الهلال «المنقوص» يقصى الاتحاد ويحجز مقعداً في نهائي «أغلى الكؤوس»    سمو محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة سمو أمير المنطقة    سمو أمير منطقة الباحة يستقبل مدير شرطة المنطقة ويتسلم التقرير السنوي لعام 2023    الأمان في دار سلمان    المملكة ترشد 8 ملايين م3 من المياه    مشروع سياحي استثنائي ب"جبل خيرة"    أمير منطقة الباحة يشهد اتفاقية تعاون بين تجمع الباحة الصحي والجمعية السعودية الخيرية لمرضى ( كبدك )    الهلال يتفوق على الاتحاد ويتأهل لنهائي كأس الملك    الدراسة عن بُعد بالرياض والقصيم بسبب الأمطار    الوسط الثقافي والعلمي يُفجع برحيل د. عبدالله المعطاني    من أحلام «السنافر».. مانجا تعزز دورها في صناعة الألعاب    خبير قانون دولي ل«عكاظ»: أدلة قوية لإدانة نتنياهو أمام «الجنايات الدولية»    مدرب بلجيكا يؤكد غياب تيبو كورتوا عن يورو 2024    أمريكا تطلب وقف إمداد الأطراف المتحاربة في السودان بالأسلحة    نمر يثير الذعر بمطار هندي    تطوير العمل الإسعافي ب4 مناطق    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية المكسيك يناقشان آخر التطورات في قطاع غزة ومحيطها    موسم الرياض يطرح تذاكر نزال الملاكمة العالمي five-versus-five    مهتمون يشيدون ببرنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونيسكو    41 مليون عملية إلكترونية لخدمة مستفيدي الجوازات    محافظ الريث يستقبل مفوض الإفتاء الشيخ محمد شامي شيبة    عسيري: مناهضو اللقاحات لن يتوقفوا.. و«أسترازينيكا» غير مخيف    «جامعة نايف العربية» تفتتح ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب.. في الرياض    أغلى 6 لاعبين في الكلاسيكو    دوريات «المجاهدين» بجدة تقبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    ميتروفيتش ومالكوم يقودان تشكيلة الهلال ضد الاتحاد بنصف نهائي كأس الملك    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لجودة الحياه    مساعد وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية والعالمية في إسبانيا    نائب أمير مكة يطلع على الاستعدادات المبكرة لحج 1445    وزير الصناعة والثروة المعدنية يرعى أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2024    اجتماع الرياض: إنهاء حرب غزة.. والتأكيد على حل الدولتين    مفوض الإفتاء بالمدينة: التعصب القبلي من أسباب اختلال الأمن    مجلس الوزراء يجدد حرص المملكة على نشر الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم    3000 ساعة تطوعية بجمعية الصم وضعاف السمع    الحقيل يجتمع برئيس رابطة المقاولين الدولية الصينية    شؤون الأسرة ونبراس يوقعان مذكرة تفاهم    مدير هيئة الأمر بالمعروف بمنطقة نجران يزور فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    فهد بن سلطان يطلع على الاستراتيجية الوطنية للشباب    وزير الطاقة: لا للتضحية بأمن الطاقة لصالح المناخ    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    أمير الرياض يستقبل ممثل الجامعات السعودية في منظمة سيجما الدولية    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    الذهب يتراجع 4.6 % من قمته التاريخية    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    وهَم التفرُّد    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    لوحة فنية بصرية    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحوم مسمومة و «رويبضات»!
نشر في الحياة يوم 19 - 05 - 2010


1
الكثير من الناس في السعودية بلعوا ألسنتهم خوفاً من التسمم، صادروا حرية التعبير خاصتهم بمحض إرادتهم، لماذا كل هذا؟! لأن كل من كان يفتح فمه من المثقفين في قضايا إسلامية تمس طبيعة المجتمعات الإسلامية وتاريخها وحاضرها ومستقبلها يلّقم بثلاثة أحجار كبيرة، الأول: لحوم العلماء مسمومة، والثاني: إياك إياك أن تكون من الروابض (الروابض لا الروافض)! والثالث: هل يستطيع رجل الدين التحدث في الطب؟ لماذا تتحدث إذن في أمر الدين وأنت طبيب؟
قال ابن عساكر «توفي في عام 571 ه» في كتابه «تبيين كذب المفتري»: «واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصف كريم، إذ قال مثنياً عليهم في كتابه وهو بمكارم الأخلاق وصدها عليم، والذين جاءوا من بعدهم يقولون «ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم»، والارتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسب الأموات جسيم، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، وقد روي عنه «صلى الله عليه وسلم» فيمن كتم ما عنده من العلم عند لعن آخر هذه الأمة أو لها ما له من الوزر والإثم».
يقرر ابن عساكر، رحمه الله، في هذا القول أن لحوم العلماء مسمومة، ولم يذكر من هم هؤلاء العلماء وما تخصصاتهم - وإن كان مقصده معروفاً من سياق قصة القول - ولم يتطرق أيضاً رحمه الله إلى كيفية فرز العلماء بحيث نعرف من تنطبق عليه الشروط العساكرية ومن لا تنطبق؟ كل ما نعرفه أن لحوم العلماء مسمومة و«بس»!
