وصفت بعض القوى المشاركة في الحكومة العراقية الجديدة التي يترأسها نوري المالكي، بأنها ب «تشكيلة ترضيات سياسية»، معتبرة أنها جاملت الكتل ومنحتها ما يرضيها من الحقائب الوزارية أو المناصب السيادية التي تتناسب وحجمها، لكنها نقلت الصراع على المناصب إلى الأحزاب التي تشكل تلك الكتل، ما يهدد بتفتتها. واعتبرت الناطقة باسم «القائمة العراقية» النائب ميسون الدملوجي أن هذه الحكومة «لا تنطبق عليها ضوابط ومواصفات حكومة الشراكة الوطنية، إذ أنها جاملت وأرضت الكتل المشاركة في العمل السياسي، وتناست متطلبات المرحلة وحاجاتها من الكفاءات التي يحتاج إلى خبراتها العراق لتمضي عجلة التطوير والإعمار بانسيابية». وأكدت الدملوجي ل «الحياة» أنه «كان حرياً برئيس الوزراء مراعاة حجم الأحزاب والتيارات المنضوية داخل كل كتلة سياسية لمنحها استحقاقها من المناصب والحقائب الوزارية»، لكنها استدركت أن «المالكي غير ملزم بالطبع بأرضاء الاحزاب أو التيارات المنضوية في الكتل والقوائم الانتخابية، فالعرف السياسي والقانوني يلزمه بالتعامل مع الكتلة ككل وبما يتناسب وثقلها الانتخابي والشعبي». وأوضحت أنه «على رغم المناصب التي مُنحت للقائمة العراقية، فإنني أشعر بأن قائمتنا لم تحصل على ما يناسبها أو يوازي حجمها وثقلها السياسي». ونفت انشقاق بعض أعضاء «العراقية»، مؤكدة أنه «لا صحة لما يروج له البعض، فالقائمة متماسكة أكثر من ذي قبل، وما حصل من تضارب في التصريحات أمر طبيعي، فالجميع يسعى إلى الحصول على مكسب سياسي». وأكد القيادي في «كتلة الأحرار» التابعة ل «التيار الصدري» النائب جواد الحسناوي أن «رئيس الوزراء كان همه الأكبر إرضاء الكتل السياسية وتحقيق العدالة في توزيع المناصب السيادية والوزارية عليها، لا سيما بعد استثناء الرئاسات الأربع (الجمهورية والحكومة والبرلمان والمجلس الاستراتيجي) من النقاط، بمعنى أن المناصب الرئاسية لم تؤثر على المعادلة الحسابية لنقاط كل كتلة، ومن هنا بدأ الصراع في ما بينها للاستحواذ على أكبر عدد من الحقائب». وقال ل «الحياة» إن «العملية سارت باتجاه الترضية السياسية لا الشراكة الوطنية. وهذا الأمر حتماً سيثقل كاهل الدولة وموازنتها». وأضاف أن «زيادة عدد الحقائب بهدف ترضية الكتل يؤثر سلباً على وضع الحكومة في شكل عام ويفتح باب المطالبات الشخصية على مصراعيه أمام رئيس الوزراء المكلف». وفي ما يخص خلاف تياره مع المالكي في شأن منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الذي منح لوزير النفط السابق حسين الشهرستاني بعدما كان مقرراً لهم، قال الحسناوي: «لا يوجد خلاف مع المالكي. كان لدينا بعض الملاحظات وقدمناها إلى رئيس الوزراء، وأعتقد أنه سيأخذ ببعضها، كونها تصب في مصلحة البلاد أولاً وأخيراً». واعتبر النائب الكردي محمود عثمان أن «تشكيل حكومة ترضية سياسية كان نتيجة طبيعية، على اعتبار أن جميع قادة الكتل يضغطون باتجاه تسيير الأمور في ما يصب لمصلحتها». وقال ل «الحياة»: «في وضع العراق، يعد كل ما يحصل أمراً طبيعياً واعتدنا عليه بسبب جهل الشركاء السياسيين كافة بماهية التجربة الديموقراطية». في المقابل، أكد مصدر في «ائتلاف دولة القانون» رفض كشف اسمه أن «المالكي حرص على جذب الجميع إلى تشكيلته الوزارية لتفادي المشاكل في المستقبل». وأوضح ل «الحياة» أن «الكل يعلم أن المغرضين أو الرافضين للتجربة الديموقراطية في البلاد يحشدون الجهود لضرب العملية السياسية بشتى الطرق. وبهدف قطع الطريق عليهم، لجأ المالكي إلى تحقيق تسوية مرضية للكتل كافة، وهذا يعد انجازاً يسجل له». غير أنه شدد على أن «التشكيلة الحكومية لم تغبن حق أي الأحزاب والتيارات والأقليات، كونها اعتمدت الاستحقاق الانتخابي وعدد النقاط التي حصل عليها هذا الحزب أو ذلك التيار، ووزعت الحقائب وفقاً لذلك». وأضاف أن «غالبية الاحزاب والتيارات كانت منضوية تحت ألوية القوائم الكبيرة التي حصلت على استحقاقها الحكومي بحسب مجموع نقاطها وترتيبها الانتخابي، وبذلك يكون المالكي أخلى نفسه وحكومته من أية مسؤولية، والصراع بين الأحزاب والتيارات داخل الكتل شأن خاص بها، ولا علاقة للمالكي به».