تعاني الأندية الأدبية في السعودية من أزمة عدم الرضا في أوساط المثقفين والأدباء، فلا أنشطتها تلقى القبول وإصداراتها ومشاريعها محل خلاف دائم. والجدل كثيراً ما يثار حول هذا النادي أو ذاك، فهذه الأندية تتبادل الأدوار في تلقي الانتقادات. نادي أبها الأدبي في مرمى النقد هذه الأيام، بسبب مشاريعه المتعثرة، ووعوده للمثقفين التي لم تنفذ، بحسب رأي بعض المثقفين أنفسهم. وانتقد عضو الجمعية العمومية السابق في نادي أبها الأدبي علي فايع الألمعي أداء مجلس إدارة النادي الحالي، مشيراً إلى تعطيل المجلس العديد من المشاريع الثقافية التي وعد بتنفيذها، كقاعة المحاضرات «التي أوشك المجلس على انتهاء تكليفه ولم يف بوعوده فيها، بعد أن كانت عنصراً حاضراً في كل اجتماعات الجمعية العمومية خلال ثلاث سنوات مضت». وأضاف الألمعي في حديث ل«الحياة»: «لو عدنا إلى تصريحات رئيس مجلس الإدارة الحالية في السنوات الأربع واستعرضنا ما نشرته الصحف الورقية والإلكترونية لوجدنا أن جلّ تلك المشاريع الثقافية لم تر النور مع أن فترة التكليف أوشكت على الانتهاء، هناك مشروع «اقرأ» الذي بشّر به المجلس الحالي، رأيته مرة واحدة في فندق قصر أبها، خلال ندوة أقامها النادي بالتعاون مع جائزة أبها، صبيحة انعقاد الندوة ولم أره مرة أخرى. كانت الأخبار التقديمية التي نشرت في تلك الفترة الزمنية تقول إن مشروع «اقرأ» سيكون حاضراً في المطار، والفنادق، والشقق المفروشة، والأماكن العامة... كل ما أعرفه اليوم أنّ هذا المشروع سقط، حضر مرة واحدة في ظرف استثنائي وغاب!». ارتجال وعشوائية وتطرق الألمعي إلى شراكات النادي، معتبراً أن من استفاد منها هم الشركاء «ولم يستفد منها مثقف وأديب المنطقة. هناك شراكة وهمية مع نادي الأحساء الأدبي توّجها النادي باستضافة أدباء من الأحساء لم يحضرها أحد من أدباء ومثقفي المنطقة لسوء العلاقة بين النادي وأدباء المنطقة الحقيقيين»، متوقفاً عند ما اعتبره «ارتجالاً وعشوائية يلحظهما المتابع على برامج وفعاليات النادي، كملتقى الهوية والأدب الذي فشل في استقطاب أدباء المنطقة ومثقفيها». وأشاد بالجهود الجيدة التي يقوم بها عضو لجنة الطباعة والنشر في النادي الأديب إبراهيم مضواح، الذي أظهر الكتب التي يطبعها بشكل جيد، وإن كنا نختلف في المضمون لكننا نتفق على جودة الطباعة وانتظام الكتب والاحتفاء اللائق بأصحابها. وذكر الألمعي أنّ المجلس الحالي خيّب أمله حتى في اللجان الثقافية التي يكاثرون بعددها «مع أن محمد بن حميد (رئيس النادي الأسبق) كان سبّاقاً إليها، وكان يدير فعلها الثقافي بأديب واحد يمثّل النادي في كلّ محافظة، وكان فعلها الثقافي ذا أثر بالغ». وقال الألمعي: «ليست هذه كلّ المشاريع التي أعلن عنها النادي ولم ينفذها، هناك موسوعة أدباء عسير، وهناك برنامج «مديرو الثقافة»، الذي قدّم مرة واختفى، وهناك لجنة إبداع التي تغرّد خارج سرب الثقافة، وهناك النشاط المنبري داخل النادي الذي طغى عليه الارتجال والعشوائية والمجاملات»، مشيراً إلى أنه كان واحداً ممن دافع عن هذا المجلس إبّان انتخابه، «وسأكون واحداً من أشد منتقديه لقصور هذا المجلس في خدمة الثقافة والمثقفين في المنطقة أولاً وأخيراً». النقد في حدود النظام في حين عزا الكاتب أحمد عسيري عدم تجديد عضويته في الجمعية العمومية، إلى أنه لم يعد لديه شيء يقدمه أو يضيفه إلى مسيرة الحركة الثقافية في منطقة عسير، «لماذا أتشبث بعضوية تكون سبباً في تغييب عضو فاعل ومؤثر، وتحول بينه وبين أداء رسالته التي قمت بها وجيلي خلال ال40 عاماً الماضية لنتركها لأبناء اللحظة وجيل المستقبل، ليسهموا بدورهم في دفع الثقافة المجتمعية وصياغة الوعي الوطني». وأشار عسيري إلى أن «أدبي أبها» قام بدوره «الذي حددته له اللوائح والأنظمة المدونة في استراتيجة الثقافة الوطنية، وعلى ضوء إمكاناته المادية المحدودة، وأسهم في الحضور الثقافي بصورة لافته سواء في الفعاليات أم الملتقيات ومواكبة الفعل الثقافي والانفتاح على المجتمع من خلال لجانه في المحافظات ومطبوعاته المميزة». وقال إنه كان قاسياً في نقده وملاحظاته «لبعض مواطن القصور لمسيرة النادي وبرامجه في الفترة السابقة، ولكن ليس بالضرورة أن أعلنها وأشيعها إعلامياً ما دامت أبواب النادي مفتوحة ولائحته تسمح لي بممارسة سلطتي في النقد والملاحظة في حدود النظام والإجراءات الممكنة». وأوضح المسؤول الإداري في النادي الشاعر أحمد التيهاني أن الانسحابات من الجمعية العمومية حدثت في بعض الأندية، «أما في نادي أبها الأدبي فليست هناك انسحابات جماعية»، لافتاً إلى أن عدد أعضاء الجمعية الآن «يزيد عنه عند تأسيسها. ربما انسحب عضو أو عضوان فقط لأسباب خاصة بهم». وذكر أن كل ما تم إقراره في مجلس إدارة النادي «نُفّذ أو أنه على وشك الانتهاء».