الحارثي : إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية تستجيب لتحولات العصر    التستر.. سرطان الاقتصاد    تنظيم النسخة الثالثة من معرض "صنع في السعودية" في الرياض.. ديسمبر المقبل    القوة الناعمة.. السعودية غير؟!    قطة تهرب مخدرات    رسمياً .. الفرنسي"ثيو هيرنانديز"هلالياً    لماذا يداوي القائد المجروح؟    الهلال خير ممثل وسفير    د. إبراهيم الداود: الرياضة ثقافة مجتمعية تسهم في تعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية    ريال مدريد يُخبر النصر بسعر رودريغو    سحب قرعة نهائيات بطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    السينما وعي    مازن حيدر: المُواطَنة تبدأ بالتعرّف على التاريخ    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء ينظم ورشة عمل نوعية بعنوان: "القيادة الإعلامية"    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    رسميًا.. الهلال يضم ثيو هيرنانديز    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر بنجران يزور فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    القبض على باكستانيين في الرياض لترويجهما (2) كجم "شبو"    أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة لعام 2024    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    أمين الشرقية يكرم 29 مراقبًا وقائدًا ميدانيًا تميزوا في برنامج "عدسة بلدي"    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    العلاج الوظيفي: أمل جديد لتحسين حياة المرضى    مدينة جازان للصناعات الأساسية تعلن موعد التسجيل في ورش عمل مهنية بأكاديمية الهيئة الملكية    مفردات من قلب الجنوب ٢    ‫محافظ عفيف يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة الصحة السكانية بالمحافظة    باريس سان جيرمان يتخطى ريال مدريد برباعية ويضرب موعداً مع تشيلسي في نهائي مونديال الاندية    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    السعودية الأولى عالميًا في مؤشر ترابط الطرق    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    رياح مثيرة للأتربة والغبار على معظم مناطق المملكة    أستراليا تطالب روسيا بدفع تعويضات    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    العتيبي يحتفل بزفاف نجله عبدالله    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أكد على تعزيز فرص التعاون مع روسيا..الخريف: السعودية تقود تحولاً صناعياً نوعياً وشاملاً    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    شدد على تسريع مشروعات الطاقة والتوسع في التدريب التقني.. "الشورى" يطالب بتحديث مخططات المدن    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا هذه الاحتفالية بالوضعية الإيرانية؟
نشر في الحياة يوم 22 - 02 - 2010

 تتصدر الدينامية الإيرانية واجهة السياسة، ويشتغل العالم على مخاطر توجهات الجمهورية الإسلامية، التي ما زالت فتية، وينشغل بها. تكاد السياسات المتقابلة، الصادرة عن إيران، والواردة من الإطار الدولي، تتلخص في جملة واحدة هي: مراكمة أسباب المواجهة، وتحويل أمر الصدام العنيف، إلى «مخرج» إجباري.
لكن بعيداً من إدعاءات الحق الرهابي، الغربي، ودعاوى القوة العادلة، الإيرانية، من المهم التنويه بأمرين، الأول، هو حق إيران الطبيعي، في امتلاك أسباب التطور العلمي، والإفادة من منجزاته، هذا إذا كان الأمر يقع في مدار العلم فقط، والثاني، هو نقاش علاقة الوضع العربي، من بوابته القومية العامة، بالوضع الإيراني، وطموحاته، وبالخطوات العملية، التي خطاها هذا الوضع، داخل أكثر من بلد عربي. عليه، ندع جانباً ما يتبادله «الغرب» وإيران من حجج وأقوال، ونذهب مباشرة، إلى الاحتفالية العربية، التي تقيمها أحزاب وحركات، تتوزع على «اليسارية والقومية», مستعيرة لغة نضالية ماضية، في مقاربتها للمعطيات الاجتماعية والسياسية، الجديدة كل الجدّة، أي الغريبة، حقاً، عن أفهام المحتفلين، وعن أفكارهم.
ضمن جمهور المصفقين، للأداء الإيراني، نقع على أكف يسارية بائسة، يتبارى أصحابها في اختراع جبهات معادية للإمبريالية، وفي تصنيع حركات تحرر جديدة، وفي حياكة توليفات تحالفية، بلا ناظم فكري، أو مرشد عمل سياسي. هذا الأداء اليساري، الاحتفالي، صار مفهوماً، لجهة عجزه المستديم، عن تجديد أدواته الفكرية، والنضالية، ولجهة تحول أصحابه إلى قوة شعبية، فاعلة ومؤثرة، في الإطارين الداخلي والدولي، لذلك، يداري اليساريون، الجدد والمستجدون والمتقادمون، قصورهم المزمن، الحقيقي، بالانتساب إلى محاور صراع، يحددون لها أهدافاً من جعبهم، تكاد تكون وهمية!!!
