نشرت "منظمة العفو الدولية" أخيراً، تقريراً دانت فيه القوات الكردية في شمال سورية وشمال شرقها، لارتكابها "جرائم حرب" تتمثل في تهجير قسري للسكان وتدمير للمنازل. وأضافت المنظمة في التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي، أن "عمليات التدمير التي لوحظت لم تكن نتيجة معارك ضد المتطرفين، بل تمت في سياق حملة متعمّدة ومنسّقة لإيقاع عقوبة جماعية لسكان القرى". وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أن قرية الحسينية (شمال شرقي سورية) دمرت بنسبة 94 في المئة بين حزيران (يونيو) 2014 والشهر ذاته من العام الحالي، كما جرى مسح قرى بأكملها وحرقها وترحيل سكانها من دون أن يكون هناك هدف عسكري مبرر. ويطلق وصف "جرائم حرب" على الانتهاكات التي تحدث ضد فئة أو شعب معين، وتشمل تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، والجرائم الموجهة ضد المدنيين مثل اغتصاب النساء والتعدي على الممتلكات الشخصية، إلى جانب التشغيل والتهجير القسري والتعذيب والإبادة الجماعية. ومع احتدام الصراعات وتطوّرها في الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة، كثرت الاتهامات التي وُجهت الى الأنظمة والمجموعات والأشخاص من مختلف الأطراف، بارتكاب "جرائم حرب" خلال نزاعاتهم. ففي اليمن، تُتهم ميليشيات "الحوثيين" المتمردة باستهداف منازل السكان في محافظات تعز وإب والحديدة ومأرب، مستخدمة مختلف الأسلحة الثقيلة. ويستهدف المتمردون أيضاً، المنشآت الطبية ومنظمات "الهلال الأحمر اليمني" و "الصليب الأحمر الدولية"، وينفذون حملات اعتقال تعسفية للمدنيين والصحافيين والناشطين الحقوقيين والسياسيين في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية. وتسبّب إطلاق قذائف "مورتر" وصواريخ عشوائياً على مناطق سكنية في مدينة عدن، بمقتل عشرات المدنيين، وهو ما يمكن اعتباره جريمة حرب. ودانت منظمة الأممالمتحدة في تقرير آخر، تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، وقالت أن "المجموعة المسلحة تنتهج سياسة عقوبات تمييزية مثل الضرائب والإرغام على تغيير الدين، وتدمير مواقع دينية وطرد منهجي للأقليات". وأشار التقرير الواقع في 20 صفحة، إلى أن عمليات "الإبادة الجماعية" والإخفاء القسري التي يرتكبها "داعش" ضد المدنيين الأكراد والأقلية الإيزيدية، خلال هجماته على حلب والرقة، تترافق مع تعريف جرائم الحرب والتعذيب. وأضافت المنظمة أن التنظيم "قطع رؤوساً ورجم رجالاً ونساء وأطفالاً في أماكن عامة في بلدات وقرى شمال شرقي سورية". وتعلق جثث الضحايا مصلوبة لمدة ثلاثة أيام، وتوضع الرؤوس فوق أسلاك عامة، لتكون "في مثابة تحذير للسكان حول عواقب رفض الانصياع لسلطة المجموعة المسلحة". وروى أسرى سابقون أن أسوأ معاملة في مراكز الاعتقال، يلقاها هؤلاء الذين يشتبه في انتمائهم إلى مجموعات مسلحة أخرى، إلى جانب الصحافيين والأشخاص الذين عملوا مع الصحافة الأجنبية. وأكد التقرير أيضاً، أن "داعش" يرتكب عمليات اغتصاب في حق النساء والفتيات. واتهمت الأممالمتحدة ميليشيات "الحشد الشعبي" والقوات العراقية بارتكاب جرائم حرب، مشيرة إلى أن "قوات الحكومة العراقية استخدمت البراميل المتفجرة، وهو سلاح محظور بموجب القانون الدولي لأنه يقتل من دون تمييز. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية طالبت مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، النيابة العامة الباريسية بفتح تحقيق أولي يستهدف نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" خلال الفترة الواقعة بين العامين 2011 و2013. وقال الناطق المساعد باسم الوزارة غاييل فيسيير، أن وزارته تلقت في أواخر آب (أغسطس) الماضي، عشرات آلاف الصور التي تُظهر أجساداً مشوّهة أخضعت للتعذيب، وتم التحقق من صحتها من جانب الأجهزة المختصة. ولا يمكن الحديث عن جرائم الحرب من دون الإشارة إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وأفادت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، بأن العمليات التي نفذها جيش الاحتلال في صيف العام 2014 تعتبر "جرائم حرب"، مشيرة إلى استشهاد 1462 فلسطينياً، ثلثهم أطفال. وأوضح التقرير أن الاحتلال استخدم خلال هذا العدوان "قوة تدميرية" تمثلت في أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وإطلاق نحو خمسين ألف قذيفة مدفعية على مدار 51 يوماً. ودانت «منظمة العفو الدولية» في تقرير، "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) لارتكابها جرائم حرب في حق مدنيين فلسطينيين خلال مواجهتها العدوان الإسرائيلي على غزة العام الماضي.