يقيم معرضاً توعويًا لخدمة الحجاج والمعتمرين    هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعب الحرية
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 2011

طوال الثلاثة والعشرين عاماً من حكم بن علي كنت شديد الحرص على أن أبتعد قدر المستطاع عن كل ما يمثل نظامه وعن مؤسساته الثقافية وعن ملتقياته ومهرجاناته التي تكاثرت في عهده كنبات الفطر. لم أكتب في مجلاته الأدبية الرسمية التي كانت تخصص افتتاحيات بعض أعدادها للإشادة ب «فلسفة» بن علي. ولم أنخرط أبداً في اتحاد الكتاب التونسيين متخلياً بذلك عن عدد من الامتيازات ومعرضاً نفسي للتهميش لأن هذا الاتحاد كان مثل أغلب اتحادات الكتاب في العالم العربي مؤسسة موالية تماماً للنظام. أما الندوات الأدبية التي دعيت للمشاركة فيها من قبل وزارة الثقافة فهي تعد على رؤوس الأصابع. ومعظمها يندرج في معرض الكتاب ويتمحور حول الرواية العربية.
كان النظام السابق يتحدث كثيراً عن «أهمية الثقافة» تماماً مثلما كان يتحدث عن «أهمية الديموقراطية». وقد خصص «يوماً وطنياً للثقافة» ففي كل عام يستقبل الرئيس شخصياً في قصره بقرطاج عدداً مرتفعاً من الروائيين وكتاب القصة والشعراء والرسامين والمفكرين والمسرحيين والمطربين والموسيقيين... يقدم لبعضهم جوائز مالية ويمنح البعض الآخر أوسمة من كل الأصناف. كان الجميع يدرك بالطبع الغاية الحقيقية من «عرس الثقافة» هذا كما كانت تصفه وسائل الإعلام الرسمية. كنا على يقين تام من أن النظام يحتقر الثقافة والمثقفين مثل أغلب الأنظمة العربية وأن الهدف من هذه «التشجيعات التي يستفيد منها كل من هب ودب من أهل الثقافة هو استدراج المثقفين إلى فخاخه وكسب رضاهم بل وتدجينهم وفي الوقت نفسه تهميش المثقفين المستقلين الشرفاء. الكثير من المثقفين التونسيين وبعضهم محترم وذو قيمة أدبية أو فنية عالية فازوا بهذه الجوائز والأوسمة. وأنا لا ألومهم هنا أو أنتقدهم بل ويمكنني القول إنني أتفهم مواقف بعضهم فقد كانت ظروفهم المادية صعبة أو كانوا يخشون أن يكونوا في صدام مع نظام من الأفضل تجنبه لأنه فظ بل ومتوحش أحياناً في التعامل مع المثقفين وكل من له علاقة بالفكر عموماً. وبالطبع لم أسع أبداً إلى الحصول من النظام على جائزة أو وسام. ومن حسن حظي أن وزارة الثقافة التي تختار كل عام قائمة المثقفين «الكبار» الذين يستحقون هذه الجوائز والأوسمة تعتبرني على ما يبدو كاتباً غير جدير بأن أنال هذا الشرف العظيم الذي لا يتمثل في الحقيقة في الجائزة والوسام على أهميتهما بقدر ما يتمثل في اللقاء بالرئيس في قصره ومصافحته.
روايتي الأخيرة «نساء البساتين» التي صدرت عن دار «الآداب» قبل أشهر قليلة تعتبر إدانة واضحة لهذا النظام الذي «يتوسل الفرض والقسر بدلاً من احترام إرادة الأفراد والجماعات واختياراتهم» ول «سلوك الشرطة الفظ» كما يقول الناقد والروائي محمد برادة في مقال له عن الرواية نشر في جريدة «الحياة» تحت عنوان «عالم الحبيب السالمي... سجن».
وفي جريدة «الاتحاد الاشتراكي» المغربية تحت عنوان أكثر إيحاء «عندما يغدو المجتمع سجناً كبيراً». أما الروائي السوري خليل صويلح فيقول عن «نساء البساتين» في مقال نشر في جريدة «الأخبار» اللبنانية بعنوان «الحبيب السالمي... ابتسم أنت في تونس» إنه «لا يمكننا قراءة الرواية بمعزل عما يحصل في تونس اليوم فها هنا تفكيك لآلية السلطة التي أرخت بظلالها السوداء على البشر وكبلت أحلامهم بحضورها البوليسي الثقيل».
وعلى رغم ذلك لا أدعي أنني كنت «ضحية» لهذا النظام ولا أشتكي من أنني «عانيت من الإهمال والتعتيم» كما يفعل الكثيرون منذ اندلاع الثورة. لقد اخترت أن أكون مستقلاً وأن أرفض الانخراط في كل المؤسسات الثقافية طوال العهد البائد. لذا من الطبيعي جداً أن يسعى هذا النظام إلى تهميشي. الآن وأنا أتابع بإعجاب ما يحدث في تونس أشعر أن ما يكتبه المثقف وما يبديه من مواقف يكاد لا يساوي شيئاً أمام عظمة هذا الشعب الرائع الذي أذهل العالم بجرأته وتعلقه بالحرية والديموقراطية. لا أدري ما إذا كان الكتاب والشعراء التونسيون الذين ظلوا مثلي مستقلين ولم ينخرطوا في جوقة المدح لنظام بن علي يساورهم نفس هذا الإحساس. كل ما أدريه الآن هو أن لا شيء ولا أحد باستطاعته أن يضاهي روعة الشعب إذا أراد يوماً الحرية.
* روائي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.