واصل وفد أميركي محادثات مع زعماء الكتل العراقية الفائزة في الانتخابات، وصفت بأنها «سريعة ومكثفة»، فيما تفاقمت الأزمة بين التحالف الشيعي وكتلة رئيس الوزراء نوري المالكي، بعدما أعلن التحالف تجميد مفاوضاته مع «دولة القانون»، مشترطاً ترشيح بديل للمالكي لرئاسة الحكومة. وبدأ الوفد الاميركي الذي وصل إلى العراق امس محادثاته مع رئيس «القائمة العراقية» اياد علاوي، والمالكي الذي أصدر بياناً، تسلمت «الحياة» نسخة منه، جاء فيه انه «التقى أعضاء الوفد وأوضح لهم ان الجهود ماضية لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى «خطورة المرحلة»، وأضاف ان «قرار تشكيل الحكومة يجب أن يكون عراقياً في الدرجة الأولى بعيداً من التدخلات الخارجية». واعتبر مراقبون ان زيارة الوفد الاميركي المكون من توني بلنكن وبونيت تلوار (لم يحدد البيان المهمات التي يضطلعان بها في البيت الأبيض) العراق في هذا الوقت جزء من الضغط التي تمارسه الادارة الاميركية لتشكيل الحكومة قبل سحب القوات القتالية نهاية الشهر الجاري. وكان «الائتلاف الوطني» المتحالف مع كتلة المالكي قرر تعليق حواراته معها لتمسكها بترشيحه لرئاسة الحكومة المقبلة. وجدد «الائتلاف» خلال مؤتمر صحافي مساء اول من امس رفضه القبول بترشيح المالكي لولاية ثانية وتأكيد تمسكه بالتحالف باعتباره الكتلة النيابية الاكثر عدداً. وطالب بتفعيل قرار اجتماع الكتل النيابية في 27 تموز (يوليو) الجاري بجعل الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال. وأكد «الائتلاف» انفتاحه على كل الكتل السياسية المستعدة لابداء المرونة في «اطار حفظ مصالح الشعب العراقي والعمل معها على ايجاد صيغ جادة لحل الازمة الراهنة وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية». وأكد القيادي في «الائتلاف الوطني»عن كتلة «الاحرار» حسن الجبوري في اتصال مع «الحياة» ان «قرار الائتلاف جاء على خلفية تمسك حزب الدعوة برئاسة الوزراء ورفضه القبول باقتراحات الكتل الاخرى في البحث عن مرشح بديل للمالكي». وأضاف ان «القرار لم يأتِ اعتباطاً انما هو ترجمة حقيقة لجمود المفاوضات والعلاقة بين مكونات الائتلافين. والقرار منح دولة القانون فسحة لاعلان موقفها النهائي بصراحة ومن دون تردد». وتابع «قرارنا نهائي وغير قابل للنقاش الا في حال ابدت قائمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته دستورياً، شيئاً من المرونة». إلى ذلك، توقعت «القائمة العراقية» ان «تصب المستجدات السياسية الاخيرة في مصلحتها كون غالبية القوائم تعاملت بسلبية مع توجهاتها في السابق». وأكد القيادي في «القائمة» جمال البطيخ في تصريح الى «الحياة» ان «قرار الائتلاف الوطني تجميد المفاوضات مع المالكي قد يصب في مصلحتنا بمعنى ان تبرز مستجدات تغير خريطة التحالفات ومسارات تشكيل الحكومة، لا سيما ان غالبية الكتل الفائزة كانت تعاملت بسلبية معنا ولم تعترف صراحة باحقيتنا في تشكيل الحكومة وتعكزت في ذلك على مادة دستورية سائبة ومبهمة». وتابع ان «العراقية تقف على مسافة واحدة من كل القوائم وتفتح ابوابها امام الجميع ما داموا يعترفون باستحقاقنا الانتخابي». وكانت قائمتا «دولة القانون» و «العراقية» اجرتا مفاوضات لم تفض الى نتائج، بسبب اصرار كل من علاوي والمالكي على تسنم منصب رئيس الوزراء. وقال مستشار «القائمة العراقية» هاني عاشور ان «القائمة متمسكة بثلاثة شروط في أي حوار لتشكيل الحكومة، وموقف الائتلاف الوطني الاخير برفض المالكي لم يفاجئها». وأضاف عاشور في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه ان «العراقية حددت منذ البداية ثلاثة شروط للتفاوض مع أي كتلة حول تشكيل الحكومة، اولها الاعتراف بالمعيار الديموقراطي وهو الانتخابات، والتسليم بالكتلة الفائزة وهي القائمة العراقية ومنحها حق تشكيل الحكومة، ومن ثم التفاهم على الامور الاخرى». وتابع ان «الشرط الثاني هو التداول السلمي للسلطة، لأن مشروع التمسك بالسلطة هو مشروع ديكتاتوري تسلطي يعيد العراق إلى فترات الطغيان، ويدفعه إلى الانهيار والأزمات». وزاد ان «ثالث الشروط التفاوض على أساس البرامج وتقويم الأداء ومبدأ التغيير، خصوصاً ان الحكومة الحالية ارتكبت أخطاء كبيرة لا بد من معالجتها من حكومة جديدة تمتلك برنامجاً وطنياً قابلاً للتطبيق لتطوير التنمية وحفظ سيادة العراق، وتعويض العراقي سنوات الحرمان والتدهور الأمني بمزيد من الاستقرار والبناء». وفي سياق متصل، قال نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ان «في رسالة بعث بها الى رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني لمناسبة ذكرى قمع «انتفاضة البارزانيين» ان «الفرصة اليوم اقوى من اي وقت مضى للعمل سوية لحلحلة الازمة السياسية التي تواجه البلاد، والاتفاق على تشكيل حكومة شراكة وطنية تأخذ على عاتقها حماية المسيرة الديموقراطية وبناء عراق ديموقراطي اتحادي ينعم جميع ابنائه بالحرية والعدل والمساواة، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، وتحقيق الوعود التي قطعناها للشعب في الحصول على الامن والاستقرار والتنمية الشاملة وتطوير الخدمات».