المخبر الوطني بالقيروان.. ذاكرة المخطوط العربي    تراجع اسعار الذهب    شذرات.. لعيون الوطن في يوم عرسه    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    تسعى إلى إشراكهم في التنمية..«الموارد» : ترسيخ التحول الرقمي لخدمة كبار السن    «ريف» تعزز إنتاج السعودية من البن    الذكاء الاصطناعي بين الفرص والتحديات    صوت فلسطين    زلزال الفلبين: بحث يائس ومخاطر متصاعدة    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    اغتيال مرشح برلماني يهز طرطوس.. أردوغان يحذر من المساس بسلامة الأراضي السورية    قمة أوروبية لمواجهة تهديدات موسكو.. مفاوضات روسية – أمريكية مرتقبة    البنتاغون يواصل تقليص مهمته العسكرية بالعراق    الشباب يبدأ مشواره الخليجي بالتعادل مع النهضة    الهلال يطلب عدم استدعاء نونيز لقائمة منتخب أوروغواي    البرتغالي روي بيدرو مدير رياضياً للنادي الأهلي    كلوب يرفض العودة.. «سباليتي وكونسيساو» الأقرب لتدريب الاتحاد    في الجولة الثانية من «يوروبا ليغ».. روما وأستون وفيلا وبورتو لتعزيز الانطلاقة القوية    «التأمينات» اكتمال صرف معاشات أكتوبر للمتقاعدين    القبض على مقيمين لترويجهما 14 كجم «شبو»    تابع سير العمل ب«الجزائية».. الصمعاني: الالتزام بمعايير جودة الأحكام يرسخ العدالة    الصورة الذهنية الوطنية    «المرور»: استخدام «الفلشر» يحمي من المخاطر    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    معارض الكتب بين واقع القراءة والنشر    رحب باستضافة السعودية مؤتمر«موندياكولت».. بدر بن فرحان: شراكة المملكة و«اليونسكو» تسهم في التنمية الثقافية    عرض «فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال» في نوفمبر    كشف أسرار النقوش في صحراء النفود    ائتلاف القلوب    شذرات لعيون الوطن في يوم عرسه    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    اختتام برنامج إعداد مدربين في مكافحة «الاتجار بالأشخاص»    «عالمية الدمام».. وجهة سياحية وثقافية واعدة    «الشؤون الإسلامية» تنفذ 23 ألف نشاط دعوي بالمدينة    مؤتمر الاستثمار يدعو للعمل الخيري في القطاع الثقافي    برشلونة يفشل في كسر عقدة باريس سان جيرمان ويسقط بهدف قاتل في "أبطال أوروبا"    استئناف ممارسة رياضة الطيران الشراعي في السعودية    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    "جدة بيوتي ويك" يجمع رواد التجميل والابتكار في موسم جدة    صداقة وتنمية    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    1.1 مليون موظف جديد خلال عام    12.7 مليار ريال أسبوعيا قيمة الإنفاق الاستهلاكي في المملكة    القبض على 17 مخالفًا في جازان لتهريبهم 360 كجم "قات"    استعادة 15 مليون م2 أراض حكومية في ذهبان    السعودية تُكرَّم بجائزة أممية    اليونسكو تعلن استضافة السعودية لمؤتمر "موندياكولت" للسياسات الثقافية    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية    نزاهة تحقق مع 387 مشتبها به في قضايا فساد من 8 جهات حكومية    القيادة تهنئ رئيس الصين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ على أحد شوارع الرياض    فيصل بن نواف: القطاعات الأمنية تحظى بدعم واهتمام القيادة    بطل من وطن الأبطال    تقرير "911" على طاولة أمير الرياض    دراسة: قلة شرب الماء تزيد هرمون التوتر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصافحة» بين الرجل والمرأة
نشر في الحياة يوم 10 - 08 - 2010

أثارت أخيراً قضية امتناع ورفض موظفة سعودية كانت تعمل مترجمة في السفارة الاسترالية في مدينة الرياض عن مصافحة سفيرها في السعودية كيفن ماغيوما نجم عنها من تطورات لاحقة خلال الحفلة الرسمية التي أقيمت لتوديع المترجمة السابقة، الكثير من النقاش والجدل، سواء في الصحافة الاسترالية أو المحلية تجاه هذه القضية سيما أن محط الاستغراب في هذه الحادثة يكمن في كون الموظفة السعودية المذكورة في الخبر، مع الاحتفاظ بحقها وخيارها الشخصي في موقفها الرافض للمصافحة وذلك من منطلق شرعي، كانت تعمل في بيئة مختلطة تماماً تستوجب في لقاءاتها واجتماعاتها الرسمية على الأقل الاختلاط الجاد والتعامل اليومي بين الرجل والمرأة بما فيها استقبال الوفود أو الزائرين ونحو ذلك، والأمر ذاته قد ينطبق كذلك على بعض البيئات العملية في مجتمعنا التي قد تتسم