سؤالي: هل لحوم علماء الفيزياء مسمومة؟ بمعنى هل يحق لنا أن نعمم نظرية ابن عساكر ولا نجعلها فقط خاصة بعلماء الدين؟ هل لحوم علماء الصحافة مسمومة؟ أم أن مفسري نظرية ابن عساكر يقصرونها فقط على أشباههم بالتعيين.
السؤال بصيغة أخرى: هل لحم جاليلو مسموم وهو الذي اكتشف دوران الأرض حول الشمس؟ وهل لحم إسحاق نيوتن مسموم وهو صاحب نظرية شبه كروية الأرض؟ هل لحوم هذين العالمين مسمومة - في حال كانا مسلمين - عندما شنع بهم وبآرائهم رجال دين - من بينهم مسلمون - في بلادهم وخارجها؟ أم أن نيوتن وجاليلو - المسلمان افتراضياً - فقط يأكلان اللحم المسموم عندما يتحفظان أو يخطّئان عالم دين في نظرية خاصة به.
الحجر الثاني الكبير موشوم بوجه الرويبضة، ومن الرويبضة؟ هو الرجل الحقير التافه الذي يتحدث في أمر العامة كما قال رسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه. هل دكتور الجامعة المتخصص في الفيزياء رويبضة عندما يتحدث في شأن يهم المسلمين جميعاً؟ هل يلزم قصر التحدث في أمور العامة على رجال الدين، ومن سواهم رويبضات إن تحدثوا، توافه إن صمتوا؟!
هل يمكن تصنيف رجل الدين من ضمن الرويبضات عندما يتحدث عن مشروع هندسي لتوسعة الحرم؟ أما أن المبادئ «الإسلامية» تكفل له حرية التعبير التي لا تتعارض مع الثوابت والأعمدة الدينية؟
واضح من حديث محمد صلى الله عليه وسلم من «الرويبضة» وكيف يمكن فرزه عمن سواه، لكن غير الواضح بالنسبة لنا هو لماذا يحوّل بعض الناس صاد من الناس إلى رويبضة عندما يختلف مع سين من الناس؟
الحجر الثالث يتعلق بالتخصص. لا تتحدث في أمر لست متخصصاً فيه. قد تكون مهندساً وفي الوقت نفسه قارئاً لكتب السلف والخلف الدينية والتراثية وحافظاً للبخاري إن كنت سنياً والكافي إن كنت شيعياً، لكن لا يحق لك الحديث عن أمر يتعلق برؤية الإسلام لمجموعات المسلمين ومفرداتهم لأنك لم تتخرج في كلية الشريعة مثلاً!
قد تكون صحافياً مهتماً بكرة القدم وفي الوقت نفسه دودة كتب في ما يتعلق باجتماعيات عصر صدر الإسلام، لكن ولسوء حظك لا يحق لك وأنت صاد من الناس مخالفة سين من الناس في أمر «إسلاجتماعي» لأن مهنتك الظاهرة هي صحافي في كرة القدم. على الجانب الآخر، يمكن لسين من الناس ذي المرجعية الثقافية الدينية أن يقرأ قليلاً في المعاملات البنكية ليصير خبيراً في الصيرفة الإسلامية مثلاً. يستطيع أن يعود إلى مخه ويستعمل أدواته العقلية في نفي وجود البروتون والإلكترون والنواة من المادة! هل يحق له الخروج من تخصصه للحديث عن علاقات المجتمع البينية «الخاصة بعالم الاجتماع» بينما يحرم عليك يا صاد من الناس أن تتحدث في طريقة تجارية معينة يمكن بها أن تحفظ كرامة المرأة وسترها!
2
هل سأصنف من ضمن الذين يأكلون اللحوم المسمومة، الذين يعيشون في بيوت الرويبضة الخربة، الذين يتحدثون في ما لا يعنيهم عندما أقول: لماذا لا نختصر كلمة الشيخ إلى حرف «ش» مثلما نفعل مع الدكتور «د» والمهندس «م» والأستاذ «أ»؟ لماذا لا نقول ش سلمان العودة، ش عائض القرني، ش عبدالرحمن البراك. لا...لا... الشيخ عبدالرحمن البراك حالة خاصة، لأن النظرية لا يمكن تطبيقها عليه «خوفاً ومهابة»!
هل أنا رويبض صغير لأنني تحدثت في أمر العامة وأنا التافه الحقير؟ هل: ما لي وللحديث عن الاختصارات «الشينية» وأنا صحافي متخصص في فنون الكلام؟ هل أسأت التأدب مع مشايخي وعلمائي بدعوتي لاستخدام حرف الشين؟!
3
كل المقالة الطويلة العريضة أعلاه يمكن اختصارها ب: لماذا لا تعمل الاختصارات في حضرة المشايخ؟ هل لهم قدسية خاصة تحتمي بائتلاف «السم والرويبضة والتخصص»؟!
* كاتب وصحافي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.