في موعده السنوي الذي يُصادف في إجازة صيف التلفزيون الهولندي وقبل شهر من بداية الدورة التلفزيونية الشتوية المقبلة، انطلقت أخيراً النسخة السابعة من مختبر التلفزيون الهولندي، تُرافقها ضجة إعلامية كبيرة. على مدار أسبوع، تفتح القناة الهولندية الحكومية الثالثة أبوابها لأكثر التجارب التلفزيونية تجريباً. وتفتح مع صناعها وخبراء إعلاميين نقاشات على الهواء عن حال التلفزيون اليوم وأهوائه، مُركزة على فئة الشباب التي تتجه البرامج الجديدة إليها. ماذا يعجبهم؟ وكيف يتفاعلون في عصر الإنترنت مع ما يعرض على شاشات الجهاز الترفيهي التقليدي؟ واللافت أن على رغم مكانة هولندا المتقدمة في عالم تصدير «الفورمات» التلفزيونية الى دول العالم (تأتي الدولة الاوروبية الصغيرة في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولاياتالمتحدة وبريطانيا)، إلا أن مختبر التلفزيون نفسه كتجربة تلفزيونية فريدة لم يتم استنساخه عالمياً، وكما كان متوقعاً. هذا على رغم أن المختبر كان السبب وراء ولادة مجموعة كبيرة من البرامج التي انطلقت من على منصته، قبل أن تتطور الى برامج كاملة. بل أن بعضها بيع لدول عدة، إذ يقدر معدل البرامج التي تم عرضها ضمن مختبر التلفزيون ووصلت بعدها الى الجمهور بخمسة برامج كل عام. الأمر الذي يعد رقماً كبيراً لتجربة تلفزيونية بموازنات محدودة ومن دون شروط صعبة للاشتراك. تتلخص فكرة المختبر، بدعوة مهتمين لإرسال أفكارهم الجديدة الى المختبر، ثم اختيار بعضها (ما يقارب 12 فكرة كل عام) لإنجاز حلقات تجريبية منها. بعدها تعرض البرامج طوال أسبوع مع فتح التصويت أمام الجمهور الذي سيكون له دور مهم في الاختيارات التي تتم لاحقاً، بغية انتقاء بعض تلك الأفكار حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج التلفزيوني، إذ يقدم منها مواسم أولى، تعرض على شاشات التلفزيون الهولندي الحكومية الثلاث. تهيمن الكوميديا على مختبر هذا العام، وهي في مجملها كوميديا سوداء تتميز بإمكان نقل مناخاتها الى ثقافات ولغات أخرى. ففي مسلسل «ديب»، نتعرف الى شاب يعيش حياته على مواقع التواصل الاجتماعي، غير واع بعجزه عن إقامة علاقات سوية بمحيطه. أما مسلسل «مليونير» فهو عن عائلة من الأغنياء تفقد أموالها فجأة، وعلى أفرادها تعوّد العيش بموارد مالية قليلة. في حين يقدم مسلسل «روندفنك» الحياة في مدرسة ثانوية، مع ممثلين في العشرينات من عمرهم، وليس في سنّ طلاب المدارس الثانوية، لتضيف هذه التفصيلة الكثير من الكوميديا للعمل، الذي يتطرّف في تحطيمه للتابوات الاجتماعية. أمّا على صعيد البرامج التسجيلية وبرامج تلفزيون الواقع، فتتنوع الأفكار التلفزيونية لهذا العام. فبرنامج «قبل النجاح» يعود مع مشاهير هولنديين الى الوظيفة الأولى التي قاموا بها في شبابهم، مكرراً معهم تجربة أجواء العمل تلك وعلى قدر المستطاع، مقدماً تنويعاً جديداً لبرامج الحوارات مع المشاهير. في حين يقدم برنامج «هاكرز» العالم السريّ لاختراق شبكة الإنترنت. لكنّ البرنامج لا يكتفي بأمثلة عامة بل يغوص في ما يحدث في المدارس الهولندية، وكيف يقوم طلّاب عاديون باختراق المواقع الإلكترونية الخاصة بمدارسهم لتغيير درجاتهم. ويتناول برنامج «نادي 27» ظاهرة موت بعض مشاهير الغناء في عمر السابعة والعشرين، إذ يقدم في حلقته التجريبية الحياة الصاخبة المأسوية للمطربة البريطانية الراحلة ايمي واينهاوس. يُعَدّ مختبر التلفزيون مناسبة كبيرة لصناع التلفزيون من الهواة والمحترفين على حد سواء لتقديم أفكار جديدة وتجريبها، وقياس ردود الأفعال عليها عبر التصويت الذي ينظمه المختبر التلفزيوني على الهواء، وتعليقات المشاهدين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن المختبر ينسجم مع التقاليد الهولندية في التجريب دون الخوف من الخطأ، وعدم التورط مباشرة في صرف مبالغ باهظة لإنتاج برامج تلفزيونية ضخمة ربما لن يشاهدها أحد.