حصلت الاستثمارات الخليجية والأجنبية على فرصة جديدة لتعويض الخسائر التي لحقت بها في بورصات نيويورك إبان أزمة المال، نتيجة تأكيد رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي بن برنانكي أمام الكونغرس يومي الأربعاء والخميس الماضيين، الإبقاء على سعر فائدة قروض الاحتياط المصرفية القصيرة الأجل قريباً من الصفر ل «فترة مطولة»، وإن أرجع السبب المباشر للخطوة المتوقعة، إلى أن الانتعاش الذي بدأه الاقتصاد الأميركي منتصف 2009 استند إلى «عوامل موقتة» وما يزال غير مستدام. وأبدى المشروعون أعضاء لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب (الأربعاء) ولجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ (الخميس) إصراراً غير معتاد لحمل محافظ «المركزي» الأميركي على تسليط مزيد من الضوء على ما يعنيه بعبارة «فترة طويلة»، وما إذا كان في الإمكان تفسير مبادرته الأخيرة المفاجئة برفع سعر فائدة الخصم على القروض التي يمنحها مجلس الاحتياط للمصارف في الظروف الطارئة، مؤشراً على قرب البدء بضبط سياسته النقدية، من دون جدوى. لكن برنانكي الذي التقى المشرعين لعرض التقرير نصف السنوي عن السياسة النقدية للولايات المتحدة، صرح بأن أعضاء لجنة السوق المفتوحة التي تحتكر قرار تعديل السياسة النقدية هبوطاً وصعوداً، لم يعدلوا أياً من توقعاتهم في شأن نمو الناتج المحلي والاتجاهات المحتملة للتضخم ومؤشر البطالة في العامين الحالي والمقبل منذ لقائه الأخير بالكونغرس في تموز (يوليو) الماضي، ما اعتبره محللون أفضل تلميح ممكن إلى أن اللجنة لن تكون في عجلة من أمرها لرفع سعر الفائدة. وأوضح برنانكي للمشرعين، أن أعضاء لجنة السوق لا يزالون يتوقعون من الاقتصاد الأميركي انتعاشاً «معتدلاً» بمعدل نمو يتراوح بين 3 و3.5 في المئة السنة الحالية و3.5 إلى 4.5 في المئة السنة المقبلة. وشدّد على أن هذه الوتيرة التي تواجهها أخطارٌ سلبية ستهبط بمعدل البطالة من 10 في المئة حالياً إلى ما بين 6.5 و7.5 في المئة نهاية عام 2012 وهو مستوى أعلى بكثير من المعدل الذي يحتمله الاقتصاد في المدى البعيد. لكن برنانكي أكد أيضاً أن التضخم سيبقى منضبطاً في المديين القريب والبعيد. وأشار إلى أن أعضاء اللجنة يتوقعون أن يتراوح معدل التضخم بين واحد واثنين في المئة في المدى المنظور وحتى نهاية 2012، ثم يرتفع قليلاً إلى ما بين 1.75 و2 في المئة في المدى البعيد. وقال في المحصلة: إن «أوضاع الاقتصاد والبطالة والتضخم المتوقعة تستوجب مستويات متدنية استثنائية من سعر فائدة قروض الاحتياط المصرفية القصيرة الأجل لفترة مطولة». وعلى رغم ما تحمله توقعات أعضاء لجنة السوق من تلميحات، أو لم تحمله، تفاوتت توقعات المحللين في شأن موعد بدء تشديد السياسة النقدية ووتيرته. ففي حين يرى البعض أن البداية تأتي في الفصل الثالث من السنة الحالية وترفع سعر الفائدة تدريجاً إلى 1.5 في المئة نهاية السنة، مقارنة مع 0.15 في المئة حالياً، واثنين في المئة في العام المقبل، يعتقد محللون آخرون أن الخطوة الأولى ستؤجل إلى الربيع المقبل وترتفع إلى 1.5 في المئة. وتفيد توقعات السياسة النقدية عن عمق التحديات التي تواجهها احتياطات العملات الصعبة العربية والأجنبية عموماً المستثمرة في سندات الخزانة الأميركية، بخاصةٍ الاستثمارات الجديدة التي تضطر منذ بداية أزمة المال، إلى تقاضي عوائد تقل عن نصف معدل التضخم في أذونات الخزانة ذات آجال الاستحقاق المحددة بسنتين أو لا تزيد عنها سوى هامشي، كما في أذونات ذات آجال محددة بخمس سنوات. وأظهرت أيضاً أن الاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الدول الخليجية، تتقدمها السعودية التي توزع ما يزيد على 400 بليون دولار من احتياطاتها المستثمرة في أميركا مناصفة بين سندات الخزانة والأسهم، جنت وتجني فوائد استمرار لجم سعر الفائدة الأميركية لتعويض خسائر أزمة المال في بورصات نيويورك، حيث رفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مقدار المكاسب التي حققها في 2009 وحتى نهاية الشهر الماضي إلى نحو 30 في المئة. وضخت الاستثمارات الأجنبية السهمية، التي يقدر حجمها حالياً بثلاثة تريليونات دولار، نحو 160 بليوناً في بورصات نيويورك في 2009 ما يوازي ثلاثة أضعاف ما استثمرته في الأسهم الأميركية في 2008. وشهد الشهران الأخيران من العام الماضي خفوضات متفاوتة في حصة سندات الخزانة من استثمارات، ليس من الصين (45 بليوناً) فحسب بل أيضاً من روسيا (10 بلايين) وفرنسا (10 بلايين) وآخرين.