«لا نريد مدينة بأبراج شاهقة وكبارٍ وأنفاق ضخمة. نريدها فقط بلا حفر وشوارع متهالكة»، يمكن اعتبار هذا حلم الجداويين الأكبر والعصي في الوقت نفسه على التحقق، حتى إن السكان من يأسهم لم يعودوا يذكرون هذا الأمر، أو يضمنونه مطالباتهم للمسؤولين. واعتبر عدد من سكان مدينة جدة الذين تحدثوا إلى «الحياة» تهالك شوارع المدينة وما تعاني منها من حفريات وتصدعات أبرز المشكلات التي يرجون أن يهتم الأمين الجديد لأمانة المحافظة بحلها، آملين أن يلتفت الأخير إلى حل هذه المعضلة الأزلية بأكبر قدر من الجدية، مع البعد عن الحلول الوقتية وأساليب الترقيع المتبعة عادة من قبل الأمانة. وطالب جداويون الأمين الجديد الدكتور هاني أبو راس بالبدء فوراً في وضع حلول جذرية لمشكلات طرق المدينة التي باتت تلازم السكان طويلاً لدرجة أنهم يئسوا من حلها إلى الأبد، ولم يعودوا يذكرونها في مطالباتهم وشكاواهم، إلا أن قدوم الأمين الشاب أيقظ فيهم الأمل مجدداً بإزالة هذه الوصمة عن مدينتهم. وقال المواطن ماجد الغامدي وهو من سكان حي الوزيرية ل «الحياة»: «على رغم أن الحديث عن تهالك شوارع جدة وما تسببه من أذى لسكانها بات مثل الأسطوانة التي مل السكان من تكرارها، إلا أننا عموماً استبشرنا بالأمين الشاب خيراً أن يبدي اهتماماً أكبر بها». ويضيف: «باتت حفريات جدة وتكسر شوارعها وصمة عار تلحق بالمدينة كلما زارها زائر من منطقة سعودية أخرى، أما نحن الجداويين فأتعبنا ما تعانيه سياراتنا عند السير في الشوارع المكسرة التي لم يعد يجدي معها الترقيع، وكل ما نستطيع فعله بعد أن يئسنا من حل قريب، هو تكبد الخسائر المادية في الصيانة الدورية للسيارات والصبر على هذه الحال السيئة». ويتفق مع الغامدي الشاب علي صالح قائلاً: «إن سكان جدة فعلاً ملوا الحديث عن حفر الشوارع وتكسرها وقرروا تجاهلها وعدم تداولها بينهم»، مضيفاً «ربما العادة وتقادم الوقت على هذه المشكلة كان لهما دور في هذا التجاهل، علاوة على اليأس الذي أصاب السكان من وعود المسؤولين المتعاقبين بحل هذه المشكلة». ويستغرب صالح من عدم قدرة الإدارات المتعاقبة في بلديات المدينة وأمانتها على حل مشكلة الحفر في المدينة، بل وأحياناً زيادتها سوءاً باستخدام أساليب وحلول ضارة، مؤكداً في الوقت ذاته أن «أمله في الإدارة الجديدة ضعيف إلا أنه موجود، ونتمنى أن لا يكون وهماً». مروان حامد أحد سكان شمال المدينة يعتقد أن هناك خللاً في أولويات الجهات المختصة في مدينة جدة، خصوصاً الأمانة والبلديات التابعة لها، ويشرح هذا الاعتقاد بالقول: «إذا نظرنا إلى الأحلام التي يمنون الناس بها ويركزون عليها نجد تناقضاً غريباً إذ كيف يمكن أن تصل مدينة إلى التطور الذي يروج له، في حين سكان هذه المدينة يسيرون بسيارتهم في حفريات وكسور وشوارع متهالكة بالية قذرة؟». ويشدد حامد على أن هذا التناقض يجب أن يجد طريقه للحل في ذهنية المسؤولين إذا كانوا صادقين في رغبتهم النهوض بالمدينة إلى الأمام في كل المجالات، مضيفاً «لا يمكن أن يبدأ التطور من الكباري والأبراج التي تعانق السحاب، والمشاريع الحالمة، ولكنه يجب أن يبدأ من الأساس، من الأرض التي يسير عليها الإنسان، فلا معنى لبرج ضخم يصله الناس فوق الحفريات والمجاري!». بدوره، أكد المهندس جمال برهان حاجة المدينة إلى مشروع هندسي متكامل يتضمن دراسات دقيقة وشاملة للتربة والمكونات الجيولوجية لأرضية المدينة، يتم بناء عليه اختيار الآليات المناسبة لرصف المدينة وسفلتة شوارعها بما يضمن استمرار ذلك لأطول فترة ممكنة من دون التأثر بالعوامل الخارجية. ولفت برهان إلى أن العوامل المؤثرة في شوارع مدينة جدة كثيرة، منها: الرطوبة العالية ونوعية التربة إضافة إلى منسوب المياه الجوفية المرتفع، وعدم وجود شبكات للصرف الصحي، مؤكداً أن المشكلة بحاجة إلى حلول جذرية متأنية، لا حلول موقتة تعتمد الترقيع والتصليح الآني.