وكيل سافيتش يرد على تقارير رحيله عن الهلال    رئيس إنتر ميلان يكشف حقيقة رحيل أوسيليو لنادي الهلال    جمعية لياقة الرياضية بالشمالية تُطلق برنامجاً تدريبياً رياضياً في أكتوبر    روسيا تحاول التشويش على أقمارنا الاصطناعية "أسبوعيا"    القهوة.. رمز عالمي للتواصل ومورد اقتصادي يفوق 100 مليار دولار سنويًا    أمين الطائف يدشن مبادرة "تحسين وتطوير مداخل المويه"    شراكة استراتيجية بين "إكرام الجود" والهيئة الملكية لدعم مستهدفات رؤية 2030 في خدمة ضيوف الرحمن    الرياض الدولي للكتاب 2025 يشرع أبوابه لعشاق الثقافة في حرم جامعة الأميرة نورة    أكثر من 23 ألف منشط دعوي ينفذه فرع "الشؤون الإسلامية" بالمدينة خلال الربع الأول من 1447ه    97 ألف زائر يتعرفون على تقنيات طباعة المصحف في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة    قنديل في مهب العاصفة    المقاومة الزائفة    وكالة شؤون الأفواج الأمنية تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    انطلاق بطولة آسيا للياقة البدنية الوظيفية 2025    ترامب يحذر من تسريح موظفين وإلغاء مشاريع    مطار ميونيخ يوقف الرحلات الجوية    ارتفاع أسعار الذهب    وزارة الداخلية تنفذ مسارات لتنمية رأس المال البشري وبناء القدرات الأمنية لقطاعاتها    الأخضر السعودي في مجموعة قوية بكأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    هيئة المساحة الجيولوجية: رصد زلزال بقوة 5.1 درجات في وسط إيران    "الهجن السعودية" تتصدر قوائم كأس الاتحاد السعودي ب 4 كؤوس و45 شوطاً    ديشان يدعم قاعدة (البطاقة الخضراء) ويدعو لاستغلالها بشكل إيجابي    الهويدي: "الشريك الأدبي" أدخل الأدب في حياتنا وكسر احتكار الثقافة    في اليوم الأول ل"كتاب الرياض".. مهرجان ثقافي حي للمعرفة    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    ترامب: أميركا تخوض «نزاعاً مسلحاً» مع كارتلات المخدرات    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    الشيخ والغوغاء 2/2    قراءة في مجد الطبيعة وصغارة الإنسان    ضبط مواطن في جازان لتهريبه ونقله مواد مخدرة وإيواء مخالفين    مواقف المملكة العربية السعودية «الأفعال تصنع الفرق قبل الأقوال»    تركيب لوحات شارع الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في العاصمة الرياض    التعليم معركة الوعي وبناء المستقبل    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    "التخصصي" في المدينة ينجح في إجراء زراعة رائدة للخلايا الجذعية    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    شذرات.. لعيون الوطن في يوم عرسه    تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.. اقتحام الأقصى وتصاعد حصيلة الشهداء في غزة    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    اغتيال مرشح برلماني يهز طرطوس.. أردوغان يحذر من المساس بسلامة الأراضي السورية    «التأمينات» اكتمال صرف معاشات أكتوبر للمتقاعدين    تابع سير العمل ب«الجزائية».. الصمعاني: الالتزام بمعايير جودة الأحكام يرسخ العدالة    حققت مع 387 موظفاً في 8 وزارات.. «نزاهة» توقف 134 متهماً بقضايا فساد    ائتلاف القلوب    شذرات لعيون الوطن في يوم عرسه    الصورة الذهنية الوطنية    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    توقعات بتجاوز الذهب حاجز 4 آلاف دولار    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية    بطل من وطن الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب»: التاريخ وأقنعته الساخرة
نشر في الحياة يوم 16 - 07 - 2017

أحياناً، تبدو حوادث التاريخ كأنها لا تحفل بسوى السخرية المريرة القاسية، التي تجعل شخوص الحوادث التاريخية الكبرى يشبهون مهرّجي الكرنفالات، لكنهم يؤدّون استعراضاتهم بكل جدية، بل يرتدون أثواباً لم يختاروها لكنها تنسجم مع أجواء الكرنفال التاريخي ودلالته.
وأخيراً، أعطى التاريخ المعاصر نموذجاً عن سخريته المريرة، في مشهد امتدّ بين لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في قمة العشرين في مدينة هامبورغ الألمانيّة من جهة، وبيان ابن ترامب عن لقائه محامية روسية بحثت معه معلومات روسيّة محرجة عن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون بهدف مساندة الحملة الانتخابيّة الرئاسيّة لوالده إبّان سعيه للوصول إلى البيت الأبيض. في المقلب الأول، برز مشهد النفي المشترك لتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسيّة الأميركية الأخيرة، لكن الأمر سار إلى مشهديّة نقيضة مع اعتراف ترامب الابن بأن روسيا تدخّلت فعليّاً في الانتخابات الرئاسيّة، أو أنها سعت إلى ذلك. وتفيض تلك الصور المتناقضة بالمرارة مع تذكّر أنّ المقلب الأول تضمّن أيضاً إعلاناً مشتركاً من الرئيسين ترامب وبوتين عزمهما إنشاء «وحدة منيعة لأمن الإنترنت... تكفل عدم التدخل في الانتخابات... ومكافحة الإرهاب على الإنترنت أيضاً»، وفق كلمات ترامب بالذات!
