الرياض يكسب الخلود بهدف في دوري روشن للمحترفين    أمير تبوك يهنئ الشيخ صالح الفوزان بمناسبة تعيينه مفتياً عاماً للمملكة    163 ألف ريال لصقرين في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    البيت الأبيض: ترمب سيلتقي الرئيس الصيني يوم الخميس المقبل    28 اتفاقية ب 3.5 مليارات في المعرض الزراعي السعودي 2025    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمين الشرقية يطلع على مشاريع إستثمارية بكورنيش الخبر    الرئيس التنفيذي ل «الأرصاد» : احترار آسيا يعادل ضعف المتوسط العالمي    أمانة الشرقية تنفذ تجربة فرضية لمواجهة الحالات المطرية    إغلاق 85 منشأة ومصادر 13.5 طنًا من الأغذية بالرياض    3 نوفمبر: انطلاق معرض البناء السعودي 2025    أمير القصيم يُكرّم مواطناً أبعد مركبة مشتعلة عن تجمع بشري بمركز القوارة    النفط يواصل مكاسبه ويرتفع بنحو 5%    إطلاق الهاتف الذكي HONOR X9d 5G المقاوم للكسر والمزود بالذكاء الاصطناعي من HONOR    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    رسميًا.. ليونيل ميسي يُمدد تعاقده مع إنتر ميامي    المملكة وعدد من الدول وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعَي قانونين يهدفان لفرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية المحتلة وعلى المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية غير القانونية    بدء أعمال صيانة وتأهيل طريق الملك سعود "القشلة" اليوم    الأسهم العالمية ترتفع وسط سلسلة أرباح معزَّزة بمكاسب قطاع الطاقة    منتدى الأفلام السعودي يعود ب"لقاء يغير المشهد"    غيابات الاتحاد في مواجهة الكلاسيكو    نائب مساعد وزير الداخلية للشؤون التقنية: الخدمات الجديدة بالأحوال المدنية تعزز التحول الرقمي    دوري يلو.. العلا يحسم القمة.. والفيصلي والطائي يسجلان الفوز الأول    وزارة التعليم تتجه لإعادة هيكلة إداراتها وتقسيمها إلى خمس مناطق تعليمية رئيسية    انطلاق ملتقى الصحة العالمي 2025 الأسبوع المقبل بالرياض    القبض على شخص أشعل النار في مركبة بالقصيم    التعاون الاسلامي يطالب بتعزيز التعاون للوصول لمستقبل مائي مستدام    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    نائب أمير نجران يتسلم تقريرًا عن مشاريع الأمانة    بعد غياب عامين .. جيسوس يقود النصر لرقم مميز    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    "الإحالات الطبية" ينفذ خمسة آلاف إخلاء سنويًا ويُنقذ 30 ألف حياة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يرسم الابتسامة على وجه ثلاثينية بالحمل والولادة بعد عقم استمر 12 عاماً    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    رئيس وزراء مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    ملك مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    «السمحانية».. جمال المكان وروح التاريخ    السينما.. ذاكرة حضارية    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    الجاسر مستشاراً لمهرجان الأفلام    السعودية إلى كأس العالم    أداة جديدة لتوليد صور الحالة ب «واتساب»    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    «التجارة»: 59% نمو سجلات الألعاب الإلكترونية    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه حسين... والمثقفون السعوديون
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2009

لعلي حينما أستعير هذا العنوان من مؤلِّف كتاب «طه حسين والمثقفون السعوديون» حسين بافقيه (دار المؤلف: بيروت2009م) أكون قد بدأت مقالتي من إشارة مهمة في هذا الكتاب إلى الدور الجدليّ لطه حسين في مسيرة الثقافة والأدب السعوديين، خصوصاً الجزء الأول من الكتاب وهو الدراسة التي أعدّها المؤلف عن طبيعة العلاقة بين طه حسين ومكوّني البدايات الأدبية في المملكة العربية السعودية. والملاحظ أن المؤلف شديد الإعجاب بطه حسين، وكثيراً جداً ما يستشهد في ثنايا حديثه بالعميد طه حسين، بل خصّه بمحاضرة وهي البذرة الأولى لهذا الكتاب في نادي الطائف الأدبي عام 1429ه، جلّى فيها كثيراً من العلاقات الثقافية، وبرّر كثيراً من ردود الأفعال المتباينة في بعض الأحيان، والمتفقة في أحيان أخرى، كل ذلك في لغة تذكّرنا بلغة طه حسين نفسه، والكتاب الذي بين أيدينا نسخة مطوّرة عن المحاضرة حاشا الجزء الآخَر منه، وهو الذي جمع فيه ما كتبه طه حسين عن المثقفين السعوديين، أو مقدماته وكلماته وخطبه، ثم ما كتبه المثقفون السعوديون عن طه حسين، كل ذلك في الزمن الذي تكوّن فيه الأدب السعوديّ، بأقلام بعض الأدباء مثل محمد حسن عواد، وإبراهيم فلالي، وأحمد عبد الغفور عطار، وغيرهم.