يشترك الهتاف القومي، الاحتفالي، الفاشل، مع الهتاف اليساري البائس، في أكثر من نبرة، وفي العديد من الجمل والعبارات، ويتعداه، احتفالياً، إلى مقولة «المركز النضالي»، الذي تحتله، حسب أوهام قومية شائعة، الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لقد ذهب زمان القاهرة، وغربت شمس بغداد، وبانت حدود دمشق، لذلك يعقد اللواء القومي، لطهران!. يكتفي ورثة «القوميين العرب»، بالتحلق حول المركز، ويدعون لنصرته والدفاع عنه، ويجعلون من بلدانهم ساحات لفعله، وفي ظنّهم أن القضايا القومية الكبرى، أرجح حضوراً من القضايا الوطنية الصغيرة، لذلك فإن مطالب «القطريات» تستطيع الانتظار، إذا ما اقتضت الضرورات الوحدوية ذلك. من جديد، يهرب القوميون والوحدويون، من مواجهة الإشكاليات الداخلية، إلى الشعارات العمومية، لكن الجديد الحالي، هو تحميل مهمة التحرر إلى مركز من خارج «الوطن العربي»، وهذه إشكالية كبرى، تفرض على أصحابها تقديم الحجج والبراهين، حول حصافة الوجهة وصحتها.
يلاقي المسلك الإيراني، الواقعي، عجز المقولات العربية، القومية واليسارية، فينفخ فيها، لأسبابه، عصب الديمومة، ويلحقها به، إلحاقاً مادياً وسياسياً. يتجلى ذلك في منوعات الدعم، الذي تبدأ من التصنيف، الذي يحل حزباً ما أو حركة محددة، منزلة نضالية رفيعة، ومن ثمّ وصفها، وصفاً أخلاقياً سامياً. في المحصلة، لا تتخذ العلاقة شكل التحالف، فالتوازن لا يسمح بذلك، وطرف العلاقة الأقوى، لا يريد الأمر، ولا يسعى إليه، لذلك، يظل الأصح وصف الوضعية، بأنها صيغة «التابع بالمتبوع». لا يقع ذلك موقع الشتيمة، أو الهجاء، فأصحاب الشأن لا ينكرون الالتحاق «الحر الواعي»، ودائماً لأسباب كبرى، تنزل فيها الإيديولوجيا، منزلة القلب النابض، والعقل المحرك.
لكن طموح القوميين واليساريين، إلى مركز نضالي وتحرري، بديل، يصطدم بإشكالية إيرانية، بنيوية، ذلك، أن إيران لا تقوى على أن تكون مركز هذا المركز، لسبب يتعلق بطبيعة النظام الحاكم، وبمنطلقاته، وبأهدافه، وبرؤيته لدوره، ضمن المدى الإقليمي. كما سلف، الجمهورية الإسلامية في إيران، مستثناة من الإطار القومي العربي، وهي ليست حركة تحرر وطني، وصلت إلى الحكم، بالمعنى المتعارف عليه، لحركات التحرر، كما أن البلد الإسلامي هذا، يستند إلى «فقه إسلامي خاص»، لذلك، فهو غير مرشح لأن يكون مركزاً أممياً إسلامياً، يتمتع بصفة الجذب، وبخاصية الاقتداء به، لبناء ما يحاكيه أو يدانيه، أو يشبهه. يبقى السؤال: ما الذي يجمع بين الأممية الإسلامية، إن وجدت؟ وبين الطموح إلى أمميات أو قوميات من نوع آخر! ثم ما حصيلة ما ساد من أمميات عابرة؟ وهل طابقت إدعاءاتها ممارساتها؟ هذا قبل الانتقال من خيبة السابق إلى آمال اللاحق!
نأتي إلى بيت القصيد، للقول، أن لا سبب جوهرياً، يدعو المحتفين بالدور الإيراني، إلى إعلان الغبطة، فما تفعله إيران، هو بناء موقعها وتوسيع شبكة نفوذها، إقليمياً، لتنال الاعتراف والتكريس الدوليين، في هذه المنطقة الحساسة من العالم. نؤكد، أن الدولة الإيرانية حرّة في طموحاتها، وسعيها إلى تأكيد أرجحيتها، مشروع، دون إطالة النقاش، حول أين تبدأ حقوق إيران، وأين تقف عند حدود واجباتها. لكن ما يجب أن يكون واضحاً، لأصحاب الاحتفالية اليسارية والقومية، هو أن الوزن الإيراني، لا يشكل إضافة إلى «الأمن القومي العربي»، بل إنه قد ينتقص منه جوهرياً. هذا حديث مصالح، وحديث أوزان، والثابت أن الوزن العربي، حالياً، في حالة تلاشي، لذلك، فإن الميزان لا يشعر إلا بالأحمال الثقيلة، التي تجثم فوق كفتيه. بهذا المعنى، تتأرجح «المحصلة العربية»، بين أقطاب وازنة، تسعى للفوز بالحصة الكبرى المهيمنة، على صياغة وجهتها، وعلى توظيفها في صالحها. أقطاب الوزن حالياً، إسرائيل، التي هي عدو بالتعريف الواضح، وتركيا وإيران، اللتان تجهدان لبناء منظومتي مصالحهما، مع العرب، وبواسطتهم.... مع اختلاف أحكام موقعي البلدين المذكورين، وتطلعاتهما... يبقى الغائب، مجدداً، الوضع العربي، الذي لم يستطع الحضور كقطب ذي فعالية، يكون جاراً متفاعلاً مع من يخطب وده، ويستعصي على الاستتباع من قبل من يريده ورقة هشة للتوظيف... المجاني. ألا يستحق ذلك إقلاق اليساريين والقوميين، الغارقين في متعة التصفيق؟!
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.