قبل عشر سنوات أطلق الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض (إنسان)، وخلال أقل من ثلاث سنوات أحدثت هذه الجمعية نقلة نوعية في أسلوب كفالة الأيتام ورعايتهم في المنطقة، وتجاوزت الأساليب التقليدية في العمل الخيري، ولعل أهم ما قامت به هذه الجمعية هو تقديم نفقاتها عبر نظام آلي من خمس بطاقات إلكترونية خصصت لصرف المبالغ النقدية والمواد الغذائية والكساء والمستلزمات الدراسية وبطاقة الترفيه، فتجاوزت بهذا الأسلوب مسألة الكرامة، والدقة والأمانة في توصيل الخدمة، وبات اليتيم يشعر انه يتلقى حقوقه بطريقة محترمة وحضارية وغير مسبوقة. خدمات «إنسان» لم تنعكس إيجابياً على الأيتام وأسرهم فحسب، وهي استطاعت تقديم خدمات خلاقة للمجتمع، وقبل بضع سنوات وقَّعت الجمعية عقداً مع شركة متخصصة في تأمين اللحوم لتوزيع لحوم الأضاحي في العيد على أسر الأيتام، واستطاعت بهذا الإجراء، الذي يتم عبر نظام آلي دقيق، خدمة المواطنين الذين لا يملكون الوقت والمكان للقيام بذبح الأضحية، وبات تنفيذ هذه الشعيرة الإسلامية يتم بطريقة تشبه تحويل المبالغ النقدية عبر المصارف، ومن خلال بطاقة الصراف الآلي، يستطيع الإنسان تنفيذ المهمة خلال دقائق، ثم يتلقى رسالة عبر هاتفه المحمول تفيد بأنه تم ذبح أضحيته وتوزيعها على مستحقيها. هذه الجمعية تتولى يومياً تقديم ثلاث وجبات لأكثر من 600 أسرة في منطقة الرياض، وبطريقة تشبه خدمات الفنادق الراقية، فضلاً عن أنها تتولى دفع إيجارات المنازل، وشراء المساكن، وترميمها، وتأهيل الأيتام للعمل، والسعي لتوظيفهم، وخلال السنوات العشر الماضية استطاعت محو أمية أكثر من 400 أرملة في برنامج محو الأمية، وقامت بابتعاث، أكثر من 90 يتيماً للدراسة في عدد من الجامعات العالمية، من خلال برنامج الملك عبدالله للابتعاث، وأنشأت قرية لتوفير بيئة للطفل المحروم من رعاية والديه شبيهة إلى حد كبير ببيئة الأسرة العادية يبدأ تشغيلها العام المقبل، وبلغ عدد الأيتام الذين تكفلهم 30 ألفاً. هذه الجمعية الفريدة احتفلت أمس بمرور عشر سنوات على تأسيسها، وقدرتها على تغطية 50 في المئة من نفقاتها من خلال استثماراتها، وربما تكون هذه مناسبة للنظر في توحيد جمعيات الأيتام في السعودية، تحت هذه الجمعية التي أثبتت انه بالإمكان تحويل العمل الخيري الى مشروعات حضارية مبهرة وناجحة، ونقل تجربتها الى الدول العربية والإسلامية.