يفرض تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تعتيماً إعلامياً شديداً على المناطق التي يسيطر عليها، لكن تقارير عدة مبنية على روايات سوريين وعراقيين كانوا أو ما زالوا يرزحون تحت حكم التنظيم المتطرف، أشارت إلى أنه حوّل هذه المناطق إلى مختبر كبير ل"هندسة" مجتمع يلبي أسلوب حياته الرجعي. وأفادت بعض التقارير أن التنظيم يتدخل في أدق تفاصيل الحياة اليومية لسكان المناطق الخاضعة لسيطرته، بدءاً من نوعية الطعام والشراب مروراً بالملبس والتعليم، وصولاً إلى وضع المرأة في المجتمع. فيما يشكل عنفه رادعاً قوياً لأي محاولات للتمرد، بالإضافة إلى الفقر المدقع وغياب البديل الحقيقي له. وروى ناشط مدني من مدينة الرقة السورية، كان من أوائل الذين تظاهروا في بداية الحراك الشعبي السوري، مشهداً من الحياة تحت حكم التنظيم، قائلاً: "كنت أنتظر دوري في محل لحلاقة الشعر عندما شاهدت دورية لداعش من أربعة ملثمين وهي تطرح شاباً أرضاً، ليقصّوا أطراف بنطاله الجينز بحجة أنه أطول من اللازم". وتابع: "بعد ذلك قادوه إلى محل الحلاقة وأمروا الحلاق بأن يقص شعره الطويل. كان الشاب العشريني ينتفض بين أيديهم، ولما حاول الحلاق أن يقص قليلاً من شعره الطويل، صرخ أحدهم: احلقه كله على الصفر". وأضاف الشاب أنه "بعدما انتهى الحلاق، طلب منه أعضاء داعش أن لا يأخذ نقوداً من الشاب، لكن الأخير، رفض بغضب قائلاً: لا أحتاج إلى صدقة من أحد، وألقى بورقة مالية من فئة الخمسين ليرة وخرج غاضباً". وأوردت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الحالي أن التنظيم الذي يتبع تفسيراً متطرفاً للشريعة الإسلامية، يطبق عقوبات على المدخنين وشاربي الكحول، أو الذين يفتحون محالهم التجارية خلال أوقات الصلاة، أقلها الجلد. ونقلت الصحيفة عن رجل من مدينة الرقة قوله إن "التنظيم قبض على ابن جاره الشاب وهو يدخن وقطع اصبعيه اللذين كان يمسك بهما السيجارة". وأضافت أنه "يعدم من يعتقد أنهم يتجسسون لمصلحة أعدائه أمام أكبر عدد ممكن من الناس، وأن بعض المتنازعين يهددون بعضهم بتلفيق تهمة العمالة ضد داعش في حال عدم الاستجابة لمطالبهم". وكتبت الصحيفة أن رجلاً فر من حكم التنظيم في تموز (يوليو) الماضي، قال إن "التنظيم المتطرف شيد عموداً يعلق عليه جثث المعدومين ورؤوسهم لإخافة الذين يخالفون رؤيته المتشددة للدين". وقالت امرأة من مدينة الموصل العراقية التي يقطنها نحو مليون شخص، فر منهم حوالي 500 ألف قبيل سيطرة "داعش" عليها، إن "التنظيم قطع أيادي أربعة صبية بسبب سرقتهم سلكاً، لتزويد بيتهم بالكهرباء". ونقل موقع "هيئة الإذاعة البريطانية" الناطق باللغة العربية عن أستاذة جامعية سابقة في مدينة الموصل تدعى هالة، قولها: "أنا حبيسة المنزل طوال الوقت، فلم يعد هناك جامعة، والنساء غير مسموح لهن بالعمل، إلا معلمات للفتيات". وأكدت مريم التي كانت سيدة أعمال قبل سيطرة التنظيم على الموصل أن النساء "صرن يشكلن عبئاً مادياً على أسرهن بسبب عدم السماح لهن بالعمل". وتابعت: "على عكس الماضي، تتزوج الفتيات من أي رجل ليحمين أنفسهن، وهو ما يرحب به الأهل حتى يتخلصوا من مسؤولية رعايتهن".