بنوع من الاختلاط الجزئي الذي يستوجب بالضرورة أيضاً التعامل فيها بين الرجل والمرأة في حضور اللقاءات أو الاجتماعات، كما هو الواقع في المستشفيات أو بعض وسائل الإعلام، فمن الصعب جداً من وجهة نظري في مثل هذه الظروف العملية التي يغلب عليها التعامل المباشر بين الرجل والمرأة تجنب المصافحة بصورة نهائية، سواء من الرجل أو من المرأة، وأما ما يتعلق برد فعل السفير الاسترالي الذي استغرب ذلك الرفض والامتناع فهو أمر طبيعي، فالمصافحة بين الجنسين في المجتمعات الغربية والأميركية هي نوع من التعبير عن الاحترام والتقدير وحسن التعامل والتواصل الإنساني، بل إن لها بروتوكولات وآداباً معينة من حيث الطريقة أو الأسلوب، فعلى سبيل المثال تشير باميلا آيرنغ مديرة مدرسة واشنطن للبروتوكول، وإحدى أبرز الشخصيات الأميركية المتخصصة في تعليم كبار المسؤولين بروتوكولات التعامل مع الآخرين، إلى أن من يصافح ينبغي عليه أن يتحاشى أن تطول المصافحة، أو أن يمسك لفترة طويلة يد الغريب، رجلاً كان أو امرأة، لأن مسك يد امرأة غريبة يدل على سوء وقلة أدب، أما المجتمعات الإسلامية، خصوصاً المحافظة، فلا تنظر إلا بنوع من الريبة والشك تجاه المصافحة بين الرجل والمرأة حتى ولو كانت تلك المصافحة في إطار اللقاء الرسمي الجاد في العمل، وأؤكد مرة أخرى في اللقاء الرسمي الجاد في العمل ونحو ذلك باعتبار أن تلك المصافحة هي سبب لإثارة الشهوة، وأن مجرد ثانيتين من الزمن كفيلتان بوقوع أحدهما أو وقوعهما في شراك الفتنة، بل يتم من كثير من المفتين التهويل والاتهام بالوقوع في الإثم المبين لكل رجل صافح امرأة ولكل امرأة صافحت رجلاً، حتى أصبحت هذه القضية في منظور الكثير من الناس من الأحكام القطعية التي لا تقبل الاجتهاد أو المناقشة، ولا يجوز إلاّ التسليم بالحكم المتعارف عليه تجاهها وأن نجمد أمامها جمود الثلج، ومن المفارقة العجبية لدى بعض المفتين أن ينظروا إلى أن المصافحة العابرة التي قد تستوجبها الكثير من الاعتبارات هي سبب لإثارة الشهوة والفتنة ويتم المبالغة في تحريمها، وفي الوقت ذاته لا يرون مانعاً في بيع الرجل للملابس الداخلية النسائية عموماً واسترساله وخوضه في تفاصيل ذلك مع المرأة، ولا شك بأن بيع الرجل لتلك الملابس هو أكثر إثارة وفتنة من مجرد مصافحة عابرة!
لقد أدى مثل هذا الاعتقاد السائد والهوس والمبالغة في الموقف الشرعي من المصافحة إلى حرمان مواطن مغربي في الشهر الماضي من الحصول على الجنسية الفرنسية، على رغم أنه يقيم فيها منذ عام 1999ميلادية، إذ أعلن وزير الهجرة الفرنسي إريك بوسون، أنّ السلطات الفرنسية رفضت منحه الجنسية الفرنسية وذلك بسبب إصراره على رفض مصافحة الموظفة التي كانت تفحص ملف طلبه الحصول على جنسية، معتبراً أنّ هذا السلوك ينم عن أن طالب الجنسية يتبنى سلوكًا ينطوي على تفرقة واضحة إزاء المرأة، وهو سلوك لا يتماشى مع قيمة الجمهورية الفرنسية، ولو سأل واستفتى مثل ذلك المواطن المغربي بعض المفتين عن فعله لجودوا له صنيعه ولأيدوه عليه بغض النظر عما يترتب على ذلك من مآلات ومفاسد، بينما المصافحة بين الرجل والمرأة في حقيقتها هي مجرد مسألة فقهية كسائر المسائل الفقهية الخلافية التي تخضع للنظر والاجتهاد، إذ لم يرد في هذه المسألة نص صحيح صريح عن النبي «عليه الصلاة والسلام» يدل على منعها وتحريمها على الإطلاق، بل ولم ينص أحد من العلماء المتقدمين على إجماع الأمة على تحريمها، لذلك أشار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، الذي يضم نخبة من علماء دول العالم الإسلامي في دورته السابعة، إلى أن اللقاء والتعاون والتكامل بين الرجال والنساء أمر فطري، لا يمكن منعه واقعاً، ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلاق، وإنما أحاطه بضوابط من أهمها: منع الخلوة بمفهومها الصحيح وليس بمفهومها الخاطئ «وهي وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في موضع لا يمكن لأحد أن يراهما فيه»، وتوقي التَّماسّ «وهو التلاصق بالأبدان بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه» لتخرج بذلك المصافحة من الأمور المحظورة في اللقاء بين الرجال والنساء.
وسأستعرض في المقال المقبل على وجه التفصيل الأدلة الشرعية للمانعين والمحرمين للمصافحة ومناقشتها وبيان الأدلة التي تدل على جوازها بالضوابط التي ذكرها بعض العلماء.
* كاتب سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.