كيف تبدو تلك الكلمات في ظل الزوبعة التي تجتاح واشنطن بعد اعتراف الابن بأنه بحث في تدخل دولة خارجية في شأن الانتخابات الرئاسيّة في بلاده؟
ابتسامة بين لحظتين مرّتين
بين بيان الرئيس ترامب الأب في هامبورغ وبيان ترامب الابن في واشنطن، برزت مبادرة ضخمة بصدد أمن الإنترنت أيضاً لا يمكن الامتناع عن الابتسام حاضراً عند تأملها، خصوصاً أنها جاءت قبل لحظة من تفجّر التناقض المرير بين البيانين المذكورين. يتعلّق الأمر بمبادرة «منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب». ولدى مطالعة أسماء المنتدى، نجد أنها تحديداً «فايسبوك» و «تويتر» و «يوتيوب» و «مايكروسوفت»، ما يبرز غلبة مواقع ال «سوشال ميديا» على ذلك المنتدى. ويبرز في إعلانها أنها عاقدة العزم على التعاون تقنيّاً لمكافحة الإرهاب، مع تركيز خاص على «المحتوى الإرهابي»!
والأرجح أنّ كثيراً من النوايا الحسنة توافرت لتجمع شركات عملاقة في المعلوماتية والاتصالات المتطوّر في ذلك المنتدى الذي تظلّله السياسة ومعطياتها بكثافة عبر توجّهه لمكافحة الإرهاب الذي ما زال يستعصي على تحالفات دوليّة كبرى في السياسة والعسكر والثقافة والاقتصاد والاجتماع وغيرها. وطريّ في الذهن أنّ عدداً كبيراً من الهجمات الإرهابيّة وجد طريقه ليحصد الأجساد والأرواح، ثم تبيّن أن منفّذيها لم يكونوا غرباء عن مؤسّسات الاستخبارات التي ترفع منذ سنوات أولويّة محاربة الإرهاب، وتعمل بدأب لتنفيذ ذلك. ولم تكن المعلومات ولا المعرفة التقنية هي التي تنقص «وكالة الأمن القومي» الأميركيّة عندما وجّه شابان شيشانيّان ضربة «ماراثون بوسطن»، مستخدمين طنجرة ضغط للطهو، لعلها كانت «المفاجأة» الوحيدة للوكالة!
وفي معظم الهجمات التي شنّت في أوروبا والولايات المتحدة، لم تكن المعرفة التقنية بالإرهابيّين غائبة، بل كانت متوافرة تماماً في معظم الأحيان. عند استرجاع تلك الهجمات، نجد أن منفّذيها كانوا غالباً معروفين لدى المؤسّسات الأمنيّة والاستخباراتيّة الغربيّة المنكبّة على مكافحة الإرهاب، ومع ذلك فشلت في توقّع الهجمات وإجهاضها. ما الذي كان مفيداً في توافر المعرفة تقنياً سواء كمجرمين من أصحاب السوابق، أو كإرهابيّين محتملين، أو راغبين في الالتحاق بالأمكنة التي يعرف عمن يقصدها تأثّره بأفكار الإرهاب، كمعسكرات «داعش» و «النصرة» في سورية؟
هل تعرف ذلك الوجه؟ كيف يكون إرهابيّاً؟
استطراداً، يصعب تجاوز الضحك عند تذكّر أن «فايسبوك» لديها تقنية متطوّرة تماماً في التعرّف على الوجوه في أوضاع مختلفة، بل حتى لو غيّرت في مظهرها. وتسمّى تلك التقنية «التعرّف العميق على الوجه» («ديب فايس ريكوغنيشن» Deep Face Recognition)، بل ينكب كبار المختصين في «فايسبوك» على تطويرها. بماذا تفيد تلك التقنية التي تستطيع فضح الأفراد، عبر ملاحقة حتى صورهم أثناء عبورهم الطريق أو مرورهم أمام ملهى أو مقصف، كما تنتهك خصوصيتهم بأن تُعرّف عنهم على مواقع ال «سوشال ميديا» من دون استئذان؟ لم يؤثر عن الفرنسي- المغربي صلاح عبد السلام الذي شارك وخطط لضربة باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، أنّه اهتم بإخفاء معالم وجهه لا في الصور القليلة التي تركها على صفحاته في ال «سوشال ميديا» ولا في كاميرات المراقبة المتصلة بالإنترنت سواء في فرنسا أو بلجيكا التي قصدها بعد تنفيذ تلك المقتلات الدموية! ماذا كانت لتجدي تقنية «التعرّف العميق على الوجه» في من تملك الأجهزة الأمنية صوراً له في ملفاتها، باعتباره شخصاً من أصحاب الجرائم، بل إنّ سوابقه تتعلّق بالبارات والمقاصف الليليّة؟
وفي البيان الذي أعلن ولادة «منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب»، أبدت الشركات الأربعة العملاقة المؤسّسة للمنتدى عزمها على تبادل المعرفة والتقنيات المتصلة بمكافحة المحتوى الإرهابي، مع تشديدها على أهمية «تعلّم الآلات» في التعرّف على «المحتوى الإرهابي». مرّة اخرى، لنترك أسئلة ساخرة من نوع مدى استعداد الشركات لتبادل فعلي لبراءات الاختراع عن التقنيات التي تملكها في حقل «تعلّم الآلات» الشائك، وهو أمر لا توجد سوابق كافية تدفع للاعتقاد بأنه سيحدث فعليّاً. هل تتنازل «فايسبوك» مثلاً عما طوّرته في تقنية «التعرّف العميق...»، لمصلحة شركات منافسِة، مع ملاحظة أنها تنفق ملايين الدولارات على تلك التقنية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.