أن لا يحضر صاحب دار الجمل للنشر خالد المعالي، ناشر رواية عبده خال، تكريم الأخير في الإمارات العربية المتحدة لحصوله على جائزة «البوكر» العربية، فهذا أمر وارد، لأن المعالي رجل لا يقيم وزناً للآخرين، أما أن تتجاهل وزارة الثقافة والإعلام حصول خال على واحدة من أهم الجوائز الأدبية، فذلك أكثر إيلاماً من عدم حضور الناشر تكريم الروائي السعودي عبده خال. أكثر إيلاماً أن لا يدّعى الروائي السعودي الذي رفع علم بلاده في واحدة من أهم الجوائز الأدبية في الوطن العربي إلى معرض الكتاب بالرياض، وأحبطني أكثر تصريح المشرف على الإعلام الداخلي بوزارة الثقافة والإعلام الصديق عبدالرحمن الهزاع حول عدم دعوة خال إلى معرض الكتاب بالرياض، وللهزاع أقول: ما هكذا تلقى التصاريح يا أبا ياسر. أكثر إيلاماً من هذه وتلك – أو كما يقول المثل البدوي: مغْسلة المذابح – أن لا يكون هناك تكريم – ولو خاص – لعبده خال في المهرجان الوطني للتراث والثقافة «جنادرية 25». هذه ليست محاولة لاستجداء تكريم عبده خال، بل محاولة لمعاتبة وزيرنا وأستاذنا وشاعرنا الذي استبشرنا خيراً بتسنُّمه وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة لتجاهل وزارته، وهي الغطاء الشرعي للكُتاب والمثقفين والمبدعين السعوديين، حصول عبده خال على جائزة «البوكر» العربية، وهي أيضاً محاولة أخرى لمعاتبة القائمين على مهرجان الجنادرية، لتجاهلهم هذا القروي الآتي من أعماق الجنوب المتشرب بالعشب والإبداع. كان حرياً بوزارة الثقافة والإعلام أن ترسل وفداً من المسؤولين عن الثقافة برفقة عدد من المثقفين من أصدقاء عبده خال للوقوف إلى جانب خال وهو يرفع علم بلاده وحيداً في الإمارات، أما وقد تجاهلت الوزارة هذا المنجز الثقافي الكبير لعبده خال، وكذلك فعل القائمون على «الجنادرية 25»، فلي أن أقول لهذا الأسمر المتعب بلقمة عيشه، إن كل ذرة رمل في هذا الوطن تفاخر بك يا عبده خال. لقد جئت من القرى النائية المسكونة بالود والمحبة، لتعلم المدن الصاخبة أن أبناء هذا الوطن ليسوا مبدعين فحسب، بل إنهم يصنعون الإبداع ويجيدون اللعب على حبال المأساة ليحيلونها إلى جوهرة تضيء جنبات الوطن وتثري العقول. أعرف عبده خال منذ ما يقارب العشرين عاماً، فهو شاب طموح مخلص لعمله وأصدقائه، رقيق، شفاف، يدخل إلى قلوب أصدقائه ومعارفه، كما يدخل الهواء إلى رئة كل منهم، إنه النسمة الأصدق في المشهد الثقافي السعودي. عبده خال لا يحب الأضواء وفلاشات المصورين ومسجلات الصحافيين، وبالتالي أرى أنه اليوم أكثر سعادةً. أعرف لو أن وزارة الثقافة والإعلام أرسلت وفداً لحضور تكريم خال في الإمارات لاختنق. عبده خال زاهد في محراب عمله الثقافي، لهذا لا يعنيه فلاش هنا أو تكريم هناك، ولي هنا أن أناغيه بهذا البوح الخاص. العزيز عبده خال: تعلمنا في بداية التسعينيات من القرن الماضي، أن الوطن قصيدتنا الخالدة، وأن العطاء يجب أن يكون للوطن، وأن لا ننتظر منه أن يعطينا أكثر من الدفء والإحساس بنا. كنا نتقاسم حب الوطن على «طريق الهدى» جيئةً وذهاباً، ونلتقط نسماته في قصائد صديقنا الرائع محمد الثبيتي – شفاه الله ومتّعه بالصحة والعافية-. صحيح أننا وقتها لم نكن نتوقع أن تفوز بجائزة قيمة كجائزة البوكر العربية، لكنا كنا ندرك أنك رائع ومبدع وعذب، وأنك ستصل يوماً ما إلى شواطئ جميلة تزيح عنك الخوف من المجهول، الذي تلبسك منذ خرجت للمرة الأولى من قريتك الصغيرة في جازان متوجها إلى جدة. الصديق الودود خال: لقد صفّق لك الرمل قبل القلوب، وهتفت لك الجبال والأودية، من أقاصي الجوف شمالاً إلى شرورة جنوباً، ومن دارين شرقاً إلى ضبا غرباً. كلنا نحب إبداعك أيها المسكون بالإبداع، نشاطرك الفرحة ونزهو بنصرك، الذي هو نصر للوطن، كل الوطن.