ارتفاع ضحايا السيول في ولاية تكساس الأمريكية إلى 32 شخصًا    طقس الأحد.. - استمرار تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار    بلدية الخبر تطلق مشروع تطوير الخبر الشمالية    تطوير التعاون مع صربيا وإندونيسيا في النقل الجوي    أكدت تمكينه وتوسيع أثره بالقطاعات الحيوية.. وزارة "الموارد": تنمية القطاع التعاوني للمساهمة في مستهدفات رؤية 2030    أكد أنها تعكس الالتزام بتحقيق أهداف التنمية.. البديوي: أجنحة دول التعاون في "إكسبو" تجسد الإرث الحضاري    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    مصرع 4 أشخاص في تحطم طائرة صغيرة بالنمسا    "جوجل" تطلق"Veo 3″ لتوليد الفيديو بالذكاء    أوكرانيا تستهدف قاعدة جوية روسية    أكدوا مواصلة إيران للتخصيب.. قلق أوروبي من انهيار جهود استئناف المفاوضات النووية    سان جيرمان يقصي البايرن ويتأهل لنصف نهائي المونديال    في نهائي الكأس الذهبية كونكاكاف 2025.. أمريكا تسعى للقبها الثامن.. والمكسيك ل" العاشر"    دموع نيفيز وكانسيلو.. الجانب المنسي في كرة القدم    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    "الداخلية": ضبط 17.8 ألف مخالف في أسبوع    قواعد جديدة منها إغلاق المنشأة وإلغاء الترخيص.. غرامات تصل إلى مليوني ريال للمخالفات البلدية    1334 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    "الإيسيسكو" تبحث إنشاء منصات رقمية لتوثيق تراث المملكة    مسابقة لترشيح سعوديين ل«كأس العالم للحلويات»    يستعرض التطورات في المملكة خلال الأعوام الماضية.. «كنوز السعودية» بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي «الوجهة»    باحثون يطورون بلاستيكًا إلكترونيًا صديقًا للبيئة    "صناعة الخوص ".. حرفة تقليدية حاضرة ضمن فعاليات بيت حائل    دراسة علمية ب "مجلة الدارة" تؤكد أهمية الوعي الوثائقي في حماية التراث الوطني    بينهم لاعب الهلال.. ترتيب هدافي كأس العالم للأندية    نادي الرياض يعين الإسباني"خافيير كاييخا"مدرباً للفريق الأول    وزير الخارجية يفتتح المبنى الجديد لسفارة المملكة في موسكو    رابطة دوري المحترفين تتولى الرقابة المالية للأندية    "نيوم"يتعاقد مع الحارس البولندي مارسين بولكا    حماس: جاهزون للدخول في مفاوضات فورية لتبادل الأسرى    (أوبك +) تقرر زيادة إنتاج ثماني دول لمواصلة دعم استقرار سوق النفط    الذهب يحقق مكاسب أسبوعية وسط ضعف الدولار    ظهور نادر للفنان المصري عادل إمام بعد غياب طويل    بئر غرس.. ماء مبارك وأثر نبوي خالد    الصدقة في الميزان    «فاكهة الصيف».. تعود للأسواق    نيابة عن أمير الرياض.. أمين المنطقة يحضر حفل سفارة راوندا    الشؤون الإسلامية بنجران تغلق 460 بلاغاً    أمير الشرقية يعزي أسرة الراجحي    اتفاقية صحية لدعم وتثقيف المصابين بالأمراض المزمنة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي ل"ثمانيني" بعد ساعتين من استبدال مفصل ركبة    أمين منطقة القصيم يوقع عقد صيانة شوارع بنطاق بلدية الصفراء بمدينة بريدة قرابة ١٧ مليون ريال    حرس الحدود يقبض على (6) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (138.3) كجم "حشيش"    "المياه" السعودية تنفذ 19 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في جازان    البدء بصيانة جسر خادم الحرمين وتقاطع الملك عبد العزيز بالدمام    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق في المملكة    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آية شدّادي ... شاعرة مجهولة غنت الثورة ورحلت
نشر في الحياة يوم 06 - 06 - 2016

من قرأ شاعرة عربية تكتب بالفرنسية تدعى آية شدّادي؟ أطرح هذا السؤال لعدم عثوري على أي مقال أو رابط أو معلومة عنها على شبكة الإنترت، باستثناء أسطر معدودة نشرتها دار «غاليمار» الباريسية حديثاً على موقعها بمناسبة إصدارها ديواناً لهذه الشاعرة بعنوان «تونس بحرية». أسطر، بدلاً من أن تشبع فضول القارئ، تشعل فيه رغبةً شديدة في معرفة المزيد عنها.
في هذه الأسطر، يتّضح أن شدّادي وُلدت من أب مغربي وأم يابانية في إحدى ضواحي باريس عام 1978، وتوفيت في مطلع 2015، قبل أن تبلغ عامها السابع والثلاثين، تاركةً خلفها مجموعتين شعريتين ورواية غير منجَزة. يتّضح أيضاً أن ديوان «تونس بحرية» جمعت شدّادي قصائده بنفسها بضعة أشهر قبل وفاتها، باستثناء ستة نصوص أضافها الناشر إليه، وأن هذه القصائد نتاج السنوات الثلاث الأخيرة من حياتها، وتتناول في بعضها تجربتها في مدينة المرسى التونسية حيث مارست مهنة التعليم خلال «ثورة الياسمين».
