تمضي الأعوام ويتبدل الأشخاص والإدارات ويعتزل اللاعبون وتتوالى الأجيال إثر الأجيال ويبقى فكر المؤامرة متوارثاً يضرب أطنابه في العقول وتنطقه الألسن ويغذى به الشارع الرياضي قديماً بقلب الحقائق والآن بالكذب والتزوير الصريح ... تستدعى المؤامرة عند كل موقف ويربط بما قبله من مواقف ليثبت أن ما يحدث ليس جديداً بل هو سلسلة مترابطة من الاستقصاد والاستهداف على مر الأزمان والمستفيد واحد هو الهلال. هذا الفكر المؤامراتي هو من أسس الكراهية والتعصب وأسهم في احتقان المدرجات وتعبئة الجماهير على المسؤولين الذين تشبعوا بتلك الأفكار حد الاعتقاد واليقين فصار كل قرار غايته تعطيل فريقهم وتسهيل مهمة منافسهم، وعادت الأسطوانة السخيفة التي كانوا يرددونها (أعطوا الهلال كأس المركز الأول قبل بدء أي بطولة ودعوا للبقية التنافس على الثاني) وهي مقولة أثبت التاريخ أنها محض افتراء لأن الاتحاد والشباب نافسا الهلال وحققا أمامه الكثير من البطولات وكون الثلاثة معاً مثلث برمودا السعودي الخطير الذي وأد أحلام البقية في التواجد على صفحات التاريخ. الفشل في مجاراة الهلال الثابت الوحيد في ساحة المنافسة أوجد جيلاً حاقداً يتمنى زوال نعمته وديدنه التشكيك في أي منجز له وتصيد أخطاء لاعبيه وتضخيمها والتربص بمسؤوليه قولاً أو فعلاً. وخذ من الكذب وفبركة الأحاديث الكثير الذي لا يسعك حين تسمعه إلا أن تردد «مجانين الله يشفيهم». هذا الانشغال الذهني والنفسي أثر سلباً بشكل كبير عليهم فلم يعد فريقهم ذا أهمية سواء فاز أو خسر أو حتى صارع على الهبوط لأن المهم هو ألا يفوز الهلال وأن يخسر لاعبيه في المباريات المهمة وما التصفيق لحصول رادوي في الموسم السابق على كرت يمنعه من المشاركة في نهائي الملك إلا دليل على أن الأمور خرجت من نطاق السيطرة وباتت مفضوحة. وما يحدث الآن من اتهام لاعبي الهلال بثبوت تعاطي أحدهما المنشطات وتواطئ لجنة المنشطات في إخفاء ذلك وعدم إيقافهما أسوة بحسام غالي ونشر ذلك الغسيل المهترئ على حبال خارجية ألا دليل آخر أن الأمر برمته بات في حاجة للبتر بعد أن استعصى العلاج. لن نقول ما ذنب الهلال أنه كان دائماً مالئ الدنيا وشاغل الناس بانجازاته لأن المجد عادة يكون بلا قيمة إن لم يوجد من يحسدك عليه والهلاليون الآن بالذات يطلبون من المسؤولين أن يكون بيت المتنبي: أزل حسد الحساد عني بكبتهم... فأنت الذي صيرتهم لي حسداً، واقعاً ملموساً. لأن الصمت عن كثير من القضايا هو ما عزز الفكرة ووثق الاعتقاد بدلال الهلال فيما الواقع خلاف ذلك ولعل في تصريح سمو الأمير نواف بن فيصل بالتحقيق الجدي في آخر القضايا «المنشطات» ما يردع المرجفين ويلجمهم عن إطلاق التهم جزافاً لأن من لا يردعه ضمير يجب تأخذ السلطة على يده. [email protected]