إن من يقرأ كتاب «طه حسين والمثقفون السعوديون» سيجده يشاطر الأدباء في ذلك الزمن، حين يعيش أجواء الابتهاج التي طغت على كل شيء في الفترة التي زار فيها طه حسين المملكة، ويعيش أجواء الفرح التي عاشها ذلك الجيل من الأدباء وغير الأدباء في السعودية، ولك أن تعجب حينما تتماهى مع ذلك كيف أن الأدب كان بضاعة رائجة، حتى تحسب أن لا كساد لها، وكيف أن نجماً مثل طه حسين يُستقبَل بالحفاوة نفسها التي يستقبل بها نجم رياض عالمي، أو نجم سينمائي مشهور. أنا عشت مع هذا الكتاب تلك الأجواء، وأحسب أن من يضرب بسهم في القراءة العميقة لهذا الكتاب سيدرك أن المؤلف قصد إلى ذلك الأمر، ذلك أن استشهاداته الدقيقة المدرجة في مكانها بعناية فائقة تؤكد ذلك، وتحشد له أيضاً، ففي معرض حديثه عن الاستقبال المميز الذي استقبل به طه حسين أورد المؤلف ما قالته سوزان طه حسين عن تلك الزيارة «وصف لي (طه حسين) الاستقبال الحماسي الذي استقبل به.
فما إن نزل من المركب حتى استقبلته الهتافات، تمتزج بها هتافات العمال المصريين الذين كانوا على ظهر المركب. جاءت وفود كثيرة لحضور هذا المؤتمر الذي نظمته الجامعة العربية ... كما قدم شعراء من مكة بقصد إلقاء قصائد نظموها من أجله».
كان المؤلف إذاً مسكوناً بطه حسين في هذه الدراسة، من دون أن تطغى عاطفته على عملية الطرح، فكان يسوق الشواهد التي تؤكد على الأهمية الكبيرة لطه حسين، وكان من الضروري أن يبرر ذلك الإعجاب الذي كانت تنطوي عليه نفوس الناس آنذاك لهذا الأديب، ولذلك فإن بافقيه حينما أراد الحديث عن العلاقة بين طه حسين والأدباء السعوديين مهّد بجزء جيد من الكتاب ليضع طه حسين في سياقه الزمني والفكري للقارئ، بخاصة أن الكتاب يركز أطروحته على فترة زمنية معينة من مراحل الأدب السعودي، وعلى الأجواء التي كانت سائدة آنذاك، فتحدث عن طه حسين في ما سمّاه (ديباجة)، لنقرأ عن طه حسين الذي راجت سمعته، وملأ الدنيا، ثم أدخلنا في أجواء المقالة المشهورة «الحياة الأدبية في جزيرة العرب» التي نشرت في مجلة الهلال عام 1351ه، 1933م، مبدياً آراءه في ما يقوله طه حسين، من دون أن يغفل إتحاف القارئ بالخلفيات التاريخية لبعض مفاصل المقالة، وبالسياقات الثقافية التي تضيء للقارئ في مواطن عدة من المقالة.
لكنّ ما يلفت النظر أثناء القراءة ما امتلأت به حاشية الكتاب من إشارات وشروح تذكّرنا بعمل المحقّقين بل المجوّدين منهم، ما يشير بجلاء إلى أن المؤلف جهد كثيراً في تتبع المراحل التي مر بها المقال، ففي الصفحة (12) على سبيل المثال يشير في الهامش إلى أن المقالة نشرت مترجمة في مجلة open court التي تصدر في شيكاغو، وحينما كان الحديث عن اللجنة الثقافية العربية أورد تعريفاً مختصرا للجنة، كما سرد جميع الدورات التي عقدت للجنة بتواريخها، وأكثر من ذلك أن المؤلف تتبع التغيرات الطفيفة التي ظهرت في المقال بين طبعتيه في مجلة الهلال وكتاب ألوان، نحو إشارته إلى كتاب خواطر مصرحة للشاعر محمد حسن عوّاد، وليس تتبعه منحصراً في مقالة طه حسين فحسب، بل نجد إشارات عدّة توضح منهجه ذاك ففي صفحة (312) يرد في الهامش تعليقاً على مقال للسنوسيّ الآتي: «ما بين معقوفين غير موجود في أصل المجلة، وهو مثبت في كتاب السنوسي – بافقيه- أو في صفحة 303 يقول: «تجد النص، مع قليل من التغيير، في كتاب مصطفى صادق الرافعي (وحي القلم)...الخ»، وغيرها الكثير في حواشي الكتاب.
أضف إلى ذلك الشروح التي كانت في مجمل الكتاب تضيء بصيرة القارئ بالتعريف بالأعلام، والتعريف بالمؤسسات، وبالأحداث مؤرَّخة بالتاريخين الهجري والميلادي.
حرص المؤلف على أن يؤكد للقارئ أن طه حسين، حينما كتب مقالته عن الأدب في شبه الجزيرة العربية كان ذا شأن رفيع في الأدب، ولذلك أدرج في هامش صفحة (33) حينما كان بصدد الحديث عن أهمية المقالة تلك 15 كتابا من كتب طه حسين مثل: ذكرى أبي العلاء، آلهة اليونان، صحف مختارة، وغيرها، وفي الحقيقة فإن الكتاب جديد في موضوعه، وجدير بطرحه وبأسلوبه وبلغته أن يُقرأ، ذلك أنه ينقب بشكل جيد في طبيعة العلاقة بين طه حسين والمثقفين السعوديين، ويبين كيف كان السعوديون ينظرون إليه، بردود أفعالهم المتباينة لما يكتبه، وكيف كانوا يتحلّقون حول المذياع ليستمعوا إلى كلمة لطه حسين أو حوار معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.