كثّف مبعوثون غربيون في الأيام الأخيرة زياراتهم الى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل للبحث عن مخرج لأزمة المفاوضات المستعصية، فيما بدا انه محاولة لملء الفراغ الذي خلّفه غياب المبعوثين الأميركيين. ووصل أول من أمس الى رام الله كل من وزير الخارجية النرويجي يوناس غاهر شتور، ووزير الدفاع الكندي بيتر ماكاي. وكان الوزير النرويجي زار رام الله قبل 3 أيام وعاد إليها ثانية الأربعاء كما زار رام الله مطلع هذا الأسبوع كل من كاثرين آشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، والمبعوث الياباني لعملية السلام. وسيصل مطلع الأسبوع المقبل الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف. وذكر مسؤولون فلسطينيون إن زيارات المسؤولين والمبعوثين الغربيين تتسم ب «الاستطلاعية». وقال مسؤول رفيع ل «الحياة»، إن «العالم يخشى من اندلاع موجة عنف جديدة، ويبحث عن فرصة لاستئناف المفاوضات». لكنه أضاف أن «فشل الإدارة الأميركية في إعادة إطلاق المفاوضات يثير قلقاً دولياً واسعاً في شأن مستقبل المنطقة». غير أنه استبعد أن تنجح أطراف أخرى غير واشنطن في تحريك ما أخفقت الإدارة الأميركية في تحريكه. وقال: «إذا كان البيت الأبيض فشل في إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان على رغم كل ما بذله من جهود، وما قدمه لها من إغراءات، فما بالك في غيرها». وكان المبعوث الأميركي لعملية السلام جورج ميتشل زار رام الله وتل أبيب حوالى عشرين مرة في العامين الأخيرين، لكنه لم ينجح في إعادة إطلاق المفاوضات بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة الاستيطان. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، إن «إسرائيل أفشلت كل محاولات ميتشل لإعادة إطلاق المفاوضات». وأضاف أن «ميتشل اقترح مفاوضات مباشرة، ثم مفاوضات تقريبية، وأخيراً مفاوضات موازية، لكن كل هذه الاقتراحات لم تنجح بسبب عدم وجود نية لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوصل الى اتفاق». ولفت الى أن «نتانياهو اختار الاستيطان على السلام، وكل يوم نسمع عن مخطط لبناء استيطاني جديد في مختلف المستوطنات، فهل من يفعل هذا يريد فعلاً أن ينسحب من الأرض الفلسطينية؟». وكانت الزيارة الأخيرة لميتشل جرت قبيل منتصف الشهر الماضي. ووجهت الخارجية الأميركية مطلع هذا الأسبوع دعوة لرئيسي الوفدين المفاوضين الفلسطيني صائب عريقات والإسرائيلي اسحق مولخو للقدوم الى واشنطن لإجراء ما سمته «مزيداً من المشاورات». وقال عريقات قبيل مغادرته إنه لن يلتقي المفاوض الإسرائيلي، وإن لقاءاته ستقتصر على المسؤولين الأميركيين. واستبعد عبد ربه حدوث أي اختراق في هذه الجولة من المشاورات. وقال مسؤولون فلسطينيون إن الرئيس محمود عباس أبلغ الوفود الديبلوماسية الزائرة أنه لن يعود الى المفاوضات مع إسرائيل ما لم توقف الاستيطان. وأوضح عباس انه ماض في هذه المرحلة في خطته بالتوجه الى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان ومطالبة إسرائيل بوقفه. وأشار الى نيته التوجه الى المنظمة الدولية في وقت لاحق لمطالبتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967. وكان وزير الخارجية رياض المالكي أكد في لقاء مع الصحافيين في مكتبه إن السلطة الفلسطينية ستتوجه الى مجلس مجلس الأمن لمطالبته بالاعتراف بدولة فلسطين. وأضاف انه في حال عدم موافقة المجلس على مشروع القرار جراء الاستخدام الأميركي المتوقع لحق النقض، فإنها ستلجأ الى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال إن وزارة الخارجية تقوم بحملة لدى مختلف دول العالم لإقناعها بالاعتراف بدولة فلسطين ولرفع مستوى التمثيل الديبلوماسي الفلسطيني لديها قبل التوجه الى مجلس الأمن والجمعية العامة. ولفت الى أن أصوات هذه الدول مهمة جداً لترجيح كفة القرار في الجمعية العامة. وكانت النروج لمحت باعترافها بدولة فلسطينية مستقلة مع نهاية 2011، لتنضم الى العديد من الدول الأخرى، خصوصاً في أميركا اللاتينية، التي اعترفت بهذه الدولة. وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية النروجي يوناس غار شتور اثر لقائه الأربعاء رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض. وصرح شتور بأنه «إذا لم يسجل تقدم على الصعيد السياسي بحلول آب (أغسطس) أو أيلول (سبتمبر)، اعتقد أن المناخ العام سيتغير». وأضاف أن النروج «ستكون إحدى أولى الدول (في أوروبا) التي ستعترف بدولة فلسطينية حين يكون هناك عمل دولي» في هذا الاتجاه، علماً بأن المالكي أعلن الأحد أن الاتحاد الأوروبي سيعترف بالدولة الفلسطينية في مطلع أيلول المقبل. من جهة ثانية، أعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أنها تنظر بارتياح وترحيب حار لإصدار القناصل الأوروبيين توصية تدعو دولهم الى الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية والتعامل معها على هذا الأساس والاحتجاج الميداني على أعمال الاستيطان والهدم الجارية فيها. وطالبت المنظمة في بيان لها المجتمع الدولي، وفي مقدمه الدول الأوروبية، باتخاذ عقوبات ملموسة تجاه دولة الاحتلال «كإسهام مباشر منها في لجم العدوانية الإسرائيلية المتواصلة وتأمين مناخ ملائم للدفع باتجاه فرض تسوية على إسرائيل على أساس قرارات الشرعية الدولية». وأضافت المنظمة في بيانها: «لقد ثبت بالملموس استحالة ركون المجتمع الدولي إلى نيات الحكومة الإسرائيلية الراهنة، والتي تمثل خطراً حقيقياً على الأمن والسلام الدوليين»، وأنها «تتطلع إلى المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات جذرية تطيح بالسلوك الاحتلالي وتعيد الثقة بالمؤسسات الدولية وقراراتها».