من لاعب كرة قدم شوارع مغمور في أحياء باريس الهامشية إلى ملك اللعبة في أحد أعرق البطولات الأوروبية، بطولة الدوري الإنكليزي. إنه اللاعب الدولي الجزائري رياض محرز الذي نصب نفسه على رأس قائمة محترفي البريمرليغ واختير أحسنهم لينضم إلى نخبة أساطير كرة القدم الإنكليزية على غرار تيري هنري ولينيكر ورونالدو وغيغز. اللاعب الذي جاء من القاع وتسلق سلم النجومية في ظرف سنتين ونصف، أي منذ انتقاله من الدرجة الثانية الفرنسية إلى فريق ليستر سيتي المغمور أيضاً في إنكلترا، فعانقا النجومية معاً وأصبحا حديث جماهير كرة القدم العالمية والعربية والجزائرية على وجه التحديد. بلوغ محرز ما بلغه من مجد لم يكن وليد مصادفة. ويخفي وراءه قصة شاب صقلت مواهبه الحياة ومصاعبها وشظف العيش في ضواحي باريس الفرنسية التي انتقل إليها والده آتياً من إحدى القرى النائية في ولاية تلمسان أقصى غرب الجزائر بحثاً عن تحسين وضعه المادي على غرار كل المهاجرين. محرز الذي كان لاعب شوارع، ولم يرضع فنون الكرة وقواعدها في المدارس الكروية، على رغم الموهبة التي يحملها، كان في الخامسة عشرة من العمر حين توفي والده، فبدأ حياة جديدة. قرر المراهق أن يحقق أمنية أبيه في أن يصبح لاعباً محترفاً وهو ما تم له بعد عشر سنوات من التحدي والعمل الجاد المتواصل. إنجازات محرز على أرض ملاعب إنكلترا، أصبحت محل اهتمام واسع من الشارع الجزائري الذي غير خريطة ميوله الكروية التي كانت منقسمة بين تشجيع النوادي الجزائرية، وبعض النوادي الأوروبية العريقة في إيطاليا وإسبانيا وإنكلترا. أما اليوم فقد أصبح الجميع يهتف لفريق ليستر سيتي الذي يلعب له محرز، وقد بات ينافس ال «ريال» وال «بارشا» وتفوق عليهما من حيث الشعبية ونسبة المتابعة في الجزائر. وضبط الجمهور الرياضي الشاب عقارب ساعته على توقيت ليستر وبوصلته في التحرك، وانصبت اهتماماته في اتجاه حركات محرز وقدمه اليسرى السحرية. وانتشرت قمصان فريق محرز في واجهات المحال التجارية المختصّة ببيع الألبسة الرياضية وعند الباعة على قارعة الرصيف ولاقت إقبالاً كبيراً بين الشباب. ويقول الصحافي المختصّ بالشأن الرياضي كريم شعير ل «الحياة»: «سطع نجم ليستر سيتي الذي حولته موهبة محرز من لاعب مغمور إلى شخصية وطنية من الطراز البارز، ونراه اليوم يشق طريقه بثبات نحو عالم النجوم والمشاهير، ومن خلفه جمهور جزائري آثر التوشح بقمصان نادي الثعالب على حساب ولائه التقليدي لعمالقة الكرة الأوروبية». ويضيف الصحافي الرياضي جمال أومدور في هذا السياق ل «الحياة»: «الحديث وسط الشارع الرياضي الجزائري تصنعه في الأشهر الأخيرة إنجازات مدلل ليستر سيتي رياض محرز الذي استطاع في ظرف وجيز أن يدون اسمه بأحرف من ذهب في سجل الكرة الإنكليزية وحتى العالمية، بإحراز لقب أحسن لاعب في البريمرليغ لتفتح في وجهه أبواب العالمية واللحاق بأسماء كبيرة في عالم المستديرة على غرار ميسي، ورونالدو، والبقية». محرز النجم الأول بامتياز في الجزائر والشخصية الأكثر شعبية ومتابعة، غطت أخباره حتى على أحداث سياسية مهمة في البلاد، لأن الشباب وجدوا في تألقه ترجمة لآمالهم وأحلامهم، وهروباً من خيباتهم اليومية. فهو لم يعد فقط رمزاً للشباب وإنما رمزاً لشعب بكامله وجد في الرياضة وفي كرة القدم وفي النجم الصاعد ملاذاً له من الخيبات.