تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    رونق الشتاء    كأس «السوبر» الإيطالي بين نابولي وبولونيا.. الليلة    مورايس يهدد «سلسلة الهلال».. والأهلي في مهمة الحسم    الأخضر خرج خالي الوفاض    الإسعاف الجوي يباشر حادث في بريدة    أبو فروة وحقوق المستهلك    إدانة دولية للجرائم الإسرائيلية المستمرة.. انتهاكات الاحتلال تعرقل المرحلة الثانية في غزة    الربيعة وسفير المملكة بالبوسنة يناقشان الموضوعات الإنسانية    تصريحات متطرفة بشأن لبنان.. توغل إسرائيلي جديد في الجنوب السوري    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    في ظل دعم ولي العهد المتواصل ل«سدايا».. السعودية الأولى إقليمياً بمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي    في أولى جولات كأس أمم أفريقيا 2025.. مصر تواجه زيمبابوي.. ومالي تصطدم بزامبيا    «الآسيوي» يعتزم إطلاق «دوري الأمم»    فتح التقديم للابتعاث لمرحلة الإقامة الطبية بألمانيا    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    هيئة «الشورى» تحيل تقارير جامعات لجلسة المجلس    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    من هن النسويات؟    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن بجازان    9 طلبات توصيل كل ثانية عبر التطبيقات    1% انخفاض ودائع البنوك السعودية    %86 من السعوديين يمارسون أنشطة الترفيه الرياضي    مطارات الرياض وهندسة مسار تجربة المسافرين    ألمانيا: إصدار أكثر من 100 ألف تأشيرة في إطار لم شمل عائلات اللاجئين في 2025    الانفصال.. خيار مستحيل جيوسياسيًا في اليمن    اليمن.. صراع النُخب مزّق الوطن    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الأمريكي "تيين" بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2025    دوري يلو 12.. العلا والدرعية يهددان صدارة أبها    طربيات «موسم الخبر» تبرز فن تركي عبدالعزيز    أنغام تودع عاماً وتستقبل عاماً في «ليلة الحب»    الفن وأصوات النجوم يعيدان وادي صفار للواجهة    المحسن يكتب.. وَهَبهم البطولة والإنتصار .. بأهدافه وتخطيطه المكّار    لغة نصفق لها ولغة نستخدمها    منهج الاحتلال.. استيطان وعنف    الصراع الإسرائيلي الإيراني بين الضربات العسكرية وحسابات الردع    قرارات تطويرية لتكامل المنظومة الدينية بالحرمين    أمانة المدينة: نسبة أعمال جسر "الصافية" بلغت 56٪    بر الشرقية تستعرض برامجها التنموية بمحافظة العديد    القبض على مواطن بتبوك لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    أمير الرياض يستقبل سفيرة الجمهورية الهيلينية المعيَّنة حديثًا لدى المملكة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    افتتاح فعالية «السهي فيو» ضمن مهرجان جازان 26    من «بيوت الموت» إلى منصات التوقيع… سعاد عسيري تدشّن روايتها الأولى في معرض جدة للكتاب 2025    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    وفد أعضاء مجلس الشورى يطلع على أعمال هيئة تطوير محافظة جدة    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين في ماليزيا ومفتي رواندا    خطيب المسجد الحرام: إذا تولى الله عبدًا أكرمه وهداه    إمام المسجد النبوي: الإسلام يسمو بالأخلاق ويربطها بالإيمان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُنقذ مراجعاً مصاباً بانسداد حاد نسبته "99 %" بالشريان التاجي الأيسر    تشغيل نظام الأرشفة الإلكترونية بمستشفى الأسياح    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    أداة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



70 عاماً على نداء ديغول الى ولادة «فرنسا الحرة»
نشر في الحياة يوم 30 - 06 - 2010

حين لجأ ديغول الى لندن، في 17 حزيران (يونيو) 1940، عشية نداء 18 حزيران، كان يضطلع بنيابة وزارة الدولة لشؤون الدفاع الوطني في وزارة بول رينو. ورئيس الوزارة، مع جورج مانديل، أحد أشد أنصار مقاومة الألمان المحتلين، وأقوى دعاة الحرب من غير مساومة. وأرادت الحكومة البريطانية من استقبال ديغول أن تحظى الى جنبها، إذا فصمت حكومة بوردو حلفها مع لندن، بمن يتابع المقاومة في العاصمة البريطانية باسم فرنسا.
وكان قدم لندن ممثلون لكل البلدان التي احتلتها ألمانيا بأوروبا: النروج وبلجيكا وهولندا وبولندا. ولم يقطع المسؤولون البريطانيون، أو بعضهم مثل وزير الخارجية هاليفاكس وبعض الديبلوماسيين، الأمل في عودة بيتان عن قبول شروط الهدنة القاسية التي فرضها الاحتلال الألماني على المارشال الفرنسي المسن، وفي استمرار الحرب على الجبهة الفرنسية.
وتشرشل هو، من قرر، صباح 18 حزيران، بث نداء ديغول من الإذاعة البريطانية، وتخطى تحفظات مجلس الوزراء. ودعا تشرشل الى التعاون مع ديغول لقاؤه به أربع مرات في الأسبوعين السابقين، مرتين في مجلس الحلفاء العسكري ومرتين منذ لجوئه الى لندن، وتوقع رئيس الوزراء البريطاني أن يبلغ البرلمانيون الفرنسيون مدينة الجزائر، وأن يتولوا قيادة الحرب ووراءهم ولاة فرنسا وقادتها في الإمبراطورية ومستعمراتها. وعلى هذا استقبل تشرشل ديغول في داونينغ ستريت نائباً عن الجمهورية الثالثة، وآملاً في أن يكون طليعة أقران آخرين لاحقين.
ولا ريب في أن خطبة 18 حزيران هو ثمرة نضج مديد عجل فيه الفصل الأخير من الحوادث، واجتياح القوات الألمانية فرنسا. وفكرة الخطبة الجامعة تعود الى وقت سبق الحرب واندلاعها. ففي 1934، نشر ديغول كتاباً وسَمَهُ بعنوان «إعداد الجيش المحترف»، وذهب فيه الى أن الحرب القادمة لن تكون حرب مواقع وخنادق بل حرب حركة تؤدي فيها المركبات ووسائل النقل، من دبابات وسيارات ودراجات نارية وطائرات وسفن، دوراً راجحاً. فالمحرك قلب أحوال الحرب رأساً على عقب. وعليه، على الجيش الفرنسي ألا يقتصر على وضع دفاعي وراء خط تحصينات ماجينو، وعلى الحدود الفرنسية - الألمانية، وينبغي أن يبني قوة ضاربة من وحدات ممكننة تتصدرها قوة مدرعة.
وحين اندلعت الحرب، عين ديغول قائد فوج الدبابات في الجيش الفرنسي المرابط على حدود المانيا. فكتب تقريراً الى رؤسائه، رئيس الحكومة دالادييه والجنرالين غاملان وجورج، دعاهم الى مكننة الجيش الفرنسي على وجه السرعة. وفي أواخر كانون الثاني (يناير) 1940، حين بدا أن التقرير لن يلقى جواباً، عمد ديغول الى توزيعه على 80 مسؤولاً سياسياً بارزاً، غير متهيب تحريض السلطة السياسية على العسكريين. وفي 10 أيار (مايو) 1940، شن الألمان هجومهم غرباً. فنُدب ديغول الى ارتجال فرقة رابعة مدرعة. وأحرزت الفرقة بموقعة مونكورنيه، بمحافظة الإين، في 17 أيار، نصرها الأول، ونصراً ثانياً أشد وضوحاً في آخر الشهر نفسه على نهر السوم. وتقدمت القوة، بإمرة ديغول 14 كلم، وأسرت 500 جندي ألماني، من غير أن تنجح في صد الألمان وراء النهر أو في القضاء على رأس جسرهم. وغداة مونكورنيه، حاورت الإذاعة الوطنية ديغول. وفي حواره هذا معظم عناصر نداء 18 حزيران مثل قوله ان الانتصارات الألمانية الأولى مردها الى الطائرات والمدرعات، وإن الانتصار الفرنسي الجزئي أُحرز بواسطة الأسلحة نفسها، وفي وسع الجيش الفرنسي إحراز انتصارات أخرى على المثال الناجع هذا. فنداء 18 حزيران ثمرة نضوج مديد. ولا يكتم النداء ثورة الجنرال الفتي على قيادة أركان عسكرية فرنسية متآكلة ومشلولة، على رأسها المارشال بيتان. وهذا لم تقتصر مسؤوليته على ابقاء القديم على قدمه وفوته من غير اصلاح ولا تجديد، فهو كتب مقدمة لكتاب الجنرال شوفينو، «هل الاجتياح ممكن؟» (1938)، مدح فيها جبهة خط ماجينو المتصل، وزعم ان الفرق المدرعة من غير جدوى. ودعا نداء ديغول الى استمرار الحرب على المانيا، فالتجهيزات والوسائل العسكرية التي طرحت فرنسا أرضاً يسع هذا ردهاً الى نحر المانيا.
ومعظم الفرنسيين كانوا يحسبون أن عمليات 1939 - 1940 هي الجولة الثالثة من حرب فرنسية - ألمانية بدأت في 1870. وعلى خلاف الرأي الغالب هذا، قال ديغول إن العمليات جزء من حرب عالمية. وهذا قرينة على نباهة فريدة يوم كانت الحرب، غداة شطب بولندا، مقتصرة على فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وديغول على يقين من أن في وسع فرنسا الاضطلاع بهذه الحرب العالمية على امتداد امبراطوريتها بأفريقيا والهند الصينية، وبمساندة صناعة الولايات المتحدة. وقدَّر ان النزاع الجرماني - السلافي لا بد من أن يحمل المانيا على مهاجمة الاتحاد السوفياتي. ورأى أن لا مناص للأميركيين من خوض الحرب، تلزمهم بذلك مصلحتهم وآصرتهم بدول أوروبا وشعوبها. ولم يخطئ تقدير انخراط اليابان.
ولا ريب في أن الجملة الأخيرة هي ذروة الخطبة: «يجب ألا تنطفئ شعلة المقاومة الفرنسية ولن تنطفئ». وفي الفقرة السابقة، توجه النداء الى العسكريين والمهندسين وعمال الصناعة العسكرية المؤهلين المقيمين بالأراضي البريطانية أو الذين قد يقصدونها. وهذه صياغة حذرة تتفادى مخاطبة القوات بفرنسا والعالم. فالهدنة لم توقّع، وديغول يتعمّد مراعاة سلطات بوردو، ويتجنب التهمة بحمل الجنود على الهرب. وفي الأثناء، خشي البريطانيون وقوع الأسطول البحري الفرنسي بيد الألمان، واقترحوا على حكومة بوردو لجوءَه الى موانئهم. فرفض الأميرال الفرنسي، دارلان، الاقتراح. وكان ديغول على خلاف مع قادة القوات الفرنسية في المستعمرات وفرنسا نفسها. فحالت الحكومة البريطانية دون مخاطبته الفرنسيين بين مساء 18 حزيران وبين 22 منه، تاريخ توقيع الهدنة. وفي الساعة السادسة من مساء 22، حال توقيع الهدنة، خاطب ديغول قادة القوات في المستعمرات، ودعاهم الى رفض الهدنة، والى الانضمام الى القوة العسكرية الوطنية التي ينبغي اعتبارها المهمة الأولى.
* أحد أنصار ديغول الأوائل ومؤرخ فرنسا الحرة، عن «ليستوار» الفرنسية، 4/2010، إعداد وضاح شرارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.