يبدو أن الرياض تحولت إلى عاصمة الحراك السياسي الدولي، خصوصاً في الفترة الأخيرة، ولا أدل على ذلك ما شهده أول الأسبوع الحالي فقط، إذ تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتصالين من الرئيسين المصري حسني مبارك والبريطاني غوردن براون، ورسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سلمتها وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد. ولم ينته العمل السياسي في الرياض عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى استقبال الملك عبدالله المديرة التنفيذية لمنظمة الأممالمتحدة (يونسيف) سيغريد كاج، وأعقبها بلقاء رئيس مجلس الشورى البحريني علي بن صالح الصالح. أستاذ التاريخ الحديث في معهد الدراسات الديبلوماسية الدكتور محمد العويضي أوعز هذا الحراك إلى مكانة السعودية سياسياً واقتصادياً، واصفاً إياها بالدولة التي تملك ثقلاً إقليمياً كبيراً، مشدداً على أن الرياض من العواصم التي لا يمكن تجاوزها في قضايا المنطقة. وقال الدكتور العويضي: «الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ذات سياسة عاقلة ومواقف معتدلة، وهي تسعى إلى رفاهية شعوب المنطقة، ولذلك يتم استشارتها في القضايا كافة التي تخص المنطقة، وليس غريباً هذا التوافد الديبلوماسي إلى الرياض في شكل مستمر». وأضاف: «السياسة السعودية الخارجية تتعاون مع الدول الإقليمية، وهي إلى جانب مصر يعملان كتفاً بكتف لتحقيق السلام في المنطقة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل دورها العربي التاريخي». وأشار الدكتور العويضي إلى أن تسلّم أوباما سدة الرئاسة في أميركا سمح بفتح نوافذ مختلفة تجاه القضية الفلسطينية وإيران، وأوجد توجهاً ملموساً لاستقرار المنطقة، رافضاً الرأي القائل بتأثر المصالح العربية في المنطقة بناء على التقارب الأميركي- الإيراني، مشدداً على عدم إمكان تجاهل العالم العربي في الحراك الدولي، مؤكداً أن الاستقرار في المنطقة لن يحدث من دونه، مطالباً الدول العربية بتقويم الوضع من منظور مصالحها الخاصة المنفصلة عن إيران أو أميركا، رافضاً أية محاولة لتغييب السعودية أو مصر وعدم إشراكها في إدارة قضايا المنطقة. عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى محمد الرشيد أكد أن حراك الرياض السياسي حالياً يدل على النشاط السعودي المستمر في المنطقة بمجهود القيادة السياسية وعلى رأسها خادم الحرمين، مشيراً إلى أن الرياض تبقى مركزاً إسلامياً وعربياً وإقليمياً قوياً وناشطاً في المنطقة، مبيناً أن الوضع المزدهر للسعودية اقتصادياً وأمنياً دعمها في أداء دورها الريادي إلى جوار مصر. وقال الرشيد: «التنسيق مستمر بين السعودية ومصر منذ أيام المؤسس الملك عبدالعزيز، لاعتبارات عدة تجمع بين الدولتين، إضافة إلى تاريخ علاقتهما العميق والقوي». وأضاف: «ما يحدث حالياً أشبه بتعزيز الدور الريادي القائم أصلاً بين الدولتين لإدارة شؤون المنطقة». أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور فهد الطياش يرى أن السياسة السعودية التي تتميز بوضوح الرؤية والنظرة التوافقية لأجل تحقيق السلم والأمن العالميين هي التي فرضت هذا الحراك في الرياض، مشيراً إلى المبادرات الدولية التي تنطلق من قبل خادم الحرمين تعزز شراكة السعودية في تحقيق الأمن العالمي. وقال الدكتور الطياش: «الرياض لها ثقل على الساحة الدولية، وهي تسعى إلى تحقيق نجاحات عامة من دون تغليب مصالحها الخاصة، وسياستها النفطية أكبر دليل على ذلك، من طريق حرصها على ضمان التدفق النفطي واستقرار سعر السوق». وأضاف: «السعودية إلى جانب مصر هما حجر الزاوية في تحقيق أمن المنطقة، والتنسيق المستمر بينهما عمق عربي يجب الحفاظ عليه، مع التأكيد على أن دول المنطقة تنظر إلى جميع التحركات بعين التحليل والحذر، وهو أمر طبيعي في ظل تقارب أميركي-إيراني». واختتم رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الدكتور الطياش حديثه بقوله: «يجب أن يفخر السعوديون أنهم جزء من كيان كبير يخدم المجتمع الدولي، وعليهم المحافظة على مكتسبات وطنهم، وتصدير أنفسهم على أنهم سفراء محبة وحوار أسوة بقائدهم خادم الحرمين».