قدرٌ مأسوي إذاً، خصوصاً حين نعرف أن الرحيل المبكر للشاعرة عن هذه الدنيا جاء بعد معاناة طويلة من مرض عضّال. ولا شك في أن هذا الأمر لعب دوراً في إثارة اهتمام مواطنَيها الشاعرين عبد اللطيف اللعبي والطاهر بن جلون بديوانها الأخير. اهتمام أثمر نصّين، الأول كتبه اللعبي كمقدمة لهذا العمل، والآخر كتبه بن جلون على شكل رسالة مفتوحة لها.
أول ما يلفت انتباه قارئ هذا الديوان هو أنعدام أي سوداوية أو تشاؤم في نصوصه، وذلك على رغم كتابة شدّادي لهذه النصوص خلال مرحلة مصارعتها مرضها وإدراكها النتيجة المحتمة لهذه المعركة. بالعكس، تبدو صفحات الديوان مشبعة بالنور والأمل والرقة تجاه حياةٍ لم يتبق منها سوى أيامٍ معدودة. ولعل هذا بالتحديد ما يفسّر حدة نظر الشاعرة فيه والتهامها كل ما كان يقع تحت عينيها وتحويله موضوعاً أو مادة شعرية.
بعبارةٍ أخرى، سعت شدّادي إلى تعزيم ألمها وخداع مرضها بواسطة الكتابة ففتحت إلى أقصى حد «صمّامات الطاقة» داخلها للاحتفال بالعالم والإشادة بجماله وغناه، طالماً أن ذلك ما زال ممكناً. وفي هذا السياق، صقلت لغةً شعرية مذهلة في حيويتها، تتراقص كلماتها الملوّنة والعذبة بفرح طفولي، كما لو أنها شُحِذت على مشارف فجر هذا العالم وليس غروبه.
وهذا لا يعني طبعاً أننا لا نستشعر في بعض الصور سير الشاعرة على حافة هوة، أو شبح الموت الذي كان يحوم حولها ويقترب تدريجياً منها. فمن حين إلى آخر، «تظلل العتمة أوراق الشجر»، تظهر «خدوشٌ على صفحة السماء»، أو «تتوارى النجوم فجأةً». لكن شدّادي ترفض حتى النهاية الاستسلام لمنطق الفناء المتربّص بها وتفعل كل ما في وسعها كي لا تُفلت خيط الحياة من يدها.
وبالتالي، نادرة في نصوصها لحظات الضعف أمام المرض والموت، وحين تحلّ مثل هذه اللحظات نجدها تعثر دائماً على حيلة لمواجهتها وتجاوزها، كما في النص الذي تتخيّل نفسها تحت جلد فتاةٍ آخرى مريضة يحاول والدها مؤاساتها: «المرض لا شيء/ لا وجود له / هل نسيتِ البارئ؟/ قولي: «يا رّبي»، قولي: «الله»/ لا تبكي (...)».
حول تجربة شدّادي، يقول اللعبي في مقدمته: «يأتي اختفاء الشاعرة في ربيع عمرها ليختم تجربةً مفتوحة على كل الممكنات، ورشةً حيّة للغة، خيالاً مضيافاً في شكل خاص، وحساسيةً فنّية يتحاور الشعر فيها طبيعياً مع الموسيقى والرسم والهندسة، ولا تكتفي العين بالتقاط جوهر الجمال في كل شيء، بل تصير شاهداً على مِحَن البشر وبؤسهم. ولا ننسى في هذه التجربة تفتُّح الحب في حالات نعمته وتمزّقاته». ويضيف: «مفارقة هذا الكتاب الذي تتحضّرون لقراءته هي في عرضه كلمات الشاعرة الأولى والأخيرة في آن. ولعل الطاقة التي تشعّ منه تنبع من هنا. أكثر من كتاب، ما في أيديكم هو رسالةٌ حارقة لحياةٍ في حالة حرب مع الزوال، رهانٌ على القصيدة المدعوة إلى الاضطلاع بدورها، دور الكاهنة العذراء لذاكرة البشر (...)».
أما بن جلون، فكتب في رسالته لها: «غريبٌ كم يتغيّر لون الكلمات وثقلها حين يقترب الموت ثم يعبرها. كلمات غضّنتها حياةٌ عاكسها القدر. لم ينجح الغياب في محوها، بالعكس. إنها هنا، حيّة، حارقة أحياناً، مغيظة وقاسية. (...) بما أنك أعلنتِ أن «أبداً ليست كلمةً من الواقع»، تفوّق الشعر على كل شيء، على الحياة ثم على الموت. ومثل إشارة أخيرة من الشمس، تركتِ لنا قصائد كما نترك ثماراً تتحجّر على الطاولة حتى تشبه منحوتات تقلّد الحياة، الحياة الحقيقية بصخبها، وموسيقاها، وأحلامها، وكل الرقة التي يطالب بها قلبٌ